لم تنقشعع شمس يوم الاربعاء ٢٩ يناير ٢٠٢٠ إلا وكانت التقية النقية شيخة أحمد المحمود قد غادرت الفانية بنفس هدؤها وتواضعها وحشمتها اللهم أسكنها الفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء.
تدفقت بمواقع التواصل الاجتماعي عبارات التعازي وارتفعت الأكف بالدعاء والمعزين الكثر من رفيقات دربها ببوابات التربية والتعليم في رحلة امتدت تعلما وتعليما منذ ما يقارب الاربعين عاما بدات بما يعرف بكتاتيب امنة الجيدة حافظات لكتاب الله فمعلمة حاملة للتباشيرة فموجهة فوكيل فوزيرة لوزارة التربية والتعليم بقطر وكأول وزيرة خليجية .
كنت شاهدة علي مسيرتها النابغة والمؤسسة علي الخلق القوئم والعطاء الأنساني وكيف لا وهي التي جندت وقتها وارادتها وعلمها لأجل التربية والتعليم وعوضت يتمها الباكر وفقدها لأمها وهي ما زالت بنت الاربع سنوات فتربت في كنف جدتها وأبيها وكان دفتي الكتاب الحبر والقلم عوضا أخر عن مفقود حضن الأم وشيخة لم تكتفي بطلب العلم في حدود المتاح وقتها حيث لم تكن جامعة قطر قد فتحت أبوابها فانتسبت ورفيقاتها بجامعة بيروت وتخصصت في اللغة العربية ونسجت من مفرداتها الانشودة للجالسين علي كراسي الدرس ضمن المناهج والقصيد لوطنها وللقدس ورفيقات دربها ونعي لابيها حينما ادلهم الزمان وفارقها
قبل سنوات وحين اتجهت بوصلة رغبتي لتوثيق رحلة التعليم بدولة قطر والتي شاركت في بعض خيوطها كأم تتابع فلذات كبدها وبدايات الاغتراب وكاعلامية مهتمة بانشطة مؤسسات التعليم والتعلم والعمل الانساني كانت هي بشخصها كأنموذج فريد لامرأة عربية علمتنا معنى الكفاح والعطاء والتواضع فكان ميلاد كتابي ” شيخة أحمد المحمود امرأة عانقت الشمس ” والذي وجد قبولا وترحابا وتم تدشينه بجناح وزارة الثقافة والرياضة بمعرض الدوحة للكتاب وبحضور مميز وبترحاب من الصحف السيارة والمجلات المتخصصة وبفضاءات التواصل الاجتماعي وبالقنوات التلفزيونية بقطر والسودان .
وحينما اختطفتها يد المنون كان كتابي الوثيقة الحية والدليل لتفاصيل رحلة العطاء ” امراة عانقت الشمس ” لتغيب بجسدها وتبقى روحها ترفرف بين اروقة المعزين اللذين نعوها بذكر افضالها وهمتها وتجردة من الآنا لاجل الآخر وطلبة العلم طافت بقطر عبر مؤتمرات اقليمية ودولية وحادثتهم بلسان عربي فصيح عن ضرورات مسح قوائم الأمية وغرس القيم النبيلة في النشء قدمت اوراق عمل وورش متخصصة ونالت التكريم كآم مثالية وهي تغادر كرسي الوزارة كرمها الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة بوشاح الاستحقاق ولتكرم بيد سمو الشيخ تميم امير البلاد ضمن كوكبة المتميزين من مجلس التعاون وبجائزة المسوؤلية المجتمعية من جامعة قطر وبالامس حينما عقد الملتقى القطري للمؤلفين بوزارة الثقافة والرياضة جلسة حوارية كاتب وكتاب كانت هي محور حديثي كيف التقيتها وكيف جمعت وثائق لكتاب من ٣٨٩ صفحة بمعلومات دقيقة ومن مصادر متعددة وشارك الحضور بسرد ملامح من تجاربهم معها ومواقفها الايجابية الداعمة للكثيرين والمشجعة وكيف كانت تطوع الانظمة واللوائح لصالح طلبة العلم والمبتعثين وتذلل الصعاب امام عثراتهم كما طرح الحضور تبني اقتراح لتسمية احدي المدارس بالدوحة باسمها تخليدا لذكراها الثرة وتأصيلا لنهجها المتجرد والذي يعلي قيمة العطاء للتنمية البشرية المستدامة رحم الله شيخة أحمد المحمود التي عانقت الشمس افتراضا وتخيلا وتشبيها نبع من رصانة وعلو همتها وتطلعها للرقي بالانسان وتاكيدا ” أقرأ ” وها هي تغادر لحياة سرمدية نحسبها مع الصديقين والشهداء في جنات الفردوس والعزاء لاسرتها وتلاميذها وتلميذاتها ورفيقات دربها في دروب علم طفلا تبني أمة .
اعلامية وناشطة اجتماعية مقيمة بقطر
Awatifderar1@gmail.com