شهد دار حزب الأمة القومي بأمدرمان السبت (2مارس 2019م) ملتقى قيادات الحزب بالمركز والولايات والمهجر، بمشاركة (190) قيادياً، يمثلون مؤسسة الرئاسة، والمكتب السياسي، والأمانة العامة، ومؤسسات الحزب بالولايات، وممثلي مؤسسات الحزب بالمهجر .
وجاء الملتقى في إطار مساندة الحزب للحراك الثوري، وتطوير رؤية الحزب حول المرحلة المقبلة، كما هدف إلى التعبئة الجماهيرية، وتصعيد المقاومة، ومواصلة النضال الذي يخوضه الحزب بجانب الشعب، فضلاً عن مراجعة الأداء السياسي والتنظيمي، وتقويم الخطط السياسية والتنظيمية، وتفعيل التواصل المركزي والولائي، ووضع الترتيبات اللازمة للعبور التاريخي نحو الديمقراطية .
وفقاً للبيان الختامي للملتقى الذي تحصلت (التحرير) على نسخة منه اليوم وقف الملتقى على التطورات في الموقف الدولي الذي يصب لصالح الشعب ودعم ثورته وإدانة بطش النظام الدموي، وعلى الصراع الساخن داخل النظام وتقلباته ومراهنته على الحل الأمني والعنف.
ولفت رئيس الحزب الإمام الصادق المهدي في خطابه أمام الملتقى، إلى استهداف النظام المتواصل للحزب بالاختراقات الفاشلة والإغراءات الكثيرة والاغتيالات الشخصية، مؤكداً بأن الحزب رغم الضربات الكثيرة ظل شامخاً ومبادراً وحاضراً، مبيناً عدم مشاركة الحزب في النظم الديكتاتورية، ودوره الكبير في إبطال المشروع الإسلاموي للنظام، وتبني الجهاد المدني لمقاومته.
وأشار المهدي إلى أن الثورة الحالية ليست مقطوعة من شجرة، بل تمثل قمة التراكم الثوري لسبع هبات شعبية في مواجهة النظام. وطرح الإمام مشروع العبور التاريخي المتجاوز للربيع العربي إلى موجة تاريخية جديدة على المستوى الاقليمي، معدداً السمات المميزة للثورة السودانية الحالية والتي أجملها في انطلاقتها من خارج العاصمة ومن ثم عمت كل القطر، فضلاً عن أن من يقودها جيل الشباب المنكوب من الإنقاذ، إضافة إلى رفعها شعارات تجاوزت العنصرية إلى رحاب القومية، وإنتاجها عبقريات في مجالات الفنون والحراك المجتمعي كحركة شاملة لكل الكفاءات السودانية، والتغطية الاعلامية الواسعة والمتميزة لها، والقدرة على المثابرة والاستمرارية لأكثر من ثلاثة أشهر، إضافة إلى التزام الثوار الأخلاقي والقيمي، والتمسك بالسلمية، وحماية المواطنين، ودور الأسر السودانية الإيجابي اتجاه الثوار، والموقف الإيجابي من الأسرة الدولية، والدور الكبير للسودانيين في المهجر.
ورسم المهدي ملامح برنامج المرحلة، بترتيب مواكب في العاصمة والولايات، ومواصلة التعبئة للاعتصامات في 100 موقع، وتعزيز التنسيق المشترك مع الحلفاء في قوى الحرية والتغيير.
وطرح رئيس الحزب ما أسماه (كبسولة التحرير) التي طالب فيها بإطلاق سراح المعتقلين ورفع قانون الطوارئ ورفض عسكرة السلطة وتنحي الرئيس لصالح نظام جديد، والمحاكمات في إطار عدالة انتقالية.
وأبان رئيس المكتب السياسي للحزب د. محمد المهدي حسن موقف الحزب السياسي الداعم والمشارك في الحراك الثوري (الانتفاضة)، وعّدد محطات المقاومة، ومحاولات استهداف الحزب والهجمات الشرسة التي تعرض لها من قبل النظام منذ أول يوم من انقلابه المشئوم، كاشفاً في الوقت ذاته عن فقدان النظام الشرعية، وسقوطه بعد أن انكشف غطاؤه بقتل العشرات من المواطنين، وتعذيب المئات، واعتقال الآلاف، وأوضح بأن فبركات النظام ضد الحزب لا تنطلي على الشعب السوداني بما للأخير من وعي وإدراك ووفاء، وأكد بأن هذا الملتقى للتفاكر حول ترتيبات المرحلة.
واستعرضت الأمينة العامة للحزب سارة نقد الله تقرير الأمانة العامة السياسي والتنظيمي، الذي إشتمل على الموقف الميداني وتجلياته، والموقف السياسي وتداعياته، وخطاب البشير وتحليلاته، ومشاركة الحزب في الحراك وتفاعلاته، فضلا عن الملتقى وتبعاته، وأشارت إلى دور الحزب في الحراك الثوري في كافة المجالات التنظيمي الميداني والحقوقي والإعلامي والدبلوماسي والسياسي والإنساني.
وقدمت نقد الله رصداً وبيانات بشهداء الحزب والمصابين والمعتقلين والضحايا والملاحقين.
