أصبحت حكومتنا الانتقالية الآن – للأسف – بين مطرقة الكرونا وسندان حاجيات المواطن اليومية، فبينما ظلت تسعى فى جد وعجالة عما يساعد فى اخراج الوطن المحتضر من غرفة الانعاش، بمنحة مالية عاجلة من الأشقاء أو الاصدقاء، داهمته تداعيات جائحة كرونا، والاثنان فى حاجة للدعم المالي المعول أن يتم الحصول عليه – بشكل كبير – من الدول المقتدرة ماليا، لكن هذه الدول نفسها أصبحت فى حاجة إلى مال تسد به حاجة مواطنيها للوقاية والعلاج من وباء كرونا الذي عطل اقتصادها وأفقر خزائنها.
هنالك عامل آخر تسبب فى وضح الحكومة فى هذا الموقف الحرج، وهو تغلغل اليسار فى مؤسسات الدولة وتمكنه من مفاصلها والذي أثر سلبا على تجاوب دول العالم مع نداءات الحكومة فى طلب المساعدة، فالاصدقاء الخليجيون وكذا دول الغرب التي تحمست فى بادىء الأمر لمساعدة حكومة الثورة بعد اسقاط نظام الانقاذ الاخواني، قد فتر حماسها وترددت فى الاستجابة لطلب الحكومة، بعد أن أيقنت أن اليسار الذي لا يقل سوءا عن نظام الإخوان اليميني، قد تمكن من مفاصل الدولة وأصبح بديلا للاخوان.
فى رأيى أن أحزاب الوسط بما فيها حزب الأمة، قد انطلت عليها خدعة (الابتعاد عن المحاصصة) فى الفترة الانتقالية فشربت المقلب وتمكن اليسار وحل محل الكيزان فأصبح (التعيس بديلا لخائب الرجاء).
لكن ومع ضغط سدنة النظام الهالك وسعيهم الحثيث لعرقلة سير الحكومة تمهيدا لعودتهم فى قالب جديد، أذعنت احزاب الوسط وقبلت بتمكين اليسار، مع المحاولة ما أمكن لإجراء بعض الاصلاحات التي تخفف من قبضته، وهو أمر جد مكلف فى ظل الضائقة المعيشية الخانقة والمتصاعدة واحجام الدول المانحة عن المساعدة.
ولذلك وفى ظل الركود المتوقع للاقتصاد العالمي بسبب وباء كرونا، لا نرى مخرجا للحكومة الانتقالية وحاضنتها السياسية (المتورطة)، لوقف عجلة التدهور الاقتصادي المتدحرج بسرعة نحو هاوية الانهيار، إلا الاعتماد على مواردنا الذاتية ودعم وتأهيل وسائل انتاجها من مال الدولة الذي نهبته قيادات النظام المقبور، والذي أصبحت إعادته، بأي شكل من الأشكال، ضرورة ملحة ولا غنى عنها.