في مرحلة الطفولة الباكرة كنا عندما يتم الاعتداء علينا بالضرب من أحد أقراننا الذين منحهم الله بسطة في الجسم كنا نهرب إلى داخل البيت ثم نقف خلف باب البيت، ونصرخ بأعلى ما نتملك من صوت: “والله العظيم انا ما حاخليك وحتشوف لو ما جيت طلعت عينك”. ونحن على يقين أننا لن نستطيع تنفيذ تهديدنا له، وهو مجرد هتاف حنجوري، وفرقعة إعلامية بلغة العصر الحديث.
ما كنا نقوم به ونحن أطفال يقوم به الآن المدعو أنس عمر! وهو صاحب الملف المليء بكل انتهاكات حقوق الإنسان .. هذا الرجل الذي وقف يوماً أمام مناصريه من زبانية الأمن، وطلب منهم ألا يخسروا طلقة واحدة في أعداء الإنقاذ، وأن يقتلوهم بأي طريقة أخرى خلاف إطلاق النار عليهم؛ لأن ثمن الطلقة الواحدة أغلى منهم.
جاء اليوم يرغي ويزبد ويهدد ويقسم بالله أنهم لن يستسلموا إلا بإطلاق الرصاص عليه على جبهته ( كما أشار هو في حديثه) أو ارساله إلى سجن غونتنامو؛ لانه اصلاً لا يعترف بسجن كوبر، واختتم حديثه: “والله يا كدة يا نحنا ما حنخليكم”.
يتحدثون كأن حكم السودان ملك خاص لهم يتوارثونه بينهم، ولا يحق لأي سوداني آخر حتى مجرد أن يحلم بحكم هذا الوطن في يوم من الأيام.
السودان بشعبه وثرواته في ظاهر الارض وباطنها هو ملك لهم لا أحد ينازعهم عليه ومن ينازعهم يقولون له (والله نحنا ما حنخليكم).. أي سفه هذا وأي تجبر؟!
من انتم حتى تعتقدوا أنكم امتلكتم السودان شعباً وأرضاً وثروات؟!
أعتقد أن أنس عمر فات كل الحدود الممكنة يا حكومة وتركه هكذا وهو يهدد ويتوعد لهو إثم كبير وخطأ لا يغتفر .
نحن لا ندعو للعنف، ولكن لم السكوت على من يهدد وبدعو إلى العنف؟ يجب عدم تركه هكذا يسرح ويمرح ويهدد . واذا لم تتحرك الحكومة فستتحرك لجان المقاومة (والله يجيبوه من اضانو) ..
كفانا استهانة ولا مبالاة . اعتقلوه وافتحوا ملفاته وانتهاكاته لحقوق الإنسان في دارفور وكردفان كلها جرائم (توديه ورا الشمس).
من يريد أن يعارض فليعارض، ونحن نعيش فترة حرية وديمقراطية، ومن يريد أن ينتقد فلينتقد، ولكن ليس بطريقة وأسلوب المدعو انس عمر. هذا الذي يهدد وبتوعد بالويل والثبور وعظائم الأمور ويعلنها حرباً علنية، وإذا ترك هكذا سنسمع به غداً وهو يقود جيشاً من الانتحاريين والتفجيرين، وقطعا سيجد من يقف معه من أصحاب الغبينة.
هناك قرار واضح بحلّ حزب المؤتمر الوطني، إذن فليطبق القرار دون تلكوء في مواجه هؤلاء العابثين بأمن الوطن. ماذا يعني أن تحل المؤتمر الوطني، ويخرج لنا المؤتمر بحركة أخرى ويسميها حركة حشد؟! والغريب في الأمر ان رئيس هذه الحركة لم يتمكّن حتى من التخلص من طريقة الترابي في المخاطبة !! طريقته نفسها .. أسلوبه
نفسه .. كلماته وحركاته وسكونه.
ما أنا متأكد منه أنهم ومهما غيروا من جلودهم لن يستطيعوا العودة إلى حكم السودان، وقلت ذلك مراراً وتكراراً: إنهم لن يستطيعوا العودة إلى الحكم مهما فعلوا، على الأقل في المدى المنظور، ببساطة لأن الشعب لن يقبل بهم مرة أخرى، مهما عانوا في صفوف الخبز والبنزين والغاز ورفعوا شعار (الجوع ولا الكيزان) .
ولكن هذا لا يعني أنهم لن يسببوا عقبات في الفترة الانتقالية .. سيخلقوا لنا كثيراً من المطبات والأزمات تتلوها الأزمات، ولن تهدأ الفترة الانتقالية لا اقتصادياً ولا سياسياً طالما هم يسرحون ويمرحون هكذا .
حمى الله وطننا من الكورونا ومن الكيزان.