حاوره: رئيس التحرير:
دعا “رئيس حركة العدل والمساواة السودانية” الدكتور جبريل إبراهيم ” النظام ( السوداني) ورجاله” إلى “مواجهة الواقع المر، والبحث عن حلول حقيقية للبلاد”، وشدد في حوار شامل مع صحيفة ” التحرير” الالكترونية على أن “في رقبة النظام و رجاله مسؤولية تاريخية، وعليهم تجاوز خداع الذات”.
وفيما قال إن على ” النظام أن يعود الى الرشد، وأن لا يغتر بكوة علاقات في الغرب أو الخليج”، قال بشأن تشكيل الحكومة الجديدة (التي أعلنت مساء الخميس الماضي 11 مايو 2017) إن “الحوار مكًن حكم الفرد و جمع كل السلطات في يده ( يد الرئيس البشير من دون أن يسميه) ، والقرار باق عنده و عند حزبه”، وقال إن مشاركة حزب “المؤتمر الشعبي” في الحكومة ” ستحمله أوزار النظام وتبعات سياساته”.
وأكد أن الصراع في دارفور لن ينتهي من دون مخاطبة جذور المشكلة بصورة ترضي الشعب”، وان ” الطريق الى الدوحة لا يحتاج الى وسيط”، وقال إن ” الحقوق لا تموت بالرصاص ولو ذهب كل الذين يحملون السلاح” ، وأضاف ” هزمنا قوات النظام ومليشياته في مئة معركة والنظام انتصر في معركة واحدة”، وقال ” أنا لا أهدد ، لكن النظام يعلم أن الحركة تعني ما تقول”.
ونفى وجود حوار حقيقي بين حركة العدل وبين النظام ، كما نفى أن تكون هناك قوات من حركة العدل تقاتل الى جانب خليفة حفتر في ليبيا، أو دعماً لـ ( رئيس جنوب السودان) سلفاكير ميارديت، كما لفت الى أن “خمسة ملايين من الشعب يستجدون طعامهم من الأجنبي”و رأى أن ” حل الأزمة السودانية يكمن في تأسيس دولة سودانية عبر عقد اجتماعي جديد”.
وهنا وقائع الحوار.
* نبدأ من قضية الساعة، كيف ترى تشكيلة الحكومة الجديدة التي سماها نظام الرئيس عمر البشير ” حكومة وفاق وطني”، هل تتوقع نجاحها في لم الشمل السوداني ولماذا؟
– كما تنبأ الذين رفضوا السير في زفة “حوار الوثبة”، حوار “قاعة الصداقة” فشل فشلا ذريعا في احداث تغيير يذكر في بنية الإنقاذ أو إيقاف الحرب و انتهاكات حقوق الإنسان، أو تحقيق تحول ديمقراطي، أو حتى فرجة معقولة في الحريات.
الحوار مكًن حكم الفرد و جمع كل السلطات في يده، والقرار باق عنده و عند حزبه، أما الحكومة الجديدة فلا تعدو أن تكون محاولة تزيين للنظام ببعض المساحيق قليلة القيمة و الأثر. انتهى حوار الوثبة إلى جيش من الدستوريين يقتات من فقر الشعب دون أثر يرتجى منهم.
* في ظل هذا المناخ ، كيف ترى حل الأزمة السودانية؟
– المشكلة السودانية معقدة، وذات أبعاد متعددة و جذور تاريخية. ويكمن حلها في التأسيس للدولة السودانية عبر عقد اجتماعي جديد يمكن التوصّل إليه بتحقيق السلام العادل الشامل وابتدار حوار، و ائتمار حقيقي حر جامع يشترك فيه كل مكونات السودان الاجتماعية و الجغرافية و السياسية.
* لكن رئيس الوزراء الفريق بكري حسن صالح أعلن في مؤتمر صحافي أنهم سيواصلون الحوار مع الممانعين و أنتم في حركة العدل و المساواة منهم؟
– ليس بيننا و بين النظام حوار حقيقي حتى يواصلوا فيه. نحن طالبناهم بالجلوس معنا في مؤتمر تحضيري للتأسيس لحوار حقيقي جاد ومتكافيء، و لكنهم آثروا السير في حوار الذات الذي انتهى بمحاصصة هزلية. ولو اكتشفوا أنهم كانوا على خطأ و اختاروا تصحيح المسار بحوار قائم على أسس صحيحة و في ظروف مواتية فنحن جاهزون.
