تقرير- الخرطوم _التحرير:
تداول ناشطون بمواقع التواصل الاجتماعي بياناً منسوباً إلى بعض نواب البرلمان وممهور بتوقيعاتهم يطالبون فيه بإقالة نائبة رئيس البرلمان والقيادية بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل عائشة أحمد محمد صالح.
وحسب البيان الذي نسب إلى قيادات برلمانية من حزب المؤتمر الوطني والحزب الاتحادي الأصل، فإن الإقالة فرضتها ضرورة تطوير الشراكة بين الحزبين وتعزيزها؛ لأن عائشة كانت دائماً ما تقف حجر عثرة أمامها، تلك إذن كانت مبررات الذين نشروا البيان تحت توقيعهم.
طعن بالتزوير :
مثابة حاج
النائبة البرلمانية والقيادية بالاتحادي الأصل مثابة حاج حسن تبرأت من البيان المتداول، وطعنت في صحته، وقالت: “إنه مزور”، وكشفت عن تحريكها إجراءات قانونية انابة عن زملائها في مواجهة مروجي البيان المضروب لدى نيابة المعلوماتية، وتدوين بلاغات جنائية ضد بعض الصحف التي نشرت خبراً من البيان دون التأكد من صحته .
وتوعدت مثابة بملاحقة مزور البيان قانونياً، وأشارت بأصابع الاتهام إلى تورط جهات لم تسمها، لكنها شددت على أن لها مصلحة في تزوير البيان بأسماء نواب وتوقيعاتهم.
في وقت تحصلت (التحرير) على معلومات تفيد بأن النواب الواردة أسمائهم وتوقيعاتهم في البيان تتقارب معظم أرقام مقاعدهم داخل القبة، ما يعني أن الفاعل كان دقيقاً في إيراد أسماء يربط بينها على الأقل صلة الجيرة داخل القاعة، بغض النظر عن اتفاقهم حول عائشة أو اختلافهم حول منهجها داخل البرلمان .
استهداف :
وبالمقابل فإن النواب الواردة توقيعاتهم في البرلمان من الحزب الاتحادي الأصل محسوبون على مجموعة المشاركة الأولى في عام 2015م، والمعروفة بولائها للسيد الحسن الميرغني، وهي المجموعة ذاتها التي تنتمي إليها عائشة نائبة رئيس البرلمان، وهو ما يفسره مصدر من داخل المجموعة – فضل عدم ذكر اسمه – بأن من زور البيان كان يستهدف المجموعة، وإحداث شرخ داخلها كما فعل في مواقف مشابهة، وأضاف المصدر أن المزور قصد إيراد هذه الأسماء تحديداً دون غيرها من النواب، حتى يطمئن المطلع على البيان من صحته؛ لكون أن الصراع هو بالضرورة صراع داخل المجموعة وليس صراعاً بين تيارين داخل الحزب الاتحادي الأصل .
الحسن والدواعش :
وبالرجوع إلى طبيعة الصراع داخل الحزب الاتحادي الأصل، فإن الأمر- وحسب المصدر – لا يخرج من دائرة التنافس المحموم بين التيارين – تيار الحسن الميرغني وتيار ما يطلق عليهم الدواعش – والسعي إلى كسب أي منهما لأراضٍ جديدة داخل السلطة بشقيها التنفيذي والتشريعي في إطار الحصة المخصصة للحزب من السلطة .
ويقول المصدر: “إبعاد عائشة بالطبع رتب له ترتيباً دقيقاً من تيار الدواعش، بخاصة أن التسريبات تقول: “ان البديل المحتمل هو القيادي بالحزب والنائب البرلماني محمد المعتصم حاكم الذي فارق تيار الحسن بشكل مفاجئ، وانضم للتيار الآخر ، وظل أحد المقربين جدا من القيادي بالتيار الآخر أحمد سعد عمر” .
حسب المصدر فإن حاكم يحظى أيضا بقبول مقربين من رئيس الحزب مولانا محمد عثمان الميرغني، ولم يستبعد أن يكون المقربون وراء ترشيحه ليكون بديلاً لعائشة .
حاكم البديل:
محمد المعتصم حاكم
مجالس الاتحاديين الخاصة تناقلت معلومات عن أن قيادات بحزب المؤتمر الوطني ضاقت ذرعاً بعائشة التي ظلت ناقدة داخل البرلمان لمعظم سياسات السلطة التنفيذية، وتهاجم قيادات نافذة في الحزب الحاكم، وطلبت ذات القيادات بضرورة استبدالها بشخصية وفاقية تتماهى مع سياسات السلطة التنفيذية في المرحلة المقبل، فكان الخيار الأفضل للمرحلة القادمة محمد المعتصم، ولا سيما أنه ظل في الفترة الأخيرة متماهياً مع كل ما يأتي من وزارات شارع النيل وتقاريرها التي تدفع بها إلى منضدة النواب تحت قبة البرلمان .
وكانت حملة مشابهة لما يدور الآن أطاحت بنائب رئيس المجلس التشريعي ولاية الخرطوم محمد هاشم عمر، وهو محسوب حزبيا على تيار الحسن الميرغني، بيد أن الحد الفاصل بين الحالتين في أن هاشم راح ضحية أطماع شخصية لإحدى قيادات تياره مدفوعاً من قيادات داخل الوطني حسب معلومات حصلت عليها (التحرير )، ولكن وجه الشبه بين الحالتين في أن كلاً من عائشة وهاشم كانا مصدر إزعاج للحزب الحاكم بعلو صوتهما داخل الجلسات، وكشفهما عدداً من ملفات فساد ربما كانت سبباً في مطالبة الحزب الحاكم بضرورة إقالتهما من منصيبهما الرفيعين.
عقبة اللائحة
لكن الطريق الذي سلكه الاتحادي لإقالة عائشة بدأ غير سالك -حسبما يرى مراقبون – بعد أن اصطدم بلائحة البرلمان التي تسهل عملية الاستقالة، وتعقد إجراءات الإقالة حتى تسد ذريعة الإقالة لمجرد الخلاف في وجهات النظر ،ومنهج توجيه النقد تحت القبة، فبدأت الحملة تتراجع بعد أن انطلقت بقوة ثم اصطدمت بهذه العقبة، ويضيف المراقبون أن البيان المزور هو محاولة للقفز فوق الزانة لتجاوز صخرة اللائحة، لكنها باءت بالفشل بعد أن تبرأ منه النواب، بل وسلكوا طريق القضاء للنيل من الجاني مرتكب جريمة التزوير .