أورد الأستاذ الصديق عوض بابكر البصير في صفحته نقداً اختص بظهور الفانوس الرمضاني الشهير بشاشة النيل الأزرق، وكتب محللًا بإسناد مرجعي لعلاقة الفانوس بالثقافة المصرية ، وليست السودانية و الذي من خلفه قصة تقول: ” يقوم الأطفال بحمله عند حلول شهر رمضان و هم يرددون (#وحوى #وحوى )”.
والكلمة من قاموس اللغة الفرعونية القديمة، وترجمتها (مرحبا بالقادم الجديد)، والذى كان له الفضل فى ذيوعها فنان مصرى ظهر فى عشرينيات القرن الماضى اسمه أحمد عبدالقادر أنتج اغنية يرحب فيها بشهر رمضان تبدأ بالعبارة (#وحوى #وحوى)، ثم أصبح من التقاليد فى مصر أن يرددها الأطفال، وهم يحملون #الفوانيس كلما أطل شهر رمضان .
ليت إخوتنا فى القناة المذكورة يراعون مثل هذه الأشياء خاصة، وهم يضعون صورة الفانوس مع #خريطة #السودان). أرجع الأستاذ عرض الأمر إلى نظرية الإطار الدلالي الإعلامي، وهو إرجاع مقبول، ولكن ارى أهمية تعميق الإسناد وتأصيله بنحو علمي. فالملاحظة التي أوردها عوض صحيحة، وهي ليست حصراً إذا أردنا التعميم الدلالي لموضوعها على فانوس النيل الأزرق المشبوه.
في تقديري أنها ظاهرة تتعلق بالعلم السيميائي أو السييميولوجي في الحقل الاعلامي بصفة عامة، أو ما يطلق عليه في مناهج الدراسة الإعلامية الفلسفية والنقدية بأوروبا والولايات المتحدة الأميركية بعلم العلامات الاإعلامي.
علم العلامات الإعلامي علم تطور كما بدا ذلك واضحًا من علم الدلالة المكتوبة والمنطوقة، الذي يقوم على إسناد المعنى المعروض كتابة او نطقًا إلى غرض دلالي يتصل بالسياق الثقافي للثقافة، أو المنتج الثقافي صاحب التعبير. ولكن عندما تطور العلم إلي السيمايية أو العلاماتية الإعلامية أصبح متصلاً بالثقافة البصرية والسينما والتلفزيون على نحو التحديد ،و في مجالات عملهما على المعنى.
الديكور و الذي هو أحد عناصر تكوين الصورة المكون من الإضاءة والألوان والملابس يعدُّ حقلًا تفصيليًا لقراءة العلامة، وبما يعني تأصيل دلالة التعبير البصري المحدد، والقيام بتشريحه ضمن النسق الدلالي الثقافي العام.
هنا نجد أن الفانوس وغيره من مكونات ديكورية وعناصر تكوينية للصورة أو اللقطة التلفزيونية لا يوجد أو يتوفر معلقاً في الهواء، بل يحمل علامته الثقافية، التي عند تأصيلها نعثر على الإجابة التي تفضل الأستاذ عوض بذكرها، وهي ن هأذا الفانوس يتبع لنسق ثقافي مصرى بتذكير على للوظيفة الاستعمالية له.
ظاهرة التلبيس الثقافي الدلالي تنتشر وتتوافر في كثير من تفاصيل المعالجات البصرية التلفزيونية لسبب غريب يقوم في أن كثيراً من فنيي الديكور يتعاملون مع الصورة كمكان دون تدقيق في علامات المحتويات، والتي من أشهرها المزهريات، والاناتيك الخاصة، وحوامل الإضاءة، وصناديقها دون تدقيق لعلاقتها بالزمان والمكان الثقافيين، وبغرض عام مسطح وهو ملء الفراغ الذي وفي حالة الملء بنحو جزافي، فإن المرء يتمناه لو ترك فراغًا من رعونة الحلول الديكورية المتخذة في غالبية المعالجات.