لا مجال أبداً لنظام الإنقاذ المخلوع -حالياً على أقل تقدير – للبروز على سدة السلطة والحكم في السودان إلا عن طريق تأليب أبنائه من ضباط المجلس السيادي لقلب الطاولة على بريق وزخم الثورة الذي بلغ مدى كبيراً في نفوس الغالبية من الشعب السوداني.
نقول أغلبية الشعب السوداني وإلا لما أذعنوا وخضعوا هم بعد تمكينهم وسيطرتهم على كامل مفاصل الدولة لهدير السيل الجارف من الثوار الذين هبّوا من كل أنحاء السودان، واقتحموا ساحة القوات المسلحة لإزالتهم من السلطة، وقد يئسوا تماماً من وقوف الشعب إلى جانبهم، ولعل مناداة متظاهريهم لبرهان بأن يسعفهم ببيان عسكري أصدق دليل على ضعف حيلتهم، وكذب ادعائهم، بأن لا بدليل لنظامهم، حيث كانوا بتبجحون ويسخرون (أهه أين البديل؟) ولهذا سوف لن يعترفوا بأي بديل إلا هم ذاتهم.
وصراحة فإن الضباط العسكريين في المجلس السيادي ثقة الشعب فيهم لم تكن كما ارادها ويريدها أن يكونوا سنداً للثورة والشعب، ولكنهم سقطوا في نظره ووُجهت إليهم أصابع الاتهام في أكثر من خيانة للثورة (محاولات الانقلاب وفض الاعتصام ومناوراتهم ومشاكساتهم مع الحرية والتغيير)، وإن لم يكونوا هم المباشرون للخيانة لكنهم جُبنوا ولم يواجهوها بصدق للثورة وبالوطنية الحقة، ويكشفوا منفذيها …وهذا ما يشكك في مصداقيتهم والوقوف صفاً واحداً مع مجلس الوزراء والحرية والتغيير.
على أي حال، ما أكدته جماهير الشعب السوداني في ثورتها المتميزة ألا عودة مطلقاً للماضي للانقلابات العسكرية، ولن تقف معها، ومن يضرب على وترها الآن هم أذيال ومنسوبو المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية لشيء في نفس يعقوب، ولا يوافق عليها إلا هم؛ لأنهم إقصائيون ينهزمون في مواجهة المنافسة والحرية والسلام والعدالة؛ ولهذا وجهوا كل ما عندهم من مال وجهد لمحاربة المنافسين من أحزاب وكيانات وشرذموها إرباً إرباً ( د. الجاز لما سأله مبارك الفاضل عن الجهة التي صرفوا فيها أموال البترول..رد له: اشترينا بيها الزيكم)…
ما يهم الآن يجب أن يدرك العسكريون في المجلس السيادي أن لا مخرج لهم ولا مجد لهم ولا فخر (وهي فرصة أتتهم) إلا السير في خط الثورة ومواكبة تحولاتها وإسنادها، ولا ينفعهم ادعاءات وتوسلات وأكاذيب المنتفعين من النظام البائد ولو ارادوا عزتهم وعزة الوطن وشعبه ان لا يتراجعوا إلى الخلف، بل يسيروا إلى الأمام، ويضعوا يدهم فوق يد حمدوك ومجلس وزرائه، ويساندوا قوى الحرية والتغبير وقومة حمدوك لإخراج الوطن من محنته إلى بر الأمان…