*هل تعتقد أن النظام سيصل في لحظة فارقة إلى الاقتناع بإجراء حوار موسع يضم الجميع و في مناخ حر للتوصل لمخرج للأزمة؟
– تبني الحوار الحر يحتاج إلى قدر كبير من الثقة بالنفس وإرادة حقيقية للتغيير. ولكن الظاهر عندي أن هذا القدر من الثقة غير متوفرة عند النظام. ومع انعدام الثقة بالذات تنعدم إرادة التغيير، و الله لا يغيير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. رجائي أن يخذلني النظام بإثبات عكس ما ذهبت إليه لأن في ذلك مصلحة البلاد والعباد.
*يلاحظ أن قوى نداء السودان ( حركة العدل عضو في النداء) تكتفي بإدانة سلوك النظام و هي لم تفلح حتى الآن في طرح تصوّر يجد تفاعلاً في الشارع السوداني؟
– عدم إدانة السلوك الذي يستحق الإدانة خذلان وتقاعس عن أداء واجب. ولكن أتفق معك أن مجرد سيل الإدانات من غير فعل يحق الحق ويبطل الباطل لن يحقق الهدف المنشود. عيوب النظام والآثار السالبة لسياساته مست كل طفل و امرأة و شيخ. والشعب ليس في حاجة إلى من يُبصّره بها. ويكفي أن ما يقارب الملايين الخمس منهم يعيشون في معسكرات نزوح و لجوء، يستجدون طعامهم من الأجنبي، و وباء الفقر الذي يتمدد في ساحات الوطن في كل لحظة، و فقدان الشباب للأمل دليلاً على أن النظام قد أوصل البلاد إلى حافة الهاوية.
أعدّت قوى نداء السودان سياسات بديلة تحقق السلام والاستقرار والنماء، وترد للإنسان السوداني عزّته وكرامته. ولكن من العسير أن تجد هذه البدائل طريقها إلى الشعب لينفعل بها بسبب الكبت و التغييب و التجهيل الذي يمارسه النظام.
*يقال أن هنالك خلافات عميقة داخل “نداء السودان ” و داخل حركة العدل أيضاً؟
– نداء السودان تحالف لتنظيمات و كيانات ذات خلفيات و رؤى و وسائل مختلفة. و ليس مرجواً من مثل هذه التحالفات أن تتوفر فيها الانسجام الكامل و التوافق في كل صغيرة و كبيرة. وخلافاً للتضخيم المتعمد والمغرض للخلافات داخل قوى نداء السودان من طرف الخصم.
هنالك اتفاق بين هذه القوى في الهدف و في خط السير الذي إن اتبعناه وصلنا إلى الهدف. رؤية قوى نداء السودان و أدبياتها التي تؤمّن على ما ذهبنا إليه مبثوثة و متوفرة في وسائل الاعلام.
الحديث عن خلافات داخل حركة العدل و المساواة السودانية لن ينقطع قبل أن يتحقق السلام و التغيير البنيوي المنشود. ولكننا نطمئن أهل السودان جميعاً أن الحركة بخير و ماضية في سبيل تحقيق أهدافها رغم الصعاب.
*و هل من لقاء قادم لقوى نداء السودان و أين و لماذا؟
– من المتوقع أن تكون هنالك دعوة لانعقاد المجلس القيادي لنداء السودان في المستقبل القريب لتقييم الأوضاع في البلاد و لتفعيل البرامج المتفق عليها. لم يتحدد الزمان و المكان بعد.
*من المفارقات وجود قوى للمعارضة في نداء السودان و قوى أخرى باسم (قوى الاجماع الوطني). هل الخلاف بينهما إستراتيجي أم تكتيكي؟
– “و لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة و لا يزالون مختلفين”. الخلاف مكوّن أصيل من طبيعة البشر، و لو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض. فالخلاف موجود في النظام كما في المعارضة. و الخلاف بين قوى نداء السودان و قوى الاجماع خلاف وسائل و ليس خلاف هدف. المجموعة الأولى ترى ضرورة أن تكون كل وسائل الوصول إلى تغيير النظام مفتوحة و متاحة، و المجموعة الثانية ترى الاقتصار على وسيلة واحدة.
*يلاحظ أن حركة العدل و المساواة باتت تعطي أولوية للحوار و الحل السلمي عبر المفاوضات مع الحكومة. هل هذا صحيح؟
– موقف الحركة في تقديم الحل السلمي على الحلول الأخرى موقف ثابت منذ النشأة، و منذ ما قبل حمل السلاح، و كل أدبيات الحركة تؤكد ذلك. فالموقف صحيح و ليس بمستجد.
