رصد: التحرير
نشرت صحيفة ” الشرق” الأوسط اللندنية في عددها الصادر اليوم 28 يونيو حوارا مع رئيس حزب “الأمة القومي ” السوداني المعارض الإمام الصادق المهدي تناول عددا من قضايا الساعة ، وفي صدارتها مسألة العقوبات الأميركية المفروضة على السودان.
وقالت الصحيفة إن ” زعيم حزب الأمة السوداني المعارض، الصادق المهدي قلل من الأثر الناتج من رفع العقوبات الأميركية على السودان”، وأشار إلى إلى أن رفعها من عدمه سيبقى محدوداً، ما لم يرفع اسم السودان من قائمة الخارجية الأميركية للدول الراعية للإرهاب، وإيجاد معالجات لقرارات مجلس الأمن البالغة 63 قراراً ضد السودان، وآلية لإقناع مجموعة نادي باريس بإعفاء الديون.
وأضافت ” الشرق الأوسط” أن الرجل ( المهدي) الذي يترأس أحد أكبر أحزاب المعارضة، ويتزعم في الوقت ذاته جماعة الأنصار الدينية، إحدى أكبر طائفتين دينيتين في البلاد، قطع بفشل الحوار الوطني الداخلي والحكومة المكونة بموجبه، ووصفه بأنه “حوار مكانك سر”، وسيؤدي إلى استنساخ الفشل. كما أطلق المهدي في حديثه الدعوة لتجاوز صيغ الحوار الوطني القديمة، وتجاوز “خريطة الطريق” التي تقدمها الوساطة الأفريقية، إلى ما سماه “ثمرة خريطة الطريق”، موضحاً أن الأوضاع بلغت نهاية هذا المقترح المعروف بخارجة الطريق.
كما حذر من نذر مواجهة قبلية “ميليشياوية” في إقليم دارفور السوداني، وقال: إن الحكومة تلعب بالنار باعتمادها على ميليشيات قبلية في أعمالها الأمنية، في حين اشترط توقيع اتفاقية سلام وجمع السلاح لسحب قوات حفظ السلام الدولية من الإقليم.
و سخر المهدي من المنشقين عن حزبه، ووصفهم بأنهم “زكاة” حزبه للحزب الحاكم، وتعهد بالشروع في عملية الفصل بين زعامة الحزب وإمامة الطائفة، لكنه لم يقطع، ما إن كان سيختار أن يكون إماماً لكيان الأنصار، أم رئيساً لحزب الأمة القومي.
وهنا نص الحوار الذي نشرته ” الشرق الأوسط”
* يتوقع أن يتخذ في واشنطن الشهر المقبل قرار بشأن رفع العقوبات على السودان… رفعها من عدمه، كيف يؤثر الأمر في الأوضاع في السودان؟
– هناك قراءة غير صحيحة، تتجاهل المشكلة الكبيرة وهي وجود اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب. وهذا سيستمر حتى إذا رفعت العقوبات الاقتصادية… وهذا غير وارد الآن.
بصرف النظر عن العقوبات الأميركية، فإن هناك عقوبات دولية يسندها 63 قرارا صادرا من مجلس الأمن الدولي، وبينها القرار 1591، وهذه باقية ولن تتأثر برفع العقوبات الأميركية. وثالثاً، فإن من أهم الأشياء المطلوبة هو إعفاء الدين من السودان، وهو يستوجب موافقة 55 دولة أعضاء نادي باريس بالإجماع.
ستظل هذه المشكلات قائمة حتى لو رفعت الحكومة الأميركية عقوباتها. لن يحدث تطبيع مع الأسرة الدولية إلا بمعالجة المسائل الأخرى، رفع العقوبات أو عدمه يؤثر فعلاً، لكن تأثيره محدود. وليستفاد منه فينبغي أن يكون للسودان إنتاج ليصدره، وهو الآن بلا إنتاج، ويجب أن تكون عنده أموال ليستورد، وهو الآن يعاني عجزاً في العملات الصعبة للاستيراد.
أما موقفنا فكان ولا يزال أن ترفع هذه العقوبات لأنها تؤثر على المواطن السوداني، لكن أثرها لن يكون كبيراً.
* مدى التزام الحكومة بتنفيذ خطة المسارات الخمسة الأميركية التي وضعت شروطا لرفع العقوبات؟
– هناك وجهتا نظر في الولايات المتحدة، فالجهات الأمنية والاستخباراتية ترى أن السودان التزم بالمسارات الخمسة المطلوبة (هي التعاون في مكافحة الإرهاب – وقف الحرب في السودان – وقف دعم متمردي دولة جنوب السودان – وقف دعم جيش الرب الأوغندي – إيصال المساعدات للمحتاجين في مناطق النزاع)، في حين يتكلم آخرون عن ضرورة وجود مساحة أكبر للحرية السياسية والصحافية ولمنظمات المجتمع المدني، ويقدمون عوامل أخرى يرون ضرورة اكتمالها لرفع العقوبات.
