الخرطوم – تقرير: التحرير:
يبدو أن الضائقة الاقتصادية التي تعانيها البلاد قد دفعت الحكومة دفعاً إلى اتخاذ بعض الإجراءات؛ بغية تدارك الأزمة التي استفحلت وتطاولت بشكل مخيف، والتي تمثلت في قرار حل الحكومة الحالية، وتقليص الجهاز التنفيذي، على الرغم من أن كثيراً من المراقبين رأوا أن هذه التحركات من قبل الحكومة اجراءات شكلية لا تساهم بأي حال في معالجة المشكلات التي تعانيها البلاد؛ لأن الأزمة سياسية في المقام الأول، ولا بد من اتباع خطوات معينة إذا ما كانت الحكومة جادة في محاولة تلافي الانهيار الكامل للدولة، والذي بدأت ارهاصاته تلوح في الأفق.
ردود فعل كبيرة
أقر المكتب القيادي للمؤتمر الوطني في اجتماع طارئ انعقد بالمركز العام للحزب برئاسة رئيس الجمهورية ورئيس المؤتمر الوطني المشير عمر البشير أمس الأحد 9 سبتمبر حل الحكومة، وتقليص وزارات الجهاز التنفيذي من 31 وزارة إلى 21 وزارة.
صديق يوسف
وجد القرار ردود فعل كبيرة من القوى السياسية التي أشارت إلى تفاقم الأزمات بالبلاد، وانتقدت تلك القوى سياسات الحزب الحاكم وفشله في إدارة الدولة، وقال عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي السوداني صديق يوسف: “إن التكوين الوزاري لا يهمهم بقدر ما تهمهم سياسة النظام وكل ما تم هو تغيير أشخاص طالما أن سياسات النظام لم تتغير فسيظل الوضع كما هو، ونفى يوسف في حديثه لـ(التحرير) إمكانية تخفيف هذا الإجراء للميزانية واصفاً الخطوة التي تمت بأنها تمثل قطرة في حل الأزمة الاقتصادية، التي عدّها أبعد وأعمق من أن تعالجها مرتبات كان يتقاضاها من تم تسريحهم”.
ولفت عضو اللجنة المركزية للشيوعي إلى الانهيار التام للدولة من الناحية المالية وتدمير المشروعات المنتجة من النظام، وأكد يوسف أن أي تغيير في الأشخاص لن يصلح الحال، منوهاً في الوقت ذاته بأن النظام ليس لديه ما يقدمه من بدائل، وقال: “إن المعارضة هي من تمتلك البدائل التي يحتاج تحقيقها إلى إصلاح الوضع الاقتصادي، ووقف الحرب، وتطبيق سياسات بديلة”.
وأكد أن الحل بالنسبة إلى الشعب السوداني يكمن في زوال هذا النظام وتابع بالقول: “التخريب الذي ارتكبه النظام لا يحتاج إلى مغالطة”.
عدم شعور المواطن بالتغيرات
محمد المهدي
وأشار رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة القومي محمد المهدي إلى أن الخطوة قد قصد بها تقليل الإنفاق، واستدرك قائلاً: “لكن هذا الأمر يعدّ جزئية صغيرة من خمس خطوات”، ذاهباً إلى أن تقليل الإنفاق ليس في تقليص الإدارة الحكومية، وأبان المهدي في إفادته لـ(التحرير) أن تقليص الإنفاق مرتبط بحجم الجيش الجرار من الدستوريين في الولايات والصرف الأمني، ومرتبط كذلك بوقف الحرب.
ونوه رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة القومي بأن وجود خمس قضايا قال: “إن كلاً منها تمسك بتلابيب الأخرى، أولها الخلاف في رئاسة الجمهورية، والعلاقات الخارجية التي تؤدي دوراً أساسياً في الوضع الاقتصادي للبلاد، فضلاً عن قضية الفساد المحمية برأس الدولة، إضافة إلى مشكلة الإنتاج والإنتاجية، وهي الأخرى مرتبطة بعلاقات البلاد الخارجية، وأكد المهدي أن قضية البلاد مرتبطة بجملة إصلاحات أساسية فضلاً عن الحاجة الضرورية لمعالجة الأزمة السياسية، وتوقع عدم شعور المواطن بهذه التغيرات في حياته اليومية، وأضاف أن هذه التغييرات ستظل في الإعلام وأضابير الحزب الحاكم، وبالتالي ستفجر صراعاً داخلياً لمحدودية كيكة السلطة.
إعادة تدوير الوجوه
علق ناشطون بمواقع التواصل الاجتماعي على قرار حل الحكومة وتقليص المناصب التنفيذية بمداخلات كانت في مجملها منتقدة لكل سياسات الحكومة، وخطواتها، التي تعمل على تجميل القبيح، فقد أشار أحد المغردين على موقع الفيسبوك إلى أن التغيير الحقيقي يكون عبر سياسات بديلة للدولة، وليس في تغيير الأشخاص، بينما قال آخر: “في تقديري أن الذي تم ليس إعلان تشكيل حكومة جديدة كما زعم الرئيس البشير، بل هو إعادة تبديل وتدوير للوجوه، والحرس القديم، عبر عملية ترقيع و(تلتيق) بهدف تجميل القبح، وإلهاء الشعب، وصرف الناس عن القضايا الأساسية والجوهرية، وإطالة عمر النظام، بسيناريو جديد، في وقت يحتفظ فيه الحزب الحاكم بالعدد الأكبر من مقاعد الحكومة وكرسي السلطة إلى يوم الدين” .
خطوة شجاعة
من جانبها، رحبت حركة العدل والمساواة بقيادة بخيت عبد الكريم دبجو المشاركة في الحوار الوطني بالقرارات التي أعلنها رئيس الجمهورية، والخاصة بحل حكومة الوفاق الوطني، ودعت إلى مزيد من المشاورات لتشكيل الحكومة المقبلة لتمثل كل المكونات السياسية.
ورأت الحركة في بيان ممهور بتوقيع ناطقها الرسمي محمد جابر عبد الله “أن الخطوة شجاعة وغير مسبوقة، وفي الاتجاه الصحيح نحو الإصلاح السياسي”، وقالت: “إن هذه الخطوة جاءت في وقتها المناسب لتخفيف معاناة المواطنين، وإيجاد حلول للأزمة الاقتصادية، التي أحد أسبابها ترهل الجهاز التنفيذي اتحادياً وولائياً”، وأشار جابر إلى أن القرارات مستحقة وتطلبتها ظروف البلاد.