أطلعت على مقال الأستاذ رمزي المصري تحت عنوان “على ماذا يراهن حزب الأمة؟” المنشور بصحيفة التحرير الالكترونية بتاريخ 11 مايو 2020م . ذهب الكاتب في محاولته في البحث عن الإجابة عن السؤال إلى فرضية أن حزب الأمة القومي قدم أطروحة العقد الاجتماعي، وجمد نشاطه في الحرية والتغيير للحصول على مكاسب سياسية، مراهناً على استقطاب مجموعات من الفاعلين المفترضين في الساحة سماهم في مقاله، وخلص الى أنها رهانات خاسرة، وأن موقف حزب الأمة لا يتوافق مع متطلبات المرحلة وأن الخطوة التي سلكها الحزب قفزة في الظلام؟
السؤال الذي طرحة الكاتب سؤال مشروع ولكن الفرضيات التي أستند إليها للإجابة عن السؤال في أن حزب الأمة يبحث عن حلفاء لتحقيق مكاسب سياسية خاصة، قادته إلى نتائج خاطئة، بينما كان عليه دراسة ما ورد بالعقد الاجتماعي، والوقوف على تفاصيلها، التي كانت ستقوده حتماً للإجابة المنطقية والصحيحة، والإجابة عن السؤال المهم: لماذا جمد حزب الأمة نشاطه في قوى الحرية والتغيير وفي هذا التوقيت بالذات؟.
أقول للأستاذ رمزي ولكل من يطرح ذات السؤال، وهو سؤال مشروع، كما ذكرت أن تجميد الحزب لنشاطه في مؤسسات قوي الحرية والتغيير لم يكن قراراً لحظياً أو انفعاليا ولكنه جاء نتيجة لتقييم دقيق، وبعد دراسات ومناقشات طويلة على جميع مستويات مؤسسات الحزب بدءاً بالأمانة العامة، ومروراً بالمكتب السياسي، وانتهاءً بالمجلس الرئاسي لمسيرة قوي الحرية والتغيير، ولأداء حكومة الفترة الانتقالية.
لقد بذل الحزب جهوداً جبارة لإصلاح مؤسسات الحرية والتغيير طوال الشهور الماضية من داخلها؛ بما يمكنها من مواجهة تحديات الفترة الانتقالية، والمشاركة في مرحلة التنمية والبناء بشكل فاعل، من خلال إصلاح هياكله وضبط أدائه بنظام أساسي ولوائح منظمة ولكن …لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي.
المطالب الأساسية التي ظل الحزب يطرحها لمواجهة تحديات المرحلة لم تجد أذناً صاغياً، ولم يجد القبول ممن تسنموا مواقع لا يودون مفارقتها، إضافة لما ظلت تمارسه بعض القوى السياسية والشلليات من مماحكات، والتفاف على أهداف الثورة بدأت بالمحاصصة في المواقع الوزارية ثم المواقع الإدارية العليا.
وأفول للأستاذ رمزي إن جزب الأمة القومي حزب نبع من تراب هذا الوطن، وله رصيد نضالي، وظل يقدم مصلحة الوطن على المصلحة الحزبية، وهو الحزب الوحيد الذي لم يشارك النظام البائد طوال سنواته العجاف؛ لذا فإن التجميد نابع من شعور حزب الامة القومي الوطني للحفاظ علي مكتسبات الثورة، وإنجازها وصولاً للديمقراطية، ولعلك لا تخالفني الرأي في أن ذلك لا يمكن أن يتم في ظل الخلافات الحالية، والضعف الذي يعتري جسم الحاضن السياسي لحكومة الفترة الانتقالية، والتحديات المحلية من قوي الرد وغيرها، وكذلك التحديات الاقليمية والعالمية المتأهبة لإجهاض المسيرة الديمقراطية في السودان.
لا أعتقد أن أي حريص علي مصلحة الوطن ويقرأ ما يجري من أحداث في الساحة السياسية، يمكن أن يري أن هناك ثمة خطأً أو أمراً يشكك في موقف حزب الأمة القومي من الثورة أو التزامها المصلحة الوطنية، لقد جاء التجميد لإصلاح الأوضاع و لتحقيق الاجندة الوطنية والسير قدماً لبناء الدولة المدنية الهدف الأساسي للثورة، هذا هو الأمر الذي يركز فيه العقد الاجتماعي؛ لأن التنازع وضعف الارادة والادارة داخل قوي الحرية والتغيير قفلت الباب أمام مواجهة تحديات الفترة الانتقالية، واستكمال المهام الضرورية للتحول للدولة المدنية المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية رغم مرور أكثر من عام، وتتلخص تلك المهام في الآتي:
- تشكيل المجلس التشريعي
- تعيين الولاة المدنيين
- إنشاء المفوضيات القومية
- الإصلاح القانوني والغاء القوا نبن المفيدة للحريات
- تطهير الأجهزة العدلية
- إزالة التمكين
- قضية السلام
- المسألة الاقتصادية ومعايش المواطنين
- تسوية أوضاع المفصولين
- التحقيق في موضوع فض الاعتصام وحقوق المتضررين
– لكل ذلك قدم حزب الأمة أُطروحة العقد الاجتماعي لمعالجة هذا الواقع المرير وأرفقت مشاريع الاصلاح المتمثلة في:
- مسودة مقترحة للنظام الاساسي لقوى الحرية و التغيير يواكب متطلبات المرحلة.
