نأملُ أن تكون حكومتُنا التي يرأسُها أخونا د. حمدوك قد بدأت تشعرُ الآن أن التأييد الشعبي الجارف لها قد بدأ يتراخى!
كما نأملُ أن يكون أخونا د. حمدوك نفسُه، قد بدأ يلاحظُ أنه، ومن داخل أروقة الحرية والتغيير ذاتِها، أن هناك أصواتاً قد بدأت تُطنطنُ بعدم الرضا!
كما نأملُ آخيراً أن تكون حكومتُنا هذه قد بدأت تسألُ نفسَها بالفعل : لماذا يحدث كلُّ هذا ؟!
إنَّ تأييدَنا، ودعاءَنا لهذه الحكومة غير محدود لإننا نعلم أنَّ تحدياتها جمةٌ، وأنَّ البديل لها هو السقوط إلى الهاوية، ومع هذا فقُصارى ما نملكُه هو أن نقدم لها النصحَ ما استطعنا، ولا نشكُّ أن كثيرين غيرنا يفعلون نفس الشي !!
• أولاً هناك فوضى، وعدم تناسق في إيقاع أداء الحكومة.. لابد من ضبطِ الإيقاع بحيث يكون هناك تنسيقٌ على درجة عالية من الدقة بين هذه الحكومة وبين المكوِّن العسكري من جهة، وما بين مكوناتها المدنية بعضها ببعض من جهةٍ أخرى..
إنَّ عدم التنسيق ما بين مكونات الحكومة، وبينها والسيادي، يتركُ أثراً سالباً، وسريعاً جداً على معنويات الشعب السوداني (المُتردية) أصلاً، كما يظهرُ مكونات الحكومة كما لو أنها متنازعةٌ، ومتصارعةٌ، وأنَّ كل واحدٍ من أعضائها (شايت) في الإتجاه الذي يعجبُه !!
لقد أظهرت أزمتا لقاء البرهان بنتنياهو، ثم طلب رئيس الوزراء إلى الأمم المتحدة المساعدة، ودعم عملية السلام بالبلاد بإعمال البند السادس، لقد أظهرتا ضعفَ خطاب الحكومة، وعدم التنسيق بين مُكوِّناتها !!
• ثانياً على رئيسِ الوزراء الدكتور حمدوك أن يعلم أنَّ عدم إرتباطِه اللصيق بالشارع، وبالثوار على الأرض، يفقدُه إلتفافَ الشارع الحميم الذي حاز عليه !! فلابد له أن يخرُج كلَّ شهرٍ في خطابٍ مفعمٍ بالأمل، ورافعٍ للمعنويات، وداعمٍ لصمود هذا الشعب !!
لابد أن يقول لشعبِه، بكل وضوح، ماذا تعمل حكومتُه بالضبط، وما هي العقبات والصعوبات التي تواجهها، وماذا هم عاملون الآن بالضبط لحلحلتها، وكيف يرى هو شخصياً المستقبل القريب لهذا الشعب العظيم الذي يعلِّـقُ عليه الآمالَ العِراض؟!
لابد له أن يحفِّز شعبَه، ويدعمه، ويملأه بالأمل، والعشم الصادق.. ولابد أن يقول له إنَّ ثورته حيةٌ، وأن جذوتها واقدة، وأنها مندفعة نحو تحقيق شعاراتها، وطموحاتها، برغمِ كلِّ شئ!!
إنَّ عدمَ الإبقاء على الروح المعنوية العالية سوف يضعِفُ إلتفاف هذا الشعب حول حكومته، وحول ثورته، وسوف يفسِح المجال للثورة المضادة لتدُقَّ إسفيناً كبيراً بين الحكومة والثورة والثوار -وقد بدأت تفعل- ولسوف يخمدُ حماسُ الثوار ودفعُهم الثوري، ولسوف تخسرُ الثورة، ولسوف يخسرُ الوطنُ قبل ذلك، بلا شك!!
لقد تعوَّد هذا الشعب، ومن قديمٍ،
أن يتلقَّى معلوماته من عدة مصادر خارجية، ولا يعتمد على المصادر الداخليةِ أبداً لزيفِها وكذبها..والحالُ كذلك، لابد أن يعمل الدكتور حمدوك لإستعادة هذا الشعب المختطَف إلى حضن المعلومة الداخلية الموثوقة، من مصدرِها الموثوق، وذلك بأن يخاطبه مباشرةً بما يخصه، ويخص بلاده، ولا يتركه نهباً لمطاحن الإعلام الداخليةِ والخارجية المعادية والمغرضة..
• ثالثاً وآخيراً لابد أن يفهم أخونا الدكتور حمدوك أن إنتشارَ المعلومةِ عبر الميديا هو دائماً أكبر وأسرع من إنتشارها عبر البيانات التوضيحية اللاحقة التي يصدرُها مكتبه الإعلامي..لابد أن يفهم سعادته أن كلَّ خطابٍ، أو بيانٍ، أو تصريحٍ يُدلي به سعادتُه لابد أن يكون واضحاً، وشافياً، وجلياً، ولا يقبل التأويل، وأنه موجهٌ للداخل في المقام الأول!!
ولهذا فيحتاجُ الدكتور حمدوك لطاقمٍ إعلاميٍّ، تحريريٍّ قويٍّ، ومسبوكِ العبارة، وواضحِ الصياغة، ونافذٍ إلى قلب الشعب دون لولوةٍ، وبلا تهويمٍ خياليٍّ، وبلا تجريداتٍ شاعرية..
أرجوكم أن تقولوا -يا جماعة الخير- لهذا الشعب الحقيقةَ بوضوح، وبسرعة، ومباشرةً، ودون تزويق، وقبل كلِّ الوسائط، إذا أردتم أن تحافظوا على إلتفاف هذا الشعب حولكم، وحول ثورتِه..