منذ فترة أفكر في لفت الأنظار إلى أهمية وضرورة الاهتمام (الحكومي) في (سودان الحرية) بصحافتنا الإلكترونية (المناضلة) التي قالت لا للديكتاتورية في زمان صعب، ووقفت مع تطلعات الشعب من أجل حياة تسودها الحرية والسلام والعدالة والعيش الكريم.
صحيفة (التحرير) الإكترونية نشرت مقالي الأخير بعنوان (رسالتي الى (حميدتي.. والدوحة ودول خليجية وقوى الحرية والحكومة) الذي نشرته على صفحتي في (فيسبوك)، فأعادت الى الذاكرة فاعلية وسرعة إيقاعات الصحافة الإلكترونية، ونبهتني الى تناول هذه المسألة.
في هذا الإطار أحيي اهتمام الزميل الدكتور حسين حسن حسين رئيس تحرير صحيفة ( التحرير) الإلكترونية بنشر مقالاتي التي تتناول قضايا السودان، وأنوه بدوره في نشر مقالات لكتاب سودانيين ومهنيين وسياسيين من كل ألوان الطيف ، كلها تعبر عن خارطة التعددية السياسية والفكرية التي يتميز بها شعب السودان، وتثري مناخ الحرية وآفاق النقاش الحر.
شهادتي في صحيفة ( التحرير) مجروحة كما يقال، لأنني توليت رئاسة التحرير مع إطلالتها في يوم ولادتها، وكانت بجهد أسرتها صوتاً حراً ومنبراً لكل القوى السياسية السودانية في زمن الديكتاتورية الصعب، وتواصل دورها مع (شقيقات) لهن الدور الريادي، هذه حقيقة يعرفها القراء والمهتمون بتقويم أدوار بالصحافة الإلكترونية السودانية .
التحية لرئيس التحرير الأخ حسين وأسرة (التحرير) وأعضاء مجلس الإدارة، وفي مقدمة الركب رئيس مجلس الإدارة المستشار البشرى عبد الحميد، فقد قدموا للوطن (رغم صعوبة الظروف) منبراً ساهم في اقتلاع الديكتاتورية، إلى جانب صحف إليكترونية عريقة كان لها السبق التاريخي والريادة .
(التحرير) تتمسك وتتميز ب (المهنية العالية) رغم شح الإمكانات، ومن يتابع إيقاعاتها وخطاها منذ يوم ولادتها من رحم المعاناة والموقف المنحاز للشعب سيلمس أنها فتحت وتفتح قلبها وعقلها (صفحاتها) برصانة مهنية صارمة، لألوان الطيف، ولأصحاب رؤى تعكس التعددية السودانية.
أحيي في هذا السياق الصحف الالكترونية السودانية التي تبنت الموقف الوطني، والتعبير عن روح الشعب منذ سنوات عدة، وانطلقت مضطرة من خارج السودان، لتتجنب الملاحقة والقمع وكتم الأنفاس .
خاضت صحافتنا الإلكترونية (المنحازة لنبض الشعب) معارك قوية ضد الديكتاتورية التي فشلت في إسكات صوتها، وأتاحت للسودانيين أوسع فرص التعبير عن رؤاهم وأفكارهم، وما زالت تواصل مسيرة الحرية، والقبض على جمر العمل الصحافي المنهك، في ظل ظروف صعبة وتحديات متزايدة بسبب شح الإمكانات المادية.
أعتقد بأن كل صحفنا الإلكترونية التي عبرت وتعبر عن صوت الشعب تستحق اهتماماً ودعماً من حكومتنا الانتقالية ووزارة الإعلام، ويستحق (رواد التغيير في الصحافة الإلكترونية ) التكريم الشعبي والحكومي، وأشير على سبيل المثال إلى أدوار تاريخية مهمة وحيوية تميّزت بها (حريات) و(سودانيز اونلاين) و(الراكوبة) وصحف أخرى.
أخص بالتحية والتقدير صحيفة (سودانايل) بوصفها أول صحيفة إلكترونية سودانية صدرت في الخرطوم، وتعرضت للقمع ، والملاحقة الأمنية الشرسة، فانتقل رئيس تحريرها -الذي قدم تضحيات تاريخية- الأخ الأستاذ طارق الجزولي الى أوروبا، فانضم الى قائمة صحافيين دخلوا عالم (اللجوء) في أميركا وأوروبا واستراليا وقارات أخرى؛ بسبب مواقفهم المعلنة منذ أول يوم للانقلاب المشؤوم في الثلاثين من يونيو ١٩٨٩م، ونحمد الله ان نظام البطش والفساد سقط بثورة الشعب (وليس بانقلاب)، وكان دور الصحافة الإلكترونية في المهجر ملموساً وفاعلاً، ومزلزلاً للطغاة الظالمين.
تحياتي الى كل الزملاء الصحافيين داخل الوطن وخارجه الذين قبضوا على الجمر على مدى سنوات طويلة و مريرة، كي تشرق شمس الحرية، وما زالوا يتقدمون الصفوف في معارك تهدف الى استعادة الوطن لبناته وأبنائه الشهداء والجرحى والمفقودين والأيتام والأرامل والشباب من الجنسين وكل الناس. .
كلمتي في هذا الشأن، آن الأوان ان يتوحد شتات الصحافيين لتحتضنهم نقابة مهنية مستقلة داخل السودان، فأمام الصحافيين تحديات عدة وكبيرة .
ليس في مقدور الصحافيين في العهد الجديد أن ينتصروا للمهنة وقيمها، أو يساهموا بفاعلية أكبر في تحقيق تطلعات شعبنا وانتزاع الحقوق، وبينها حق المساهمة بتقديم الرأي الفاعل والنصح المؤثر للمسؤولين، والتنبيه الى مصادر الخطر المحدقة بالثورة، إذا لم تتوحد الخطى ليتم تشكيل نقابة مستقلة وقوية وفاعلة ومهابة حتى من الحكومة الانتقالية في الفترة الراهنة، أو المنتخبة في مرحلة مقبلة بعون الله .