الطالب الحربي مزمل سلمان غندور اول الدفعة الاولى بالكلية الحربية السودانية في العام ١٩٤٨م .. كان وزير الداخلية وسفير السودان بكل من لندن وبرلين .. يحكي بعض المعاصرين انه الرئيس المفترض قيادته انقلاب مايو ولكن اللواء/ خالد حسن عباس قال لمجموعة من الضباط الاحرار “احسن ليكم نميري من غندور راسو ناشف وما بسمع كلامكم .. قصده كلام اليساريين” .. اديب وكاتب له عدد من المؤلفات اهمها الاحكام العسكرية الذي ظل المرجع الاول في فقه وقانون التراتيبية بالقوات المسلحة خلال الستين سنة الماضية .. ولج السياسة كنائب برلمانى منتخب من احدى دوائر امدرمان اثناء الديمقراطية الثالثة عن الحزب الاتحادى الديمقراطي له من المواقف الوطنية المشرفة فى مطار الكويت حينما رفض تكريم جنود السودان على مشاركتهم فى حماية الكويت من الغزو العراقي فى الستينات وقال قولته الشهيرة: “نحن لانبيع مواقفنا” .. عمل ايضا في مجال الدعوة الاسلامية الامين العام لهيئة الدعوة الإسلامية وكان عمل الهيئة على عهده موجه للعمل الدعوي و الانساني لجنوب السودان في بداية التسعينات ..
تدرج غندور في رتب الجيش حتى وصل رتبة اللواء .. كرمه الرئيس الاسبق البشير في يوليو ٢٠١٥م ومنحه رتبة الفريق .. التقيته في ذكرى ميلاده التسعين الذي وافق العام ٢٠١٨م بحكم رابطة قربى و دم وثيقة تجمعني به وذكر لي ان البشير سلمه عربة اخر موديل وفق المخصصات القانونية لمعاش رتبة الفريق .. وقال وهو يتميز بذاكرة “سعة ١٠٠٠ قيقا” رغم تقدم العمر “بعد دة مشيت شاكلتو” مسديا له النصائح حتى ضحك البشير وارخى ظهره على المقعد وقال: “ياك مزمل البنعرفك” صادحا بالحق مهما بذلت لك العطايا ..
يحمل مزمل سلمان غندور ذاكرة المؤرخ الشفاهي حدثني حديث العارف، متقد الذهن، حاضر البديهة عن تاريخ اسرة الغنادير في امدرمان والخرطوم بحري .. سرد لي توثيقا مهما ان حلة حمد حي ضارب الجذور في التاريخ منذ مقدم العارف بالله الشيخ حمد ود ام مريوم ولكن ارتبط تاريخها الحديث بالعام ١٨٢٢م واسسها ستة من الصاغات المهندسين “رائد مهندس” ارسلهم الجيش المصري لانشاء مرسى السفن المعروف ب”الوابورات” معظمهم من ريف مصر وهؤلاء الصاغات الستة سكنوا في بيوت كانت من الحجر وهي البيوت الواقعة جوار مدرسة حلة حمد الابتدائية وقد ذكر الجد “غندور” اسماء ثلاثة من الصاغات الستة هم عمداء لاسر كبيرة بحلة حمد منهم الصاغ زكي والصاغ راجي والصاغ صبحي وخانته الذاكرة في ذكر الثلاثة المتبقين .. ثم انتهت مهمتهم ببناء النقل النهري ولم يرجعوا الى مصر بعد تقاعدهم بالمعاش وسكنوا في منطقة حلة حمد الحالية .. وقال: “كان بناتهم سمحات وقيافة وبيض” واسر محافظة تصاهروا مع تجار “العبابدة” القادمين من صحراء سيناء وصعيد مصر وتجارتهم الجمال .. منهم اخوين اشقاء هما “عبدالله اب منصور غندور” و “يوسف اب منصور غندور” .. وقال كانت بشرتهم سمراء قرروا ان يتزوجون من بنات الريف “البيض” بنات الصاغات الستة .. وذكر ان “عبدالله اب منصور غندور” تزوج من بنات الصاغ زكي في حلة حمد وانجب منها غنادير بحري اما شقيقه “يوسف اب منصور غندور” تزوج من بنات ال القوصي وانجب منها غنادير امدرمان .
