في عز أيام الاعتصام، وبعد أن أدينا صلاة الجمعة في مسجد الحي، وقف ثلاثة من الجيران يتحدثون. أعرف اثنين منهم فسلمت عليهما، وعرفوني بالثالث. هو طبيب يحمل رتبة لواء، وينتمي إلى أسرة المخرّف المخرّب الكبير . بدؤوا حديثهم عن الثورة، وكان هذا الطبيب، وطبعاً واضح من شكله وانتمائه الأسري، معارضاً للثورة. ودخلت معهم بالحوار، وللأسف، عادة أسخن بسرعة لما يكون في زول غيّاظ وغالاط زي أخونا ده. المهم في النهاية الجماعة حاولوا يسحبوني من الحوار لما شافوني سخّنت مع الراجل.
وآخر حديث دار بيننا أنهم ضربوا موقع عزاء أحد الشهداء بالبمبان. فقال الطبيب اللواء: ياخ إنتو بتنبّذوا، عشان كده تستاهلوا. قلت لم ننبّذ أحداً، نحن هتفنا ضد الحرامية، وكلمة حرامي للحرامي ليست نبذاً، بل هي صفة. فردَ عليَ: ياخ مية مرة اتغيرت حكومات في السودان ووصفوا الحكومة السابقة بالسرقة، ثم يتضح أنه لا توجد سرقة ولا يحزنون.
ولأني أنا فقري جداً، حتى اليوم ما بسلّم على الزول ده مهما وجدته قريباً مني. بس اتمنيت إنه يكون متابع مؤتمرات لجنة إزالة التمكين، عشان يعرف إننا نحن اكتشفنا أن ما سرقوه أكبر وأضعاف ما كنا نتصور. والله لم أكن أتصور أبداً هذا الحجم من السرقات ، ولا هذا المقدار من الفساد ، ولا هذا الكم الهائل من الغدر بالوطن.
شكرا لجنة إزالة التمكين واسترداد أموال الشعب المنهوبة، شكرا لفضحهم أولاً، وشكراً لهذه الأموال التي أحسسنا أنها تعاد فتدخل إلى جيوبنا.