وحي الفكرة: كارثية القرارات الناقصة
محجوب الخليفة
- ليس هناك ما هو أكثر ضرراً علي الحكومة الانتقالية من القرارات المجزوءة او الناقصة..
وإذا كان هناك ما يستحق أن تنتبه إليه الحكومة هو أن لا تهزم نفسها باعتمادها علي نهج القرارات المجزوءة او الناقصة. - ولعله من الواضح أن يفهم ما نقصد بالقرارات الناقصة.. أي تلك القرارات التي ترتبط بترتيبات مسبقة تمنح تلك القرارات الارضية الصلبة، وتوفر الأسباب والمعينات الضرورية لتنفيذها علي أرض الواقع، ولكنها لا تنتبه إلى تلك الترتيبات، ولا تأبه للآثار الضارة لتلك القرارات الناقصة. فالحكومة الانتقالية وبفعل قراراتها الناقصة بدت بوجه متعدد الملامح، فهي تبدو أحيانا امتداداً للنظام السابق، ودليل من يراها كذلك أنها تحفظت علي قادة النظام السابق، وتتباطأ في تقديمهم لمحاكمات عادلة، ثم أنها لا تنشط في التحقيق حول فضّ اعتصام القيادة، وكشف من ارتكبوا تلك الجريمةز
- ثم أن هناك من يري أنها حكومة يسارية متطرفة لا تختلف عن حكومة اليمين المتطرف، التي بدأت بفصل اليساريين وكل خصوم الإسلاميين من الوظائف دون مراعاة لخبراتهم، وحاجة الوطن إلى إسهامهم حينها، وها هي الحكومة الانتقالية قد جعلت تصفية الخدمة المدنية من الاسلاميين، وتوزيع الاتهام بالكوزنة لكل من عمل بالدولة خلال الثلاثين عاماً الماضية من مهامها الأولي، و يجد أصحاب هذا الرأي أكثر من دليل من القرارات الناقصة، مثل: اعتماد التغيير الكامل للمناهج، وليس مراجعتها أو تعديلها مع التركيز في الغاء وجود الدين الاسلامي تماماً…فلا يعقل أن يكون كل مجمع الفقه أو مجلس علماء السودان يستحق أن يحال كل أعضائه، وأن يعطل نشاطه بالكامل من دون ان ينتبه قرار الإحالة إلى اختيار أسماء بديلة من علماء السودان وفقائه؛ مما يوحي بأن المستهدف ليس الأعضاء وانما الفكرة نفسها.
- والقرارات الناقصة هي القرارات التي لا تقرأ اثرها المتوقع، وتحتاط لسد أي ثغرة. ولعل تلك الثغرات تتيح فرصاً لهزيمة الثورة؛ لأنها ببساطة تبني حاجزًا نفسياً بين الثوار صناع الثورة والحكومة الانتقالية.
فالسوان لن يتقدم قيد أنملة في حال تمسكه بالتطرف والاعتماد علي القرارات الارتجالية الناقصة. وقد كتبنا منذ فترة ليست بالقصيرة أن سر تأخر السودان عن ركب الامم المتقدمة رغم توافر كل مقومات ذلك التقدم هو أنه ظل رهيناً لصراع متبادل بين اليمين المتطرف واليسار المتطرف اأيضاً.. وكلا التيارين لا يعتمدان إستراتيجيات للبناء الوطني، وانما يركزان في الكسب السياسي والمحاصصات، وتصفية الحسابات بأساليب تضر كثيراً بمصالح السودان، وتبقي الشعب في دائرة الإحباط. - لا سبيل للخلاص الا بالتخلص من التطرف والالتزام بالخروج من مسار القرارات الناقصة؛ لانها كارثية النتائج.