إنصاف الموظفين والعمال بالدولة في القطاعين العام والخاص هو أول خطوة في الطريق إلى إعادة تأسيس الخدمة المدنية على الوجه السليم. وهي خطوة مهمة من أجل إعادة البريق والإحترام للوظيفة، التي جعلتها الإنقاذ ليس أكثر من منصة للسرقة والإبتزاز.
كما أن إنصاف العامل والموظف يعتبر مرحلة متقدمة في الطريق إستعادة الدور المحوري للخدمة المدنية، ليكون لها دور أساسي كما كان في السودان وكما هو حادث في كل الدول. وتلعب دور أساسي دعم الاقتصاد الوطني من خلال تسريع إجراءات العمل المدني وفي رفع كفاءة التحصيل للايرادات المحلية التي تكون الميزانية العامة للدولة.
زيادة الرواتب أيضا خطوة أساسية في محاربة الفساد والتسيب واللامبالاة التي كانت الصفة الغالبة في الوظيفة العامة إبان حكم الانقاذ، فإن كنت تنتظر مني أمانة وإنتاج، يجب عليك أن تعطيني مرتب يمكنني من العيش بكرامة..
وإذا واصلت الدولة في تنفيذ وعدها بتوفير التعليم المجاني والعلاج المجاني أو المدعوم من خلال مظلة للتأمين الصحي الواسع، فإن هذا الأمر سيؤدي إلى الاستقرار في هذا القطاع الواسع والنوعي والمؤتمر جدا بالدولة، وسيؤدي ذلك في المدى القصير الي إعادة بناء الطبقة الوسطى، التي دمرتها حكومة الكيزان في اطار منهج مدروس قصدت به إخراجها من أي تأثير في مجريات الأحداث بالدولة في إطار سياسة إعادة تكوين المجتمع السوداني.
وأرى انها خطوة فيها نبل واحترام وحسن تقدير من رجل محترم يعرف قيمة هذا القطاع بالدولة من الناحية الاقتصادية ومن نواحي أخرى عديدة سيأتي تفصيلها. وفيها بلا شك إنصاف مستحق لمن بذلوا أعمارهم من أجل العمل والإنتاج بالدولة وياحبذا لو يشمل هذا الإنصاف قطاع المعاشيين.
واي مهتم بالشأن العام يعرف ان الإستقرار في الخدمة المدنية سيقود إلى استقرار الطبقة الوسطى والتي شردتها الإنقاذ خارج البلاد بالقهر والعزل السياسي والتضييق، وهي الطبقة ظلت ترفد الوطن عبر تاريخه الطويل بالمبدعين والعلماء والمثقفين والسياسيين الافذاذ والعمال المهرة، وبالتالي من المؤمل أن يشهد الوطن تدريجيا اهتمام نحو تنمية الثقافة والأدب والفنون والرياضة وغيرها من مجالات الابداع، والتي بدورها ستدعم معاني الوحدة والقيم الوطنية والإنسانية النبيلة و المأمول أن يعزز ذلك الروح الوطنية ويهزم مظاهر التطرف والانهزام والتفرقة والصراعات وغيرها من مظاهر التخلف والجهل.