14 يناير 2019 م
هل هو ذاك ام يوم بعده او قبله فقد ذهبنا في غيابة الجب لا ندري ما الايام ولا الساعات والاوقات فكنا لاهل الكهف ولا تزاورنا شمس ولا كلب الا الوحوش التي تلهب بالسياط ظهور الثوار القادمون ونحن نسمع وقع الضرب ولا صراخ لكنهم كانوا اقوى من ان يصرخوا رغم قسوة الضرب المبرح والاحساس بالاذلال
ولكنه كان يوم من ايام زنازين الثلاجات ( موقف شندي ) التي وصلنها مقيدي اليدين معصوبي العينين من معتقل ربك برفقة المناضلين يوسف محمد ابراهيم الحسني من الجزيرة ابا ومعه منها ايضا علي محمد احمد والحبيبين الراكزين ركوز الجبال موسى عبد الله الضو والحبيب الحافظ بلال ضو البيت ادم وشخصي الضعيف وقصة هؤلاء وترحيلنا وما قبله له حيز اخر ان مد الله في الآجال
نعود الى ذلك اليوم 14 يناير
جاء من يستدعيني من الزنزانة 5 وفق كشف معد سلفا يحمله امنجي و اخذت الى الطابق الارضي حيث وجدت جمهرة من الزملاء اعرف المشهورين منهم
وجدي صالح وساطع الحاج واخرون نعرف اسماء بعضنا ولم نلتقي قبلا
تم اقتيادنا الى الخارج لنجد عربة الجهاز ( شريحة ) تقف عند بوابة المعتقل الرهيب امرن الامنجية بالصعود وشخصيا لا ادري الى اي ارض ذاهبون ؟ المهم خرجنا لا نرى شئ فالستائر تحجب الرؤية ودرات بنا العربة ولمسافة غير بعيدة ادخلنا الى مبنى من مباني الجهاز لا اعرفه المهم ادخلنا لنجد امامنا كل انذال النظام البائد
ما يسمى نقيب المحامين وبعض افراد مكتبه وما قدمتهم في الذكر الا احتراما للمهنة التى لبسوا ثوبها دون ان يؤدوا حقها ومستحقها ثم رئيس نيابة امن الدولة وثلاثة من وكلاء نيابة امن الدولة بعض زملاءنا يعرفونهم ويمازحونهم ثم عدد من ضباط جهاز الامن ومستشار الجهاز الاعلامي -عرفته من تدوينه لبعض ما يقال ومحاولته تصويرنا ) وقد اعترض على التصوير استاذ وجدي باعتبار ان هيئتنا لا تسمح بذلك فاستجابوا وامتنعوا عن التصوير
كنت قد علمت من زميلي المحامي في الزنزانة انه في نفس يوم مقدمنا الى موقف شندي قد قابلوا (النقيب)
جلسنا ورحب بنا الاستاذ عثمان الشريف وقال انهم جاءوا لمعرفة احوالنا والاطمئنان علينا وانهم يريدون اثبات انهم نقابة لكل المحامين واخبارنا باستعدادهم للدفاع عنا متى تمت احالتنا لمحاكمات وانهم تقدموا بطلبات لاطلاق سراحنا او احالتنا الى محاكمات
واكثر ما اغاظني في حديثه امران الاول : انه تحدث عن الدفاع عنا وكانه لا يأنس فينا كفاءة الدفاع عن انفسنا او كانه لا يعلم اننا ننتمي للتحالف الديمقراطي للمحامين والذي يتصدى لهذه المهمة دون طلب ودون من ليس عن المحامين فقط بل عن كل سجناء الرأي والضمير والنشاط السياسي و النقابي عكس سجل نقابة المؤتمر اللا وطني الذي نعرفه كما انه قدم موضوع الدفاع عنا قبل طلب اطلاق سراحنا وكانه يقول بشكل مبطن اننا قد اجرمنا بمعارضتنا لحكومته المجرمة وما يدري ان هذا واجبنا المهني والاخلاقي تماما ولا نعده الا مشاركة ضئيلة لشعبنا في ثورته ضد انظمة القهر الشمولية ايا كان توجهها السياسي او الفكري فالشمولية في عقيدتنا ملة واحدة
الثاني : انه قال اننا لا نريد مناقشة دستورية او عدم دستورية قانون الامن اي انه يقول ضمنا ان اعتقالنا قانوني ومشروع و ان حصاناتنا الاجرائية المفترضة لا يجب مناقشتها فهي مجرد نص صوري على بطاقاتنا (نبلها ونشرب مويتها )