*لكن لاحظنا في كلمة كتبتها قبل أيام بمناسبة مرور يوم (الذراع الطويل وهو تاريخ دخول قوات الحركة الى العاصمة السودانية بقوة السلاح)، لاحظنا أنك هددت باللجوء لخيار المواجهة العسكرية في حال لم يستجب النظام لنداءات المعارضة. هل هذا تلويح بالعمل العسكري فقط للتهديد؟
– تقديم الحل السلمي المتفاض عليه لا يلغي الخيارات الأخرى بل تكون الخيارات الأخرى مفروضة على الحركة عندما لا يؤمن النظام إلا بالحلول العسكرية الأمنية. أنا لم أهدد، و لكن النظام يعلم أن الحركة تعني ما تقول.
*الحكومة وجهت ضربات قوية لحركة العدل و المساواة و قالت أن الصراع المسلح في دارفور قد أنتهى؟
– أولاً هزمت الحركة قوات النظام و مليشياته في معارك تجاوزت المئة و لا يستطيع النظام أن يتحدث عن النصر إلا في معركة واحدة مقابل ذلك. و من طبيعة الحرب أن تخسر بعض المعارك و لكن الحرص في ألا تخسر الحرب نفسها.
ثانياً الصراع في دارفور لن ينتهي من دون مخاطبة جذور المشكلة التي أدت إليها بصورة ترضي الشعب. و هي نفس المشكلة التي تعاني منها كل الأقليم المهمشة في السودان بدرجات متفاوتة. الحقوق لا تموت بالرصاص. و حتى لو ذهب كل الذين يحملون السلاح فداءً لقضيتهم، سينبت الأرض مليون ثائر إن لم تحل المشكلة.
*أين أنتم الآن أي أين فاعليتكم على الساحة السودانية؟
– إن كنت تقصد ب”أنتم” حركة العدل و المساواة السودانية، فنحن موجودون وسط النساء و الطلاب و الشباب و المهنيين و وسط النازحين و اللاجئين و وسط الشعب عموماً. كما أننا موجودون في ميادين القتال و علاقاتنا ممتدة في المحيط الإقليمي و الدولي. الفاعلية أمر تقدير و تقيدها الظروف و لكن طرحنا يجد قبولاً واسعاً لدى الشعب السوداني.
*هل صحيح أن هنالك وساطة يقوم بها الرئيس التشادي لضمكم لاتفاق الدوحة لسلام دارفور؟
– لا علم لي بوساطة يقوم بها الرئيس التشادي في الوقت الحالي. و الطريق إلى الدوحة لا يحتاج إلى وسيط إذا وصلنا إلى قناعة بأن السلام الشامل الذي نسعى إليه يمكن تحقيقه عبرها. هذا لا يمنع الرئيس التشادي أو اليوغندي أو أي طرف أخر من القيام بدور يضيق شقة الخلاف بين أطراف الصراع، و لا ينتقص من حقيقة أن الرئيس التشادي قد قام بمساع متواصلة منذ بواكير الثورة لتحقيق السلام في دارفور بصورة خاصة.
*ما خفايا زيارتك قبل أشهر إلى قطر؟
آخر عهدي بدولة قطر كان في الأول من شهر يونيو 2016 أي قبل حوالي العام، وليس في الأمر خفايا لأنها كانت زيارة علنية رداً على زيارة قام بها نائب رئيس الوزراء القطري( أحمد بن عبد الله آل محمود) إلى باريس للقاء حركتي العدل و المساواة السودانية و تحرير السودان بقيادة مناوي. و قد حضر اللقاء الوسيط الإفريقي الأممي رئيس اليوناميد. و كان موضوعه الأوحد موقع وثيقة الدوحة من أي مفاوضات أو اتفاق سلام قادم لو قبل الناس بالدوحة منبراً للتفاوض و لم نصل في الأمر إلى اتفاق.
*يتردد أنكم موجودون في ليبيا و تحاربون دعما لحفتر؟
– نفس الجهات التي تدعي أن حركة العدل و المساواة السودانية قد انتهت و ليس لها وجود عسكري، يتهمونها بالقتال بجانب حكومة جنوب السودان بآلاف الرجال و كذلك الحال في ليبيا. عليهم أن يختاروا بين أن الحركة موجودة و قوية و لها أذرع أخطبوطية في كل مكان، و بين أنها قد انتهت و لا وجود لها حتى يقضوا على هذا التناقض المكشوف الذي يستخف بالعقول. نحن لا نقاتل بجانب حفتر أو سلفا، و الغريب أن حفتر نفسه يدعي بأن الحركة تقاتله!
