ظلت الفنون تؤدي رسالتها الإيجابية في مختلف مجالات الحياة العامة، وهي إلى جانب كونها وسيلة تطهير للنفس وتزكية لها، والانتقال بها من العالم المادي إلى عالم الجمال والخير والحب، فإنها تساعد على علاج بعض حالات المرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية.
تميّز الفنان التشكيلي الأسترالي السوداني غسان عباس محمد سعيد بالمبادرات التي استخدم فيها مختلف أنماط الفنون التشكيلية والبصرية في توصيل رسالته في المعارض التي أقامها في السودان وأستراليا.
قبل أن اتناول معرضه الذي أُفتتح يوم الإثنين الماضي – على الإنترنت مباشرة بسبب إجراءات الحظى الصحي – بكمبرلاند بسدني تحت عنوان Revealing and Concealing الذي يصعب ترجمته بما يحقق المعنى المقصود؛ لأنه يجمع لفظياً بين الكشف والإخفاء.
يهدف المعرض إلى رفع الوعي بالمآسي اللاإنسانية التي يتعرض لها الذين يخضعون لألوان من التعذيب والأذى الجسماني، لذلك كان من المقدر مشاركة عدد من الفنانين التشكيليين بالخارج في الحراك التشكيلي الذي صاحب المظاهرات الشعبية ضمن تجمع التشكيليين السودانيين بتجمع المهنيين السودانيين.
هذا الحراك الذي أسهم في رفع الوعي الجماهيري بقضيتهم العادلة، مازال يسهم في التصدي لسلسلة المؤامرات التي لم تنقطع من أعداء السلام والديمقراطية والعدالة والحياة الحرة الكريمة للمواطنين.ك
انت المبادرة الأولى لغسان سعيد في ارتياد افاق الإبداع التشكيلي خلال استكشاف المشروع الجمالي عبر طاقات اللوحات الرمزية والتجريدية في معرض “فك الشفرة” الذي عرضه بالمركز الثقافي الفرنسي بالخرطوم – السودان، وفي معرضه “المكشوف” في صالة بلاك تاون للفنون بأستراليا.
معرضه الخاص بالفنون البصرية الذي أقامه بالمركز الثقافي الفرنسي تضمن لوحات مركبة من الصور الفوتوعرافية والإبداع البصري والرقمي؛ للإفصاح عن أفكار لم تكن لتتحقق من خلال أشكال الفنون الأخرى.
أما معرضه”الواقع المقلوب” الذي قدمه بقاعة بيكوك واستديو الفنون بأوبرن فقد تميّز بجرأته في ارتياد عالم الفن المعاصر باستخلاصه أكثر من خامة لتوضيح الفكرة التي أراد التعبير عنها.
نأتي للمعرض الحالي الذي تم افتتاحه يوم الإثنين الماضي، ويستمر حتى الثامن والعشرين من يونيو القادم، فيعدّ محاولة أكثر جرأة للتعبير عن الدور الإيجابي للفن التشكيلي في امتصاص الصدمة النفسية الناجمة من حالة التعذيب والأذي الجسماني والنفسي والمجتمعي واللفظي، ومواجهة الواقع الماثل حتى يسترد المصدوم عافيته النفسية والمجتمعية، ويسهم في الوقت نفسه في تبصير المواطنين بالمهددات المحدقة بالإنسانية جراء سطوة الثقافة المادية الصماء.