وأعربت نائبة رئيس الحزب د. مريم الصادق عن تفاؤلها بأن يحتفل الحزب خلال الشهور المقبلة بالعيد الماسـي لتأسيسه، وهو أكثر منعة وصموداً وتطوراً في ظل حريات وديمقراطية، وأكدت أن إقامة هذا الملتقى في هذا التوقيت هو تحدٍ لقانون الطوارئ الذي فرضه النظام على الشعب السوداني، وأن محاصرة دار الأمة أثناء قيام الملتقي دليل تضييق على العمل السياسي في البلاد.
وقدم رؤساء الحزب بالولايات تقارير تفصيلية حول الأوضاع السياسية في الولايات والأوضاع التنظيمية في الحزب، وخططهم الميدانية والسياسية.
واستعرض مساعد رئيس الحزب للمهجر البشرى عبد الحميد دور السودانيين بالخارج في تنظيم أنشطة أمام سفارات السودان بالخارج، إضافة إلى العمل الإعلامي والدبلوماسي، معدداً مساهمات ومشاركات مؤسسات حزب الأمة القومي بالمهجر في كل الدول.
وفي السياق وقف الملتقى على مجمل قضايا الولايات خاصة تلك التي تتعلق بقضايا السدود في الشمال، والتعدين في نهر النيل وشمال دارفور، والتوطين في غرب دارفور وكسلا، وقضايا الزراعة في الجزيرة وسنار، والفتن القبلية في القضارف ودارفور وكردفان، والأراضي في النيل الابيض وكردفان، وقضايا الموانئ في البحر الأحمر، وقضايا الحروب والنازحين في جنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور.
وأكد الملتقى دعمه الكامل للثورة السودانية المباركة، والعمل بكل قدراته في الداخل والخارج وفي المركز والولايات لتفعيل كافة قواعد الحزب في كل أنشطتها الميدانية حتى تحقق الثورة أهدافها كاملة غير منقوصة.
وتمسك الملتقى بتحالفات الحزب السياسية، وجدد التزامه بإعلان الحرية والتغيير، وكافة الوثائق السياسية المتفق عليها مؤكداً رفصه النهج الإقصائي لكل من راجع موقفه من النظام ووقف بجانب الشعب، وشدد في الوقت ذاته على محاسبة وملاحقة كل من ارتكب جرم في حق الشعب والوطن، وعلى العدالة الانتقالية كمدخل لتنقية الحياة العامة وبناء المستقبل.
ورفض الملتقى إعلان حالة الطوارئ وكل ما يصدر بموجبها، وأكد عدم دستوريتها، لأن قانون الطوارئ لسنة 1997م سابق دستور 1998 ودستور 2005، ولأن وثيقة الحقوق بنص الدستور لا يجوز انتهاكها وانتقاصها، فضلا عن أن لإعلان حالة الطوارئ أسباب تتمثل في إعلان الحرب ومواجهة الغزو الاجنبي والكوارث الطبيعية وانهيار الاقتصاد،وليس لقمع الشعب وحماية الطغيان.
وثمن الملتقى مشاركة كافة فئات الشعب السوداني في الثورة، وخاصة الشباب الذين قدموا دروساً رائعة في ابتكار عبقريات المقاومة، وتمسكوا بسلمية الثورة، كما أشاد بوسائل الإعلام والإعلاميين لدورهم المتعاظم في التغطية الخبرية وفي مواجهة العسف والعنف في سبيل المهنية والمواقف الوطنية.
و أعرب الملتقى عن الدور الدبلوماسي الذي اطلع به الحزب في تواصله مع المجتمعين الإقليمي والدولي، وأشاد بالمواقف المتقدمة من قبل الأسرة الدولية لا سيما الترويكا وكند والاتحاد الاروبي الرافض للعنف والداعم لحق الشعب السوداني في التظاهر السلمي.
وعبر الملتقى عن فخره بالدور القيادي الذي تمثله المرأة السودانية ثباتاً وإقداماً في كل ميادين الثورة والنضال والتدافع الكبير لمواجهة أجهزة أمن النظام القمعية.
وأمن الملتقى على برنامج العمل الميداني، والالتزام بتنفيذه في المركز والولايات والمهجر، كما أمن على (كبسولة التحرير) التي طرحها رئيس الحزب الإمام الصادق المهدي في الملتقى كمطلب يعبر عن إرادة الشعب في التغيير والتحول الديمقراطي.
ودان الملتقى محاصرة دارالأمة والتضييق على العمل السياسـي، وعدّ ذلك تعسفاً وانتهاكاً لحرية التعبير وحقوق الإنسان، وأن الحزب لن يستجيب إلى هذه التحركات الترهيبية من النظام، ولن يوقف نشاطه بل سيستمر في حشد الرأي العام ضد النظام وجرائمه، والدعوة إلى إسقاطه.
واتخذ الملتقى قرارات تنظيمية تتعلق بالحراك الثوري، وأخرى تتعلق بعقد المؤتمرات القاعدية، وإزالة المعوقات، ومعالجة المشكلات، من شأنها المساهمة الإيجابية في دفع وتيرة التصعيد الجماهيري للمد الثوري، وإفشال مخططات النظام في ضرب وحدة قوى التغيير.