تحت الغيم
الشاطر من يبدأ بإطفاء الحريق بدلا من البحث عن المتسبب فيه. هذه الحكمة البسيطة يعرفها كل من وهبه الله نعمة العقل.
نحن الآن أمام حرائق موروثة اقتصادية وتنموية وخدمية تستعصي على الحصر، وحرائق مستجدة يأتي على رأسها كورونا، ومع ذلك ينبش الكثيرون في الملفات التي تهدم الشراكة وتذبح الوثيقة الدستورية من الوريد إلى الوريد.
يمكننا تصور أن الثورة المضادة هي التي ترسم السيناريوهات لضرب الخصم بالخصم، فانهيار الشراكة يعني بالضرورة انهيار أكبر معطيات الثورة على أرض الواقع .. ومن ثم انهيار الثورة نفسها .. لنهوي جميعا في قاع سحيق لا يعلم عمقه إلا الله !
نعم يمكننا تصور ذلك، ولكن ما لا يمكن تصوره أن ينقاد بعضنا وبعض أهل الشراكة بفؤوسهم وحرابهم إلى صوت الفتن ويساهموا في توسيع الفجوة بين الشريكين، نابشين في الجدليات التي تعيق المسار نحو فترة انتقالية آمنة.
نعم .. لن تترك الثورة ملفا إلا وستخضعه للتحقيق والمحاسبة الحاسمة . هذه إرادة الشارع الذي صنع الثورة ومهرها بدماء شهدائه. كما لن يقوى أي من الشريكين على الوقوف أمام هذا المد الثوري الجبار. لكن الحكمة تقول إن هناك أولويات أهمها الحفاظ على الشراكة، ثم معالجة قضايا السلام والمعيشة والاقتصاد وتفكيك التمكين والعزلة المترتبة عن العقوبات الأمريكية، ووضع الحصان أمام العربة للانطلاق نحو انتخابات نزيهة قادمة، ثم يمكن خلال ذلك وبعده السير بهدوء صوب ملف (من أشعل الحريق) ؟
هذه هي حكمة الشطار .. وإلا فالخيار الآخر هو أن يلتهم الحريق الجميع .. لتبقى الساحة خرابا لا صوت فيه إلا لنعيق البوم ولا حياة فيه إلا للخفافيش وهوام الظلام !!