الحمد
لله على ما تم من اتفاق مهما كان الرأي فيه وفي توقيته، فانه كفيل بنقل الوطن إلى مرحلة
جديدة، يمكن أن تتبدل فيها شروط العمل الوطني عامة والعمل السياسي خاصة إلى
الأفضل، وتتأهل فيها النخبة المتنازعة من عساكر وسياسيين إلى العمل المشترك أو حتى
المنفرد من أجل مصالح الوطن العليا، ويتحرر فيها العمل السياسي خاصة والنشاط
المدني عامة من القيود، وتتقاصر فيها الهيمنة العسكرية والأمنية، وينفك بعدها أسر
الشوارع لتنطلق بلا قيود من أجل التعبير والبناء في كل الميادين.
ومهما
كان ويكن الرأي في الاتفاق الذي تم، فإنه كفيل بنقل المشهد من شكله المأساوي
الدموي، إلى مرحلة جديدة تتسع فيها فرص الأمل، ويتمكن فيها الحق،
ويتقاصر فيها الظلم والقتل خارج إطار القانون، وتنطلق فيها الطاقات الوطنية كافة
لتتمدد من أجل إعادة البناء وإزالة التشويه الذي لازم أداء الدولة والحياة
السياسية لمدة طويلة، ومهما يمكن من رأى في الاتفاق فإنه يوفر الفرص الأفضل لفك
احتكار الدولة من قبل تنظيم واحد، وإعادتها تدريجيا إلى صالح كل الوطن وكافة
المواطنين بلا تفضيل إلا وفق شروط الكفاءة.
الرحمة
والمغفرة للشهداء والإكرام المستحق للجرحى الذين قدموا أرواحهم ودماءهم الذكية،
فداءً للوطن وأهله، وعربوناً للانتقال بالوطن إلى الشكل الذي يستحقه أهل السودان.
لقد
وضع الشهداء والجرحى على عواتق أهل السودان عامة وعلى عواتق السياسيين
خاصة أمانة ومسؤولية ثقيلة يجب أن تبقى إطاراً وشرطاً للثبات على مواصلة المسيرة
الوطنية الثورية من أجل البناء والانطلاق الوطني الشامل إلى أن يتحقق الوطن
الذي حلم به الشهداء وتتطلع اليه الجماهير التي ظلت تملأ الشوارع، وتتحدى كل
المخاطر منذ انطلاق الثورة والى الان وفي المستقبل.
عندي
رسالتان: الأولى إلى الذين حملوا السلاح أن هلموا الى قلب الوطن، فإن لكم فيه غرفاً،
وعليكم أن تأتوا الآن لتشغلوا موقعكم ولا تساوموا باسم النضال الطويل ورفع السلاح
من أجل المكاسب، وعليكم أن تعلموا أن كل مواطن قد ضحى ودفع أغلى الأثمان من أجل
هذا الإنجاز، تعالوا الحقوا بركب الوطن، فإن لكم فيه مكاناً.
ورسالتي
الثانية إلى الذين ينتقدون الاتفاق أقول، إن مسيرة النضال من أجل تشكيل الوطن الذي
يتطلعون اليه والذي يستحقه أهل السودان، انما تبدأ بالاتفاقات المشتركة بين
الفرقاء، لكن التحديات أمام مسيرة البناء ستبقى قائمة، وعلى الوطنيين في كل
المواقع أن يواصلوا الحوار والضغط والعمل المشترك كشروط وتحدٍ باقٍ في الطريق إلى
إنجاز المهمة.