قدم رئيس حزب الأمة القومي وإمام الأنصار الصادق المهدي اليوم (5 أبريل 2019م) خطبة الجمعة بجامع الهجرة بودنوباوي، ووجه في نهايتها رسالة إلى رئيس الجمهورية عمر البشير، فقال: “أناشدك أنت أخي الرئيس أن تقرر إطلاق سراح كافة المعتقلين، وأن ترفع حالة الطواريء، وأن تقرر بمحض اختيارك الاستقالة من رئاسة الجمهورية وحل المؤسسات الدستورية المضروبة، وأن تدعو 25 شخصاً نرشحهم لك لتكوين جمعية تأسيسية لإقامة النظام الجديد المنشود. أنت تعلم أن هناك عوامل منعتك وتمنعك من ممارسة كافة صلاحيات الرئاسة، وتعرض السودان بالتالي لعقبات. وستكون لك محمدة وطنية”.
ونوه بأنه”في ذكرى 6 أبريل غداً يرجى أن تتسع المشاركة في التعبير عن مطالب الشعب”، داعياً “الجميع لتلبية النداء الوطني”، وراجياً “أن يلتزموا بالسلمية، وألا يستجيبوا لأية استفزازات، فالحلم الصامد أقوى من السلاح”، وقال: “احتشدوا وارفعوا راياتكم وشعاراتكم سلمياً، اضربوا مثلاً”.
وقال المهدي: “السلطة اعتقلت النشطاء لاحتواء مشهد 6 أبريل، ولكن هناك ثلاثة مليونيات: مليونية النازحين، ومليونية اللاجئين، ومليونية انعدام الثقة في كل الإدارة النقدية ما صنع أزمة سيولة غير مسبوقة في كل العالم.. هذه المليونيات تشهد على التصويت ضد النظام”.
وأضاف المهدي في رسالته إلى الرئيس: “أخي رئيس الجمهورية: أنا من كيان قادته لقوا نهاية مأسوية لتمسكهم بالمباديء. فالإمام المهدي انتقل في ريعان شبابه، وخليفة المهدي رفض الاستسلام وقتل شهيداً، والإمام عبد الرحمن فجعه غدر الانقلابيين، والإمام الصديق فجر قلبه ضيمهم، والإمام الهادي قتل شهيداً لتمسكه بالمباديء. وأنا وجدتُ منك ألواناً من الظلم، سجنت حوالي 30 شهراً دون تحقيق أو محاكمة، وآلتك الأمنية تفننت في اختراق صفوفنا واغتيال شخصياتنا. نداء السودان الذي كرهته هو مجهود لتحالف المركز مع الهامش ولرتق النسيج الإثني بين مكونات السودان. ومنذ تكوينه ركز على الحل السلمي لقضايا البلاد. ومؤخراً استجبنا لعودة الذين استملتموهم من صفوف الأمة لدعم الموقف الوطني الديمقراطي، ورحبنا بتنسيقية واسعة المشاركة من عناصر كانت في صف حركتكم، ونسعى لتكوين جبهة عريضة تشمل هؤلاء وقوى الحرية والتغيير التي تضمنا في نداء السودان مع تجمع المهنيين وقوى الإجماع والتجمع الاتحادي المعارض وكافة القوى المدنية والشبابية من أبنائنا وبناتنا. وسوف نقدم لهم مشروعاً كاملاً للنظام الجديد المنشود. هذه الجبهة العريضة سوف تواصل الحركة الشعبية السلمية”.
وناشد المهدي “كل القوى الوطنية الأخرى أن تنضم إلينا”، كما ناشد القوات المسلحة السودانية “أن تحافظ على قوميتها وألا تبطش بمواطنين عزل يطالبون بحقوق يكفلها الدستور”، وناشد “الأسرة الدولية أن تكون جماعة أصدقاء السودان للمطالبة بعدم البطش بمواطنين يتحركون سلمياً”، ورجاهم “أن يتفقوا على المنافع التي يمكن أن يجنيها السودان إذا حقق السلام والتحول الديمقراطي سلمياً”.
وكان إمام الأنصار ركز في الخطبة الثانية في أوضاع السودان، فقال عن النظام: “حكمونا ثلاثين عاماً وقالوا لم نفعل ما نخجل منه. إذن اسمعوا”، ذاكراً عدداً من النقاط، فأوضح أن “الانقلاب العسكري كوسيلة لتطبيق الشريعة قال عنه الإمام الألباني إنه بدعة مخالفة لنهج الإسلام”، وأضاف أن “بيعة أبي بكر رضي الله عنه أكدت أن ولاية الأمر تقوم على الشورى أي المشاركة، والمساءلة، والشفافية، وسيادة حكم القانون”.
وعن أمن البلاد، قال المهدي: “بعد تصعيد للحرب جرى تسليم لمطالب الحركة الشعبية وانفصل الجنوب. ومنذ عام 2003م اشتعلت حرب في دارفور. ثم منذ 2011م اشتعلت حرب في جنوب كردفان وجنوب الأنيل الأزرق، وهي حروب جرى فيها قتل وتدمير واسعين بالقصف الجوي وبالغارات البرية على المدنيين وقراهم، ومع أن القتال تراجع الآن، فلا سلام، ونتيجة لذلك ما زال الصرف على الأجهزة الدفاعية يبتلع 70% من الميزانية، ويحول دون خفض المصروفات للموازنة”.