حال أخذت واشنطن برأي الأجهزة الأمنية ستكتفي بما تحقق، وإذا أخذت برأي من يطلبون إدخال عناصر متعلقة بالمطالب المدنية، ففي رأيي سيكون التقييم سلبيا.
* وماذا عن التزام الحكومة بالمسارات الخمسة؟
– لا تزال هناك أشياء في حاجة إلى إجراءات.
* هل بدأ المجتمع الدولي يتخلى عن دارفور؟
– لا، فقد بذل المجتمع الدولي الكثير جدا من أجل دارفور، فبعثة حفظ السلام تكلف مليار دولار في السنة تقريباً، لكن من الواضح أن استمرار قضية دارفور لخمس عشرة سنة سبب إرهاقا للمجتمع الدولي. في وقت لا تملك فيه الأمم المتحدة الإمكانيات والقوات لمواجهة المشكلات الأخرى في السودان وفي جنوب السودان.
* هناك نذر مواجهة بين حلفاء الحكومة في دارفور، كيف يؤثر هذا على المشهد؟
– لعبت الحكومة بالنار لأنها اعتمدت على ميليشيات قبلية في كثير من أعمالها الأمنية، وفي رأيي هذا يعني الاعتماد على قوة غير نظامية مهما أطلق عليها من أسماء. هذه تركيبة ملتهبة سيكون لها ما بعدها؛ لأن الحكومة جعلت من قوى أصلاً «ميليشياوية» أداة لسياسة الدولة، الأمر الذي أثار حفائظ ومراشقات وخلافات حول وبين هذه القوات الميليشياوية. ستتزايد آثار هذا الوضع الأيام المقبلة؛ لأنه نابع من مراشقات من داخل القوات التي كانت محسوبة على دعم النظام.
* يبدو أن هناك متغيرات دولية ربما تؤدي إلى تقليص قوة حفظ السلام الأممية في دارفور، هل حان الوقت لذلك في نظركم؟
– يرجع سبب تقليص قوة حفظ السلام إلى عدم وجود متطوعين جدد بعد أن سحبت بعض الدول قواتها، وإلى الميزانية فهي ميزانية كبيرة وطويلة ومستمرة. أما من حيث المبدأ فوجود قوات دولية تساهم في حفظ السلام ما زال ضرورياً، وللاستغناء عنها يجب أن يكون هناك اتفاق سلام أولاً، فمن دون اتفاق سلام لن تهدأ الأوضاع وليس في دارفور وحدها. بل ستكون هناك تدخلات عبر الحدود، فمهما كان وضع هذه القوات المسلحة في الداخل، فهناك إمكانية لوجود لها خارج دارفور في مناطق حدودية وفي دول الجوار متاحاً؛ ما يجعل من الدور الرقابي الأممي مهماً. أما ثانياً، فإن الانتشار الهائل جداً للسلاح المملوك للقبائل والميليشيات في الإقليم– نحو ستة ملايين قطعة سلاح– يجعل من الموضوع كله «صندوق ذخيرة» قابلا للالتهاب. أقول نستغني عن قوات حفظ السلام تماماً وبحق عندما يجمع هذا السلاح ويضبط، وتوقيع اتفاق سلام.
* كيف تقيّمون النتيجة التي وصل إليها الحوار الداخلي والمتحاورون؟
– أطلقنا على النتيجة الكلية للحوار الداخلي «حوار مكانك سر»، فقد أجهضت حتى الإصلاحات التي أدخلت على موضوع الحريات، فهو مجرد بوية – صبغة – ثانية للنظام القائم.
* إلى أين يمكن أن يؤدي هذا الحوار؟
– سيؤدي إلى استنساخ الفشل.
* أثرت المتغيرات الدولية والإقليمية على الحوار الوطني بشكل عام، وبالتالي خريطة الطريق الأفريقية التي وقعتهم عليها، كيف الخروج من المأزق؟
– صار إيجاد مخرج لتحقيق السلام وإصلاح الحكم والدستور أكثر إلحاحاً، لكن الأطراف تعيش الآن اضطرابات ومشكلات. لذا؛ طرحنا نظرة جديدة، تتجاوز الحديث عن خريطة الطريق إلى الحديث عن «ثمرة خريطة الطريق». نحن نتبنى هذه النظرة ونعمل على إقناع الأطراف بهذه «الثمرة». وحددت معالمها في خطابي الأخير، وحال الاتفاق عليها يمكن أن يدعمها الاتحاد الأفريقي والأسرة الدولية وتحالف نداء السودان، ونعمل على أن تقبلها فصائل «نداء السودان» كلها.
