ما تمكنت من فهمه واستيعابه الى الان يتلخص في ان ما حدث من ثورة ببلادنا كان عبارة عن ثورة تاريخية استثنائية في حكم الثورات بالعالم اجمع- كان عاصفة في وجه الموروث الكلي. ولكن الناتج من الصفقة بين المدنيين والعسكريين يظل دون خطاب وارادة الثورة النقدية الراديكالية الذين استهدفا مجمل التاريخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي السوداني. تظل كلمة سر التغيير والتطور هي الإصلاح. والإصلاح لا يتم بمجرد الاشتراك في كره وكراهية الكيزان والمطالبة باقتلاع جذورهم . بل في جعل ذلك مدخلا للتعرف على عقل السلطة التاريخية التي حكمت السودان والانصراف الفوري لاجراءات نقدها وتصفيتها. خطاب الثورة النقدي لم يطلب هيكلة الدولة فقط منذ الاستقلال ولكن فعل ذلك باعادة هندسة التفكير والعقل السياسي في نزوعه الشرير والمتوحش في مقاومة تغيير ذاته وذلك امر لا يتم. والسبب يقوم في مكابرة الوعى السياسي، وتصلب المفاهيم، وكره الناس لتغيير افكارهم واحداث المواكبة المطلوبة بأعمال النقد ثم النقد والذي بدونه سيكون مكاننا سرًا، ان لم يكن نارًا وجمرا .