رصد- التحرير:
في النصف الآخر من الكرة الأرضية يتجمع آلاف المتظاهرين الشجعان في الشوارع مرددين شعار “سلمية .. سلمية”، يهتفون ويسيرون رغم أن القوات الحكومية تطلق عليهم الرصاص. يخاطرون بأرواحهم للتخلص من طاغية حصاده، بعد ثلاثين عاماً من الحكم الدكتاتوري، ثلاث مجازر ابادة جماعية.
يحدث هذا في السودان حيث تتظاهر المدن ضد عمر البشير الرئيس المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه مجازر ضد الإنسانية. نعم هناك رؤساء آخرون ارتكبوا مجازر ضد الانسانية. لكن ما يميز البشير أنه ارتكب ثلاثا: في جنوب السودان، في جبال النوبة وفي دارفور. البشير ليس سفاحا قاتلا فقط، بل سفاح مدمن للابادة الجماعية.
الرئيس ترمب ووزير الخارجية بومبيو وسائر رؤساء الدول الغربية يتجاهلون ما يحدث لهؤلاء المتظاهرين الشجعان مما يرجح ارتكاب مجزرة رابعة.
لما يقارب الشهر ظل السودانيون العاديون يخرجون من منازلهم يوميا، ينتشرون في الطرقات والشوارع في انتفاضة شعبية متواصلة. أكثر من اربعين قتلوا، والاعتداءات الوحشية بلغت مرحلة جر المصابين في المستشفيات من أسِرَّتهم ومنعهم العلاج. واستهدف الإيذاء بصفة خاصة الأطباء والمحامين والصحافيين.
هناك تظاهرات مرتقبة اليوم الخميس ستنتظم غالبية مدن السودان، والمخاوف أن الرئيس البشير قد يقرر أنه لا سبيل لوقف الانتفاضة الا بحمامن الدم.
إذن ماذا فعلت امريكا لوقف هذا النزيف؟
حتى الآن لا شئ. ترمب لم يصدر أي بيان، ووزير خاجيته، لم يعلق ولو بكلمة على ما يجري. نعم انضمت امريكا الى بريطانيا النرويج وكندا في اصدار بيان يطالب نظام البشير باطلاق سراح المعتقلين والاعتراف بحق المتظاهرين التظاهر السلمي. لكن ذلك ليس بكافٍ. ما يجب أن يصدر هو تحذير شديد اللهجة للقوات الأمنية بأن المجتمع الدولي سيحملهم كأفراد مسؤولية ما يحدث للمتظاهرين.
لقد عاصرت شخصيا المذابح الثلاث التي نفذها عمر البشير خلال فترة حكمه، ورصدت في هذه الصحيفة وقائع البشاعة:
جريمة قتل الطفلة زهراء ابنة العامين التي ماتت من جراء الضرب المبرح والتعذيب في دارفور.
وحشية الاعتداء على عبد الله فتى السبع والعشرين الذي انتُزِعت عينه من محجرها.
الستة أطفال في جبال النوبة الذين ماتوا حرقا.
وحواء ابنة السابعة عشر التي أُخْرِجت قسرا من المصحة الفرنسية واغتُصِبت مرات ومرات.
وغيرها الكثير من الجرائم. فنظام البشير الدموي لا يتورع عن ارتكاب أشنعها. لذا الرئيس ترمب مطالب بأن يوجه تحذيرات فورية لقوات الأمن السودانية أن تمتنع عن أي نوع من أنواع العنف ضد المتظاهرين. وأن تنشط أجهز الأمن الغربية لجمع كل الحيثيات لتوثيق هذه الممارسات.
الانتفاضة في السودان ليست فقط ضد وحشية الرئيس البشير، بل هي أيضا ضد نظامه الفاسد فاقد الأهلية والكفاءة. نظام البشير الذي عجز، بعد ثلاثين عاما من التسلط، عن توفير الخبز لعامة الشعب. صار البلد الذي كان سلة غذاء القارة الافريقية يعاني لتوفير أولويات الغذاء لشعبه.
التقرير أوردته الزميلة سودانايل.