- مشروع هيكلة وحوكمة لمؤسسات قوى الحرية و التغيير .
- مسودة مشروع العقد الاجتماعي الجديد.
- مسودة مشروع للسلام العادل الشامل.
- مسودة نموذج جديد للتنمية.
- مسودة ميثاق شرف بين المكون المدني و العسكري.
- مسودة ميثاق ثقافي.
-على ضوء التجربة لمدة عام كامل مسودة دستور انتقالي وهو تطوير للوثيقة الدستورية وهو
-الوثيقة الدستورية رؤية حول إنشاء المفوضيات حسب نص . - رؤية حول الفصل بين السلطات السيادية والتنفيذية بما يعزز سلطة الحكومة المدنية .
-وللمعلومية؛ فإن حزب لم بفرض الأمر للقبول أو الرفض بل قدمها كمشروع مقترح ناقش في الملتقي الذي بجمع كل الأطراف للاتفاق حوله ، والسؤال هنا الا يصب هذا المشروع في تقوية فوي الحرية والتغيير ودعم الحكومة الانتقالية ومن ثم نجاح الفترة الانتقالية ؟
اليس من الأفضل الاتفاق على قيادة رأسية لقوي الحرية والتغيير بدلاً من القيادة الأفقية التي أضعفت مركز القرار داخل مؤسسات قوي الحرية والتغيير؟ وأليس من الأفضل الانتقال الي قيادة مكونة بشكل عادل ومتوازن ومسئول من قيادة مختطفة بواسطة جهات لا تملك البعد جماهيري أو الالتزام المؤسسي لتحقيق أهداف الثورة ؟ - اما موضوع زيارات جزب الأمة للولايات فقد شملت أحد عشرة ولاية وهو الحزب الوحيد الذي تواصل مع جماهيره والشعب السوداني بهذا المستوي وكانت الزيارات ناجحة بشكل منقطع النظير خلافاً لما أشاع له قصيري النظر وشكلت هذه الزيارات إزعاجاً كبيراً لأعداء الحزب الذين ملأوا الأسافير ضجيجاً وإساءات لقيادات الحزب . على كل شعبية حزب الأمة وجماهيريته ونجاح الزيارات يجب ألا تكون محل مغالطات فجميع تلك الزيارات موثقة ومتاحه في اليوتيوب وفي موقع الحزب لمن يود أن يتأكد بما في ذلك زيارات جنوب ووسط دارفور في كل من مدن نيالا ، زالنجي. . أما ما حدث في مدينة الجنينة غرب دارفور فلم يكن الأمر رفضاً لحزب الأمة ولكن تزامنت الزيارة مع حرق بعض القري في اشتباكات قبلية إضافة لوجود اختناقات ومشاكل معيشية في المنطقة جعلت قيادات الحزب تتخذ بإرادتها قراراً حكيماً الغت بموجبه اللقاء الجماهيري وتم التواصل مع جميع المكونات المحلية السياسية والقبلية والادارات الأهلية وخرجت الزيارة بنتائج مثمرة بل ساهمت في تهدئة خواطر الأطراف المتنازعة بشكل كبير
إذا دعني أطرح ذات سؤالك أستاذ رمزي وإجابتي على ضوء ما أوردته في هذا المقال : - إن حزب الأمة يراهن علي الوعي الثوري بان نجاح الفترة الانتقالية و تحقيق أهدافها المتمثلة في تفكيك دولة الحزب و بناء دولة الوطن القائمة علي المؤسسات و القانون و مبادئ الشفافية و المساءلة و المشاركة و سيادة حكم القانون .
- حزب الامة القومي يراهن علي نجاح الفترة الانتقالية و تحقيق السلام العادل الشامل و التحول الديمقراطي الكامل .
- حزب الامة القومي يراهن علي قيادته و جماهيره و علي الوطنيين المخلصين .
- حزب الامة القومي بقرارة لم يقفز في المجهول ولم يقفز في الظلام بل درس الموقف بدقة وأعد العدة للإصلاح وتحويل تخالف إسقاط النظام البائد لجبهة قومية تدعم الحكومة الانتقالية وتحقق مدنية الدولة وتحفظ البلاد من كل استهداف.