حاج محمد هو ناظر عموم قبيلة الجعليين وقد تولي النظارة بعد والده المرحوم(إبراهيم بك فرح) في العام 1933م . وقد عرفت أسرته في منطقة الجعلين بأسرة (البي) وهي إختصار ل (بك) وهو اللقب الذي أنعم به الحاكم علي الناظر.قبيلة الجعلين واحدة من أكبر قبائل السودان وقد انتشر اهلها في ربوع البلاد معلمين نشروا العلم في كل أنحاء السودان وتجاراً مارسوا التجارة بأخلاق وقيم قبيلة الجعلين الرفيعة فكسبوا ثقة الأهالي حيثما حلوا.
وقد صاهروا القبائل هذه وكان لذلك دور كبير في نشأة السودان الموحد الذي ذابت فيه القبائل والأثنيات المختلفة . تنسب قبيلة الجعلين للأمير ضواب بن غانم بن حميدان بن صبح ابو مرخه بن مسمار بن سرار بن حسن كردم بن أبو الديس بن قضاعة بن عبد الله حرقان بن مسروق بن أحمد اليمني بن الأمير إبراهيم جعل، وينتهي نسبهم لسيدنا العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلي الله عليه وسلم . وقد أسست مملكة الجعليين علي يد الأمير ضواب(ضمن 14 مملكة في السودان ) واتخذ من مدينة شندي عاصمة له وبني فيها مسجداً ذا منارة، ولما كان أهل المنطقة في ذاك الحين(بدو) فكانوا عندما يشاهدون المنارة يقولو (شِن دي) وبهذا سميت (شندي)، وتعاقب علي حكم المملكة سبعة عشر أميراً عباسياً الي أن قضي عليها محمد علي باشا خلال فتحه للسودان 1823م.
وقد قال الشاعر مادحاً شندي :-
شندي سلام وتاني سلام يليق بمقامك
جذورك ضاربة في التاريخ وراسخة أقدامك
يا أرض العزاز أهلك جزم ما نسوك
إن درتي المعالي والفخار ببنوك
إن درتي الحرير والقيرمان بكسوك
وإن وقع القدر حالاً سريع بلفوك
ولد حاج محمد في المتمه في العام 1898م ودرس في خلاوي المنطقة مثله مثل سائر أبناء ذلك الزمان، وعمل بالتجارة لسنوات زار خلالها وسط وغرب السودان وأكسبته الكثير من الخبرات والتجارب، وتنقل مع والده الرحل إبراهيم بك فرح زعيم قبيلة الجعليين في حله وترحاله، وتعلم منه مبكراً التفكير المنظم وحسن التصرف والقيادة وتشبع بقيم أهله الراسخة من شجاعة وفروسية وحب للوطن وكرم فياض ونصرة للضعفاء واعتزاز شديد بالنفس والأرض والعشيرة .
تولي النظارة بعد وفاة والده وعمره(35) عاماً ويعدّ حاج محمد أول ناظر لقبيلة الجعليين حيث مُنح سلطات إدارية وقضائية واسعة وكانت قبله (زعامة) وليست (نظارة) فقد كان والده إبراهيم بك فرح (زعيماً للقبيلة) ومن قبله جده (الحاج محمد ود سليمان) الذي عندما تقدمت به السن أوكل الزعامة لابن عمه (حاج على ود سعد) وعندما أصبح حاج علي أميراً في المهدية أوكلها لأخيه (عبد الله ود سعد) الزعيم البطل المعروف (كتله المتمه). تولي حاج محمد مهام القضاء، وترأس محكمة شندي الريفية، التي أتاحت له زمالة الراحل المقيم محمد احمد المحجوب رئيس وزراء السودان الأسبق والشاعر وألاديب والذي كان قاضياً جزئياً بمدينة شندي.