بعد مقدمته تلك اعطى الزملاء قيادة الدفة لاستاذنا الجليل صالح محمود والذي تحدث باستفاضة ثم اعقبه الاستاذين وجدي صالح وساطع الحاج وهما المحاميان العملاقان الذين تحدثا حديث الخبيرين القانونيين والسياسيين الماهرين ولما يحمله رأسي من شيبة لا اكثر قد منحت فرصة لمخاطبة الجمع وكنت اعرف ان جل الزملاء قد سمعوا اسمي عبر الاسفير ولم يروني فكان لابد من تعريف نفسي ولما كنت مغيوظا من الاستاذ ( النقيب ) فقد اثرت الرد بطريقة مبطنة على ما اغاظني واعتقد انني قد اوضحت بجلاء اننا كمحامين لا نحتاج لمن يدافع عنا فقط نطالب اما اطلاق سراحنا او تقديمنا للمحاكمة وان هذا الطلب ينسحب تماما على كافة المعتقلين بل ذكرتهم جميعا ( نقابة نظام ونيابة نظام و امن نظام ) ان الذين يحتاجون فعلا للدفاع عنهم هم افراد الشعب من الشباب والنساء المعتقلين وان ذلك ايضا واجب النقابة
كما حاولت ان اوضح بشكل صريح اننا كمعارضة لهذه السلطة لا نطلب من نيابة امن الدولة و جنود جهاز الامن الا ان يقفوا على الحياد بيننا وبينها
بالتأكيد كنت اعلم ان تشكيل نيابة امن الدولة وجهاز الامن لا يسمح لهذا ان يحدث ولكن لابد ان يفهم الجميع اننا لسنا ضد جهاز امن وطني يفهم ان الامن هو امن الوطن والشعب لا امن النظام الحاكم
فكنت حريصا على ارسال رسالة للجميع باننا بالوعي الكافي بمصلحة بلانا وشعبها و رغم اني عددت هذا اللقاء من اللقاءات الفارغة وغير المنتجة لاننا نفهم عقلية هؤلاء وان (نقابة السلطة ) تحاول ان تحقق منها كسبا دعائيا الا انه كان لقاء بالنسبة لنا كمحامين مفيدا جدا فمن خلاله تعرفنا على بعضنا من خلال فرص التعريف و يقدر عددنا الذي احضر لهذا اللقاء بحوالي 17 محامي
تشرفت شخصيا بالتعرف فيه مباشرة على كوكبة من الاساتذة الاجلاء
اذكر منهم وجدي صالح وساطع الحاج وطارق كانديك وعبد المنعم وبكري جبريل وعيدروس ومحمد يوسف وشباب اخرين كثر ثم تعرفت لاحقا بالاستاذ حسن الطيب من بورتسودان حيث اقمنا معا لعدة ايام حتى اطلق سراحه و كذلك احتككت بشكل مباشر بالاستاذ القامة كمال الجزولي اما استاذنا صالح محمود فقد تعارفنا هناك ثم انتقلنا للاقامة معا مع الاستاذ المجتهد بدر الدين السيمت بكوبر بعنبر النخلة وكانت بالنسبة لي مدرسة تعلمت منها الكثير من قامات سياسية بارزة ارجو ان تسنح لي الظروف لاذكر اولئك القادة والشباب الذين افخر بان جمعتنا بهم ساحات النضال ويقيني انه اشرف واكرم تعارف
وفي طريق عودتنا الى الزنازين وفجأة وبدون سابق انذار اذا بصوت ينطلق اسمحوا لي اسلم على الاستاذ ابو المعدوم فالتفت فاذا به الباشمهندس مرتضى ابراهيم هباني امين امانة المهنيين بحزب الامة فاتجهت اليه وعانقته دون ان ننتظر اذنا من احد
وكان داخلا لتوه حاملا حقيبته المتواضعة وقد التقينا مرارا بعد ذلك في زيارته لكوبر وفي ايام التحقيقات مع نخبة من شباب الامة الثائر وشباب من كل الاطياف واللا طيف وهم بقوة وصمود الجبال ودائما ما اقول اننا مطمئنون على وطن فيه هذا الشباب المناضل ونحمد الله ان عشنا حتى رأيناهم يتدافعون للاستشهاد في سبيل الحرية والسلام والعدالة
لهم جميعا التحية والقومة
المجد والخلود لشهدائنا الكرام
الشفاء العاجل لجرحانا
العودة لمفقودينا
القصاص العادل من كل من اجرم في حق الشعب
وان جاز لى في هذه الذكري ان اناشد فمناشدتي لكل القادة والاحزاب والحركات ولجان المقاومة وكل الثوار ان يرفعوا اصوتهم بسن وتطبيق قانون من اين لك هذا وان يدعموا بشكل لا لبس فيه لجان التحقيق في كل الجرائم المرتكبه وبشكل اخص لجنة التحقيق في فض الاعتصام
دعم الحكومة الانتقالية واجب ثوري