*أنتم تدعون الحكومة لمراجعة خطاها فهل تفعلون الشيء نفسه مع أنفسكم؟
– مراجعة النفس أمر طبيعي و مطلوب بإلحاح لكل من لا عصمة له و كلنا خطّاؤن، و المراجعة أمر دوري و مؤسسي في تنظيمنا.
*كيف ترى مشاركة حزب “المؤتمر الشعبي” في الحكومة الجديدة، و هل تعتقد بأن الأمين العام الجديد للحزب الدكتور علي الحاج يواجه ضغوطاً و تحديات من داخل الحزب و الحكومة معاً؟
– أهل المؤتمر الشعبي أدري بشأنهم، و قد يتوافرون على معلومات و حقائق غائبة عنا أملت عليهم قرار المشاركة. و لكن رأيي الشخصي أن هذه المشاركة لن تحدث تغييراً يذكر في سلوك النظام، و سيتحمل المؤتمر الشعبي أوزار النظام و تبعات سياساته. و لا أرى وجهاً للقياس بين هذه المشاركة و المصالحة مع نظام مايو عام 1977 لأن الظروف مختلفة تماماً.
أما مسألة الضغوط و التحديات، فالذي يأتي خلفاً لرجل في قامة الشيخ حسن الترابي عليه رحمة الله قدره أن يواجه تحديات جسيمة لسد الفراغ الكبير الذي تركه الشيخ الراحل و لو كان الخلف في قامة و خبرة الدكتور علي الحاج. و لكن ما هذه إلا أعراض الفترة الانتقالية، و سيستتب له الأمر و للدكتور علي الحاج الذي لا يعرف المستحيل أو الجمود ميزات جعلت إخوانه يسلموه مقود سفينتهم في هذا البحر المتلاطم الأمواج.
* في هذا الاطار ، هل يوجد تواصل بين حركة العدل و المساواة و الإدارة الأمريكية الجديدة و هل صحيح أنكم تتعرضون لضغوط أمريكية لتتصالحوا مع البشير؟
– علاقة الحركة و المعارضة عموماً بالحكومة الأمريكية في العادة عبر وزارة خارجيتها و مبعوثها الخاص و عبر قنوات أخرى بما فيها الكونغرس و مجموعات الضغط. نحن على صلة بكل هذه الجهات عدا المبعوث الخاص الذي لم يتم تعيينه بعد، و لكننا لا ندعي وصلاً خاصاً بالرئيس الجديد.
-وهل تلقيتم أفكاراً من أي دولة أوربية بشأن السلام و الحوار بينكم و الحكومة السودانية؟
– ليست هنالك أفكار خاصة من أي جهة، ومن المفترض أن تأتي الأفكار الخاصة من الأطراف السودانية في النظام و في المعارضة لأن هذا شأن سوداني في الأساس، أما مساعي تسهيل اللقاءات فلم تتوقف في يوم من الأيام من أطراف أوربية و غير أوربية و قد نكون في ألمانيا قريباً لذات الغرض.
*في ختام حوارنا، ما رسالتك للحكومة؟ و للمعارضة؟
-أقول للنظام أوب إلى رشدك و لا تغتر بكوة علاقات انفتحت في الغرب أو الخليج، فحل مشكلة السودان عند أهله و لن يغني عنك خطب ود العالم و رضاه عن حاجتك لرضا أهل السودان. في رقبة النظام و رجاله مسؤولية تاريخية، وعليهم تجاوز خداع الذات إلى مواجهة الواقع المر، و البحث عن حلول حقيقية للبلاد.
أقول لأهل المعارضة، نحن الذين نمدّ في عمر النظام بخلافاتنا و أنانياتنا التنظيمة الضيقة. و حقيقة وجودنا في المعارضة لا تسقط عنا مسئولية المأساة التي تعيشها بلادنا ما لم نتصدى لواجب التغيير بالوحدة و التواضع على برنامج حد أدنى. التمترس في المواقف و ادعاء احتكار الحقيقية و الصواب لا يخدم أحداً.
Online Drugstore,cialis 5mg buy,Free shipping,buy clomid,Discount 10%cialis black order