كانت حدود نظارة الجعليين من حجر العسل جنوباً حتي حدود الدامر شمالاً، وقد ورد هذا التحديد في قصيدة حمدان (شاعر الناظر) وهو أحدي مبدعي المنطقة:
من البسلي للسبل وقة
حجر دار أبوك يا أب رسوه كدك فوقه
الحالاك تسوقه بي سماحه وروقه
والكازاك حفرك ليه للمخروقة
نشأ الناظر حاج محمد بين أخوانه عبد الرحمن(لم ينجب) وحاج علي (والد البروفيسور مامون حاج علي واخوانه) وحاج عمر( والد المهندس إبراهيم وعلي عمر إبراهيم مدير عام بنك فيصل الإسلامي وإخوانهم) والسيد (والد البروفيسور عثمان السيد وإخوانه) والشيخ المجذوب شيخ الخط (أنجب بنت واحده ) وأخواته (فاطمة لم تنجب) و(باعوها- والدة مولانا القاضي إبراهيم أحمد جاد الله) و (كم تلبس والدة إبراهيم عامر) (ست النفر والدة المرحوم البروفيسور الحاج الطيب الطاهر وجده وزير الإرشاد والأوقاف السيد الفاتح تاج السر عبد الله) و(عائشة والدة السيد محمد الأرزق وإخوانه) و(السيده والدة حمزة و التجاني محمد صالح) و(ستنا والدة أحمد الشيخ جاد الله وإخوانه) و(كلتوم والدة متوكل عمر كروم وإخوانه) و فاطمة (الثانية) (زوجة زعيم البطاحين صديق طلحة لم تنجب وعندما توفيت عوضوه بأختها آمنة).
عاش الناظر وترعرع في كنف هذه الأسرة الكريمة الكبيرة متشبعاً بقيمها وأخلاقها المستمدة من القبيلة وانجب الناظر حاج محمد ( إبراهيم) تولي النظارة بعده وفاروق وكمال متعهم الله بالصحة والعافية و(حسن ضابط بالجيش واستشهد برتبة الصاغ بياى بجنوب السودان عام 1963م) وله من البنات (حاجة حنينة والدة المرحوم محمد سيد أحمد كردمان وجدة أولاد عامر جمال الدين وأولاد عبد الله علي جاد الله) و(النعمه زوجه الفريق الخواض محمد أحمد القائد العام الأسبق للقوات المسلحة ) و(عائشة زوجة مولانا الريح الأمين الحاج رئيس القضاء الأسبق وشقيق اللواء المقبول الأمين الحاج عضو المجلس العسكري في حكومة عبود) و(ستنا زوجة الكابتن طيار حسن عباس عبد العاطي وهو إبن أخت خالد حسن حسين).
كانت نظارة الجعليين تضم عدداً من شيوخ الخط أشهرهم ( الشيخ المجذوب) شقيق الناظر وتولي شياخة خط المتمة و(الشيخ علي جاد الله) وتولي شياخة خط ود حامد (والد الوزير عبد الله علي جاد الله وشيخ العرب مبارك وإخوانهم ) و(الشيخ محمد أحمد الخواض) شيخ خط كبوشيه (والد جعفر الخواض والذي تولي الشياخة بعده ) و (الشيخ طيفور محمد شريف) شيخ خط العالياب و ( الشيخ أبو القاسم التهامي ) شيخ خط الزيداب. وتضم عددأ من العموديات أشهرها عمودية النافعاب العمدة عثمان محمد احمد والد سعد العمدة وخال الدكتور نافع علي نافع، وعمودية الجوير(العمدة ود ضبعة وقد غني له فنانو المنطقة مين متل الحسن ) وعمودية كلي (العمدة أبو جديري الذي غني له الفنان علي إبراهيم اللحو يا عمدة كلي فرقك علينا صعيب) وعمودية شندي وحوش بانقا (العمدة محمد النور جمال الدين والد صلاح النور) وعمودية البسابير (العمدة ود الزيات) وعمودية الفادنيه (العمدة حاج الطاهر) وعمودية حجر العسل (العمدة ود بليلو). وعمودية الحسانية غرب (العمدة ود الفزاري) والحسانية شرق(العمدة ود كاسر) وعمودية العبابدة (العمدة ود نوره) وعمودية نهر عطبرة (العمدة ود جيب الله) . كان الناظر إدارياً فذاً شديداً في ساعات الشدة قوياً صلباً لا يبالي ولا يخاف إلا من (الله سبحانه وتعالي) وقد قال فيه الشاعر حمدان :
تور عنزه المخاصم ضله
يخاصموك في قفاك وفي وشيك يضله
معروف سيف أبوك الزول يقسمه يفله
وت نتراتك الصف التقيل بتخله