* ولكن الخلافات والانشقاقات تضرب فصائل تحالف نداء السودان!
– الفصائل المدنية في قوى نداء السودان متفقة، ويقتصر الخلاف على الفصائل المسلحة التي تعيش مشكلات تنظيمية، ما أحدث اضطراباً بشأن تكوين الوفود للتفاوض وغيره. لذا؛ جاءت فكرة «ثمرة الحوار الوطني» وأسميها «الرافع»، الذي بدلاً من الحديث عن خريطة الطريق، فنحن نتكلم الآن عن «نهاية خريطة الطريق»، ونعمل على تسويقها.
* هل تخططون ليشمل «نداء السودان» قوى أخرى؟
– من الوارد جداً حدوث هذا، فنحن نقوم بعملية استقطاب لحملة التعبئة الشعبية، وسيكون من نتائجها جمع كل الذين يريدون «نظام جديد» في جبهة واحدة.
* كيف يؤثر انشقاق الحركة الشعبية لتحري السودان – الشمال بين مجموعة عقار ومجموعة الحلو على الحوار ومجمل الأوضاع في البلاد؟
– الانشقاق يمكن أن يعرقل الحوار، وأن يزيد من حجم التدخلات في الشأن السوداني من دول الجوار. لكن في تقديري في حال قبول الأسلوب الجديد الذي نتحدث عنه، يمكن تجاوز آثار هذه الانشقاقات. فنحن نريد تجاوز مسألة وفود التفاوض وكيف ومتى تتكون إلى إيجاد رافع فيه ثمرة الحوار، وإقناع الأطراف كافة بهذه الثمرة.
* هل تتبنون مبادرة للإصلاح بين الفرقاء في الحركة الشعبية؟
– نعم، فنحن نعتقد أن ما حدث أمر مؤسف لأنهم جميعاً مهتمون بضرورة حل مشكلات السودان، لكن هذا الخلاف سيعقّد الطريق إلى الحل. فحين انشقت الجبهة الثورية بين التكوين الدارفوري وتكوين الحركة استطعنا احتواءه. الآن نقدم هذه الفكرة لاحتواء الخلاف الجديد.
* هل تحدثتم مع الأطراف؟
– تحدثنا مبدئياً ونأمل أن نلتقيهم لنرى ماذا يرون ونعرف وجهة نظرهم، فطريقنا مفتوحة معهم جميعاً لتوحيد الرؤية حول هذا المشروع الجديد.
* منذ عودتكم من منفاكم الاختياري بمصر، طرحت فكرة الفصل بين الإمامة والرئاسة في حزب الأمة القومي، وتحدثت عن تنظيم جديد يفصل قيادة الحزب وكيان الأنصار، كيف؟
ـ كان الهدف من الجمع بين الإمامة ورئاسة الحزب انتقالياً لحماية كيان الأنصار من الاختطاف؛ لأن النظام السوداني يعمل على اختطاف كل الكيانات الدينية، كان تصرفاً وقائياً. وأسعى لتكون إمامة هيئة شؤون الأنصار متطورة وانتخابية وإمامة دستورية، وظيفتها دعوية تخص الأنصار. أما حزب الأمة فحزب سياسي مفتوح لكل السودانيين أنصار وغير أنصار، ومسلمين وغير مسلمين. وأسعى لتأسيس هذا الشكل من التطور. ستكون هناك إعادة هيكلة لحزب الأمة ضمن ما أسميناه التأسيس الرابع للحزب الذي نحضر له بورشة تحدد معالمه، يناقشها ويجيزها المؤتمر الثامن. في حين سيبحث المؤتمر الثاني لهيئة شؤون الأنصار تفاصيل أوضاعها ويجيز هذه التطورات التي أتحدث عنها.
* هل ستختار أن تكون إمام كيان الأنصار أم رئيساً للحزب؟
– دعك من الشخصي، فأنا أتكلم الآن عن المؤسسات، ولي رؤية أخرى عن العمل الذي سيجري.
* ألا يمكن الحديث عنها الآن؟
– لا..
* تبذلون جهوداً لإعادة توحيد حزبكم؟
– حزب الأمة القومي موحد، ومن خرجوا منه مع الحكومة وهم أحزاب ملحقة بحزب المؤتمر الوطني( الحزب الحاكم في السودان) ولا علاقة لنا بها.
* ألا تسعون لاستعادتهم؟
– لا نحن نعتبرهم زكاة بالنسبة لنا.
* بعضهم يحمل اسم الحزب؟
– نحن حزب الأمة القومي، وهذه لا يستطيعون أخذها، أما اسم الأمة فليدعيه من يدعيه، سمينا حزبنا الأمة القومي الجديد بعد أن أجرينا إصلاحات في حزب الأمة الأصل، ومن يشأ أن يسمي حزب الأمة لأي سبب فليفعل.