ثورة ديسمبر المجيدة قادتها صفحة تجمع المهنيين على الفيس بوك ، تنظيم المواكب وشحذ الهمم وبيانات الرؤى السياسية كانت تصدر من خلال هذه الصفحة الاسفيرية ، فيديوهات وصور المواكب وصور الجرحى والشهداء كانت تنزل في الصفحة وتنتقل عبر الوسائط بسرعة جنونية بين الجماهير مما كان له أعظم الأثر في الحفاظ على جذوة الثورة وتصاعدها حتى ١١ أبريل يوم سقوط الدكتاتور .
السودانيون حول العالم على اختلاف مواقعهم ودولهم نظموا انفسهم عبر وسائط التكنولوجيا ، الفيس بوك والواتس اب و غيرها، كونوا لجان وجميعات وروابط ثورية دعمت الثورة بصورة لا تصدق ، وظلت كلمة السر هي الوسائط.
ما يمكن استنتاجه من نجاح الوحدة الثورية داخل وخارج السودان إبان ثورة ديسمبر هو أن وسائل التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت كانت هي روح وسر نجاح ثورة ديسمبر . هذا الاستنتاج يقود الى استنتاج اخر طبيعي ، اذا استفادت الثورة من هذا العالم الافتراضي وحققت هذا النجاح فما الذي يمنع استخدام ذات الأسلوب في الدولة المدنية ؟! وهنا سيتبادر السؤال : كيف ؟
للإجابة على هذا السؤال مهم تثبيت حقيقة ان الوحدة هي الهدف ، الوحدة هي التي تحقق النجاحات ، شعب موحد، وجماهير متماسكة ومؤمنة بالهدف ستنجح لا محالة ، بينما دور الوسائط وهو الربط بين الجماهير وهدفها ومصالحها . كان هدف الجماهير في ثورة ديسمبر الاطاحة بالدكتاتور ونظامه ومصالحها ايضا هي إزالة الانقاذ وإقامة دولة السلام والعدالة والحرية ، وبالتالي تكامل لدى الجماهير الهدف وتحقيق المصلحة .
تجمع المهنيين استطاع كسب الجماهير وتوحيدها لانه وفر لهم شرط المصلحة في كونه قيادة ستخلصهم من كابوس الانقاذ . فما هي المصلحة التى يمكن ان تكون عامل جذب للجماهير لتوحيدها اسفيريا في ظل الدولة المدنية ؟ . لا اظن هناك مصلحة أكبر من بناء الذات وحماية الأسرة و تطوير الوطن ، هذه مصالح متعددة لكنها مرتبطة ببعض بشكل وثيق، بناء الذات علميا وتأهيلها يقود لحماية الأسرة وتطوير الوطن ، و العكس ايضا صحيح ، تطور الوطن يقود إلى حماية الأسر والى توفير فرص بناء الذات للأفراد .
الحكومة المدنية عليها ان تبحث في سبل الاستفادة من الجماهير وحماسها اسفيريا عبر ( منصات تقنية ) متعددة تستجيب لتطلعات الأفراد والأسر والوطن ، تخاطب مصالح الأفراد في التعلم والدراسة والتطور والتوظيف ، وتحقق مصالح الأسر في الاستقرار ، ومصلحة الوطن في التطور .
من أمثلة هذه المنصات التقنية : منصة كفاءة التقنية ، مهمتها تبويب كفاءات السودانيين والاستفادة منها في وضع أساس علمي ومعلوماتي لبيانات الخريجين والخبرات والكفاءات داخل وخارج السودان . منصة توظيف التقنية ، منصة توظيف موحدة ، تستقبل كل طلبات توظيف الشباب العاطل عن العمل اسفيريا ، وتبوبها وتستخدمها كل الوزارات والشركات والمؤسسات كمرجع للتوظيف . منصة مشاريع التقنية ، تستقبل أفكار السودانيين من الداخل والخارج عن أفكار عملية لمشاريع صغيرة وكبيرة ناجحة يمكن تطبيقها بإمكانيات البلد والاستفادة منها . منصة تدريب ، تقدم دورات تدريبية في كل مجالات الحياة تحت إشراف متخصصين في كل المجالات . الخ من منصات تقنية متعددة لا تكلف سوى إفساح المجال لمهندسي التقنية السودانيين ليبدعوا ويبتكروا ويوفروا هذه المنصات رقميا ، ليجد فيها الشباب والأسر مبتغاهم في التطوير والتحسن ، مما يمثل نقلة نوعية في تركيبة الدولة وفي بناء حديث لسودان المستقبل .
sondy25@gmail.com