قبل أيام قليلة زرت مدينة وادي حلفا بوابة السودان الشمالية .. هالني ما رأيت وأنا ما بين مكذب ومصدق.
ووالله لما كنت أصدق لو لا أنني رأيت ذلك بعيوني. مياه بحيرة النوبة تتمدد وبدون سابق إنذار وتجتاح حياً كاملاً، وهو حي الموردة، المكتظ بالبشر.
والمياه تزحف بقوة إلى داخل سوق حلفا، ومحطة القطار على بعد أمتار قليلة جداً من الماء، وإذا استمر الحال كما رأيت قطعاً مياه البحيرة ستبتلع محطة حلفا العتيقة.
يحدث كل هذا تحت سمع وبصر أجهزة الولاية دون أن تحرك هذه الأجهزة ساكناً .. ووالي الولاية (ولا هو هنا ولا جايب خبر) وأعذره لانه يقضي وقته في توبيخ المواطنين ووصفهم بـ( بتنقنقوا زي نساوين بيت البكا) .
وللأسف الشديد حتى التنظيمات النوبية التي تملأ الدنيا ضجيجاً لم اسمع لها صوتاً عما يحدث في وادي حلفا، حتى مجرد بيان استخسروه على هذه المدينة العريقة.
لا أحد من التنظيمات النوبية تحدث عن عمليات الإغراق المتعمدة التي تجري في منطقة ملك الناصر. مئات الافدنة من أجود انواع التربة في السودان تئن تحت مياه البحيرة منذ سنتين.
تشرد مئات المزارعين الذين كانوا يزرعون في تلك الأراضي .. لم أجد مسؤولاً في الولاية الشمالية او أي تنظيم نوبي احتج لدى السلطات المصرية عن هذه الجريمة التي ترتكب في وادي حلفا وفي أراضي ملك الناصر.
والسؤال الذي يفرض نفسه .. اليست هناك اتفاقية واضحة لبناء السد العالي والاراضي المغمورة ؟؟ الجانب المصري يتلاعب في الاراضي المغمورة كيفما يشاء .. يتم إغراق حلفا،ولا احد يحتج .. يتم اغراق ملك الناصر ولا أحد يعترض .
ما هذا الموقف المخزي؟ إلى متى السكوت على هذا الظلم البين، وعلى هذه (الحقارة الشديدة) من الجانب المصري.
لماذا لا يعاد فتح ملف السد ومراجعة قانون الأراضي المغمورة؟ هذا الملف ليس دستوراً سماويا لا يمس ولا يبدل ..
ادركوا أراضي النوبة وكفانا هواناً.