أرسل لي أحد الأصدقاء قصة جميلة قال انها تمثل واقع الحال الآن في السودان الذى شهد ثورة عظيمة أعادت له الحرية التي ظلت مفقودة طيلة ثلاثين عاما على أيدى النظام الاخوانى الفاسق، دمر فيها البلاد وأهان الناس وقتل واغتصب ونهب وسرق ولم يُبق شيئا جميلا، وأضاع على الشعب عقودا طويلة سيظل يعمل فيها ليعود فقط الى ما كان عليه قبل استيلاء الكيزان على السلطة، ولقد كان من المؤمل بعد سقوط النظام البائد أن تدير البلاد مجموعة تأتى من رحم الثورة، تحمل في جيناتها نقاء وطهارة وصدق وشجاعة الثوار لتطهير البلاد من دنس الكيزان وإعادة بناء السودان بكل تجرد ونكران ذات وفهم وإدراك، ولكن للأسف الشديد قفزت على السلطة مجموعات متنافرة لا يدرى الانسان هل يصفها بالغباء والبله وعدم الفهم أم الأنانية وحب النفس وعدم الوطنية، لنجد أنفسنا مرة أخرى وبعد أن تحررنا من وباء الكيزان، غرقى في كورونا الغباء والجهل والأنانية وحب الشهوات، ويظل الوطن العزيز حبيس الاحزان، وإليكم القصة:
يقول خروتشوف .. اتصل بي الرفيق جوزيف ستالين وقال تعال الى مكتبي بسرعة يا نيكيتا.. هناك مؤامرة كبيرة. وصلت وكان معنا مجموعة من الوزراء، وقال ستالين يا رفيق نيكيتا، لدينا معمل إطارات (دواليب)، وهذا المعمل هو هدية من شركة أمريكية وهو ينتج الإطارات منذ سنوات و بشكل جيد ولكن فجأة ومنذ ستة أشهر بدأ المعمل ينتج دواليب تنفجر بعد بضعة كيلومترات، ولم يعرف أحد السبب.. أريدك أن تذهب إلى المعمل فورا وتكتشف ما هو السبب!
وصلتُ المعمل وباشرت التحقيق فورا، وكان أول ما لفت نظري هو حائط الأبطال على مدخل المعمل.. على هذا الحائط توضع صور أفضل العمال والإداريين الذين عملوا بجد ونشاط خلال الشهر الماضي، وبدأتُ التحقيقات مباشرة من الإدارة حتى أصغر عامل، ولا أحد منهم يعرف الأسباب!
قررت النوم في المعمل حتى أحل اللغز .. استيقظت في الصباح الباكر، ووقفت في أول خط الإنتاج وقمت بمتابعة أحد الإطارات (الدولاب) ومشيت معه من نقطة الصفر حتى خروجه من المعمل وأصبت بالإحباط .. كل شيء طبيعي وكل شيء صحيح وكل شيء متقن ولكن الإطار انفجر بعد بضعة كيلومترات !
جمعت المهندسين والعمال والإداريين واحضرت المخططات، وقمت بالاتصال بالمهندسين الأمريكيين .. لم نصل إلى حل … قمت بتحليل المواد الخام المستخدمة في صناعة ذلك الإطار .. التحليل أثبت أنها ممتازة جداً و ليست هي السبب أبداً . ومرة ثالثة ورابعة انفجر الإطار بدون سبب … أصابني الإحباط، وأحسست بالعجز!
بينما أنا أمشي في المعمل وأرفع عيني لا شعوريا ناحية حائط الأبطال في المعمل، قال لى مدير المصنع وهو يتحدث بإعجاب عن مهندس تتصدر صورته القائمة، انه ظل على رأس القائمة منذ ستة أشهر.. لفت نظري أنها نفس الفترة التى ظلت تتفجر فيها الإطارات بدون سبب!
لم أستطع النوم، وقمت باستدعاء هذا المهندس إلى مكتبي فورا للتحقيق معه، وقلت له.. ارجوك اشرح لي يا رفيق.. كيف استطعت أن تكون بطل الإنتاج لستة أشهر متتالية، قال: لقد استطعت أن أوفر الملايين من الروبلات للمعمل و الدولة، قلت: وكيف استطعت أن تفعل ذلك، قال: ببساطة قمت بتخفيف وزن الأسلاك المعدنية قبل وضعها في الإطار وبالتالي استطعنا توفير مئات الأطنان من المعادن يوميا…. هنا اصابتني السعادة الكبيرة لأنني عرفت حل اللغز أخيرا، ولم أصبر على ذلك!
اتصلت بستالين فورا و شرحت له ما حدث و بعد دقيقة صمت قال بالحرف: والآن .. أين دفنتَ جثة هذا الغبي؟ في الواقع لم أعدمه يا رفيق .. بل سأرسله إلى سيبيريا، لأن الناس لن تفهم لماذا نعدم بطل إنتاج!
ليس بالضرورة أن تكون فاسداً وسارقا لتؤذى وتدمر .. يكفي أن تكون غبيا! الجريدة