واشار الصادق المهدي إلى أن “عشر السكان ما زال معتصماً في معسكرات النازحين. وأدت الحرب ومساويء الحكم إلى لجوء ربع سكان البلاد للخارج. ونتيجة للحرب وانتهاكاتها فإن قيادة البلاد ملاحقة جنائياً دولياً. وهذا له أثر كبير في تطبيع البلاد مع الأسرة الدولية”.
وأوضح المهدي أنه “بعد انفصال الجنوب الذي كان متوقعاً ولكن دون استعداد له فقد البلد نصف الإيراد الكلي للميزانية وثلاثة ارباع عائد الصادر، ومع ذلك استمر الصرف بذات المستوى وسد العجز بطبع النقود بالنسبة للميزانية الداخلية، وبشراء الدولارات من السوق الأسود لسد عجز الميزان الخارجي. وكانت النتيجة ارتفاعاً في التضخم وفي سعر الدولار بالجنيه السوداني”.
وأعطي المهدي مثالاً، فقال: “لنأخذ ميزانية 2019م، نتيجة لزيادة الصرف على الإجراءات الأمنية لقمع المظاهرات لمدة 6 شهور يصير مبلغ الصرف المتوقع 216,5 مليار جنيهاً. ومبلغ الإيرادات المتوقعة 98 مليار، يصير العجز المتوقع يساوي 108,5 مليار جنيهاً. الاستيراد في العام يبلغ 10,5 مليار دولار، وعائد الصادر المتوقع 3 مليار دولار. أي سيكون عجز الميزان التجاري 7,5 مليار دولار. وهذا سوف يشترى من السوق الأسود ما يزيد سعر الدولار بالجنيه”.
وذكر أن “السبيل الوحيد لسد عجز الميزانية وشراء الدولار هو طباعة النقود “رب، رب، رب”، وهذا معناه تدني قيمة الجنيه السوداني، وقد زاد الطين بلة أن الحكومة سحبت الأموال من البنوك ما أفقد الناس الثقة فيها”.
وقال المهدي: “ربع سكان السودان استقروا في الملاجيء في كل أنحاء العالم، وقصتهم واحدة أنهم فروا من البلاد من البطش ومن الفقر”.
وأضاف: “يقف ضد هذه الحرب المدمرة الصحاة أمثال رئيسة وزراء نيوزلندا. إن التحالف الإستراتيجي بين هؤلاء في الغرب وبيننا هو الطريق الوحيد لعزل الغلاة وإنقاذ الإنسانية من شر مستطير”.
وأضاف: “هذه العوامل الخمسة تسببت في حركات الشعب ضد النظام ست مرات، ولكن هذه المرة السابعة كانت الأوسع والتي خاضها شباب السودان والقوى السياسية والمهنية والأساتذة بصورة جعلت كل المجتمع متحركاً”.
وتحدث المهدي في الخطبة الأولى عن ضرر التقليد، وقال: “إن ولاية الأمر بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم إلهية، أما بعده فولاية الأمر بشرية، حاول بعض الخلفاء نسبتها لله لتقوية مواقفهم”.
وأكد الصادق المهدي أن “ولاية الأمر تتطلب مراعاة حقوق الإنسان الخمسة: الكرامة، والعدالة، والحرية، والمساواة، والسلام”.
وتناولت الخطبة انتخابات تركيا المحلية، فهنأ أردوغان، . مشيراً إلى أنه مني في انتخابات أبريل بنكسة في المدن الكبرى: اسطنبول، وأنقرة، وإزمير، وقال: “المفيد لتركيا هو مراجعة العلاقة الإسلامية العلمانية باستشارة علماء مؤهلين، والسعي ما أمكن لتحقيق مصالحة داخلية، ولتصفير المشاكل الخارجية. إن نجاح تجربة توفق بين التأصيل والتحديث مهم لكافة المسلمين”.
وتحدث المهدي عن الوضع في الجزائر، مشيراً إلى أن “الشعب الجزائري حقق نصراً كبيراً إذ أجبر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة. هذا في حد ذاته درس مفيد للشعوب المنكوبة برؤساء فقدوا ثقة شعوبهم وما زالوا يتمسكون بمقاعد السلطة”، وأكد أن “شروط انتصار الطريق السياسي هي: وجود جبهة ثورية متماسكة حول برنامجها وانحياز قوات مسلحة لها. ما لم تتوافر هذه الشروط فإن البلاد سوف تتخذ الطريق الدستوري”.
وعما حدث في نيوزيلندا، قال الصادق المهدي: “لذلك يوجد توتر بين جماعات من المسلمين وجماعات من الغربيين أدى لمشاعر عدائية وصفت بكراهية الإسلام (الإسلاموفوبيا)، وبعض المسلمين في تلك المجتمعات مع أنهم ضيوف فيها صاروا يعتبرونها دار حرب كما قال محمد الفاسي: نعيش في وسط الغربيين ونعمل أعمالاً دونية، ولكنها دار حرب الأموال والدماء فيها مستباحة”.