انتدبت جامعة الإمام اثنين من أعضاء هيئة التدريس بكلية اللغة العربية وهما الشاعران حبيب اللويحق وفواز اللعبون لإحياء أمسية شعرية في أبها، وصرفت الجامعة للشاعر حبيب تذكرة (درجة أولى) لكونه دكتوراً.
أما فواز فصرفت له تذكرة سياحية لكونه لم يزل معيداً آنذاك ، فانتهز الشاعر حبيب هذه الطبقية الإدراية ليهزأ بصديقه القابع آخر الطائرة على مقعد سياحي ضيق، في حين كان الدكتور حبيب مسترخياً على مقعده الفارهـ، مستغرقاً بارتشاف القهوة العربية مع تميرات السكري الضخمة.
في هذه الأثناء أمسك الشاعر حبيب قلمه، وبحث عن ورقة يكتب عليها شغبه، فلم يجد غير كيس الاستفراغ – أجلكم الله – فكتب مستعيناً بالله: إلى أخي الشاعر فواز اللعبون (مداعبة جوية):
تربّعْ مِـلْء مَقعَـدكَ السياحـي
دع الأولـى لأربـابِ الفـلاح
فجامعـة الإمـام رأتـكَ غِـرّاً…
ولسـت تُطيـقُ إدراكَ النجـاح
وهذا أنت قَدرُك فـي خُمـولٍ…
على خبزٍ الفطيرةِ كم تُلاحي
أيافوازُ دربُ المجـدِ صعـبٌ
فلا تسألْ عـن الأمـرِ البَـراحِ
ولاتحزنْ فما في الحزنِ خيـرٌ…
ولاتصخبْ فماجدوَى الصياحِ ؟
أليثُ الغابِ فـي فتـكٍ وعـزمٍ
وإقدامٍ كخرفانِ الأضاحي ؟
وهل خفقـاتُ أَذنـابِ المطايـا ..
كما هـبّتْ أعاصيـرُ الريـاحِ ؟
أَيستويـانِ تدبـيـرٌ وطـيـشٌ ؟..
أيستويانِ سكـرانٌ وصاحِ ؟
أيـا فـوازُ يـا ولَـدي تلَـبّث
فما لَكَ في مُدافعـةِ الطِّماحِ
فَقُم واجلبْ إليَّ الشايَ صرْفاً ..
وقـدِّم قهوتي عند الصَّباحِ
وكن لي مُؤنساً في كلِّ وقتٍ ..
تنادمُنـي بأطيـافِ الـمُـزاحِ
فإني عَمُّكَ المشهودُ فَضْلاً
و(نجمُكَ) في الغدُوِّ وفي الرَّواحِ
صغيري: اِحْمَدِ المولى كثيـراً…
على أن لَمْ ( تُحطَّ )على الجَناحِ
أخوك :
حبيب بن معلا اللويحق
من مقعد الدرجة الأولى.
وكانت الإجابة من الشاعر فواز اللعبون بعنوان (* بين المقعدين* )
تحية إجلال ومحبة إلى…
الدكتور حبيب المطيري
الهازئ بمقعدي السياحي:
تَوشّح (دَالَـهُ) ونضَا وِشَاحي
ومـدّ جناحَهُ ، وثنى جناحي
ودبّج فـيّ قافيـة شــرُوداً
غدت أَصداؤها ملْء النواحي
لَحـاهُ اللـه مـن رجـل كريم…
يبادرنـي بأَنخاب التلاحي
علَى أَنّ الشعيْـراتِ اللواتي…
أَضاءتْ لمّتي منعت مراحي
ولَكن سـوف أَرضخُ مُستجيباً
إلى داعي اللجاجةِ والمُـزاح
(حَبيْـبٌ) لَـم يكـن إلا حبيـبـا..
فلا يعتبْ إذا طاشت رماحي
تصاغر أصغرَيَّ وشجَّ رأسي ..
بأَمثال المعاول والمساحي
وتاهَ بمقعدِ ( الأولَى) وأَبْـدى ..
شمَاتتـهُ بمقعدِيَ (السِّياحي)
وما فـي تِيْهِـهِ فخـرٌ… ولَكـنْ…
قصوْرُ الرأيِ داعية افتِضاحِ
فلَوْ في مقعـدِي وافى قَليلاً…
لبغضَه إلى (الأولَى) انشِراحي
تطوفُ علَيَّ جارية كـعَابٌ..
يلَـذُّ بكفها شَايُ اصطِباحي
ذبُـولُ الطـرفِ غـراءُ الثنايـا..
كأَن حَبَـابَ مَبْسِمِها الأَقَاحي
تبادلـني ابتساماً بابـتِـسامٍ..
وتغمِزُ في الغدُوِّ وفي الرَّواحِ
مُحببّـة المَـلامِـح والسَّجـايـا ..
فِدَاهـا مَـنْ لَدَيْـهِ مـن القِباح
لمَحـتُ وُجُوْهَهُـنَّ فَمـتّ رُعْبـاً..
ورُحْـتُ أعِيدُ أَورادَ الصَّـباحِ
ولَـو يدري (حبيـبٌ) بالخفايا..
لأَعْـوَلَ بالنحـيْـبِ وبالصِّـياحِ
فقد وَضَعُوهُ في (الأولَى) أَمامي
ليستجلي الأَذى قَبْل انْسراحي
كحاشِـيَـةِ الأَمـيْـر تقـدَّمـتـهُ..
تهيّئُ دربهُ خـوف اجتـياحِ
ففِيمَ يَتِيْـهُ مُتـّقحـاً (حبـيـبٌ)؟
ومـن منـا أَحَـقُ بالاتـّـقـاحِ؟
فكـم وافـى بمقـعـده وجـيـهٌ ..
صفيقُ الوَجْهِ معدومُ الصَّلاحِ
وخادمـة – تَعـجـّـل كافلـوْهـا – ..
تسيـلُ زُيُوتها كدم الأَضاحي
ورُبّ خواجـةٍ (ضاقَـت علَيـه)..
فَأَرسلَهـا.. وعـقـب بالـرِّيـاحِ
أَيكفـي؟ أَم أَزيـدك كــأس وُدٍ؟
فبي شـوقٌ إلى صـكّ القِـداحِ
فدىً لَك كأسِي الثاني، فقـل لي:
“أَتصحُوْ ؟ أَم فؤادُك غيرُ صاحي؟
فواز بن عبدالعزيز اللعبون
ملاحظة: النص منقول، وأسهم الكاتب فيه ببعض التصحيح، ووضع العنوان.