اسرة الغنادير من الاسر العريقة في السودان طولا وعرضا منهم اعلام واقلام ورجال دولة .. انور غندور اول وكيل لوزارة الداخلية في السودنة .. وعبدالله غندور من مؤسسي مشروع الجزيرة .. وعبدالسميع غندور كبير حكمداري المديرية بالخرطوم وشمال كردفان الكبرى .. ومنهم الدكتور احمد علي زكي اول وزير للصحة عقب الاستقلال .. واحمد عبدالعزيز محمود غندور امين سر تجار “كاكا” “رئيس الغرفة التجارية” بجنوب السودان صاحب الوثيقة التاريخية الشهيرة المعروضة في دار الوثائق البريطانية التي اشتكى فيها البريطاني رئيس مجلس “كاكا” التجارية للحاكم العام بسبب معاملته السيئة واضطهاده لتجار المدينة وتزوج من الدويم بسبب توقفه بتجارته من والى الجنوب حيث كانت الدويم الميناء الاول بالنيل الابيض قبل كوستي وهو والد طبيب الاسنان البروفسير ابراهيم احمد غندور مدير جامعة الخرطوم ووزير الخارجية الاسبق والسياسي الشهير .. ومن الغنادير في مجال التعليم الاستاذ فتحي غندور ومحمد عبدالقادر غندور رئيس الاتحاد المهني للمعلمين السابق .. وفي مجال الشرطة الفريق عزالدين نعيم غندور نائب المدير العام لقوات الشرطة الاسبق وفي مجال القضاء شقيقه قاضي المحكمة العليا بالامارات العربية المتحدة صلاح نعيم غندور .. اما الفريق مزمل سلمان غندور من غنادير امدرمان فارق الفانية يوم امس عن عمر ناهز الثالثة والتسعين .. ولد في العام ١٩٢٨م وتوفي عميدا لاسرة الغنادير بلا منازع ..
مزمل سلمان غندور انتزعت منه قبل ستة اشهر معلومات مهمة عن نشأة مدينة بحري القديمة وذكر ان حلة حمد بالخرطوم بحري عمادها هم الصاغات الستة واصهارهم الغنادير “عشان كانوا مهندسين وضباط في الجيش المصري” ولهم مكانة اجتماعية بين سكان حلة حمد التاريخية سكنوا في المنطقة المجاورة للنيل الازرق والجناين .. وفي الجهة المجاورة لمقبرة الشيخ حمد ود ام مريوم سكن المريوماب وعمدتهم المرحوم مقبول الصديق كما يوجد في الطرف الجنوبي لحلة حمد حي الشلالية الذي يفصل بين حلة خوجلي وحلة حمد ومنهم الاذاعي الكبير محمد خوجلي صالحين .. وهم ومازال الحديث ينساب من سعادة الفريق غندور جاءوا من حلفا منطقة الشلال وكانوا هم الفنيين في ادارة وقيادة وخدمات السفن كما اكد ان منطقة ديوم بحري سكنها العمال الذين يعملون في الوابورات في مهن الحدادة والتزييت والتشغيل اما الدناقلة سكنها من يعملون في الضيافة وصنع الاطعمة في السفن .. ثم توالت احياء بحري الاملاك والختمية والمزاد والشعبية وكوبر .. رحم الله العلم الوطني الفريق مزمل سلمان غندور عميد اسرة الغنادير رحمة واسعة وجعل مثواه الجنة فقد كان من ابناء الوطن البارين ..