في تصريح صحفي اليوم (11 يوليو 2020م) للإمام الصادق المهدي، قال: “زارني أمس د. إبراهيم البدوي، وبعد واجب العزاء في وفاة عمتي قال لي إنه بعد الاستقالة الأخيرة لن يراجع موقفه.
قلت له إن حزب الأمة كان يتوقع أن يكون إصلاح مجلس الوزراء ضمن إجراءات العقد الاجتماعي الجديد المقترح، لأن الإصلاح المطلوب جذري ويتناول كل منظومة مؤسسات الفترة الانتقالية، ولكننا فوجئنا بالإجراء الذي اتخذه رئيس الوزراء، وكنا قد بعثنا له لجنة تبين له رأي الحزب، لجنة التقته يوم 8 يوليو الجاري”.
ومضى المهدى قائلاً: “قلت له، أي لدكتور البدوي، منذ انتصار الثورة ظهر في إدارة شؤونها تياران: تيار راشد وتيار حالم. التيار الحالم كان ينادي بالمليونية لدعم أية طلب، وينادي بمنازلة المجلس العسكري، ويقرر الإضراب العام المفتوح والعصيان المدني المفتوح، وهلم جراً. التيار الراشد حرص على أن تكون آلية المليونية والاعتصام في الأمور المهمة تجنباً لصياح الذئب الذئب المشهور. ويرى التحالف مع العسكريين في الفترة الانتقالية ضرورياً. ولعلك تعلم أننا أول من نادى بضرورة الاعتصام لمواجهة النظام المباد. ولولا التوازن الذي حققه موقف التيار الراشد لأورد التيار الحالم مورد التيه”.
وفي رأي المهدي ان “التيارين على طرفي نقيض حول الإدارة المالية والاقتصادية. فالتيار الراشد يرى ضرورة الالتزام بقوانين علم الاقتصاد، وضرورة الاعتراف بالمؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية للتوافق معها لا لمواجهتها بالعداء، لا سيما ودول كثيرة فعلت ذلك فكوريا الجنوبية الرأسمالية وفيتنام الشيوعية كلاهما حقق تنمية اقتصادية باهرة في توافق لا تناقض مع المنظمات الاقتصادية الدولية، أقول توافق لا مجرد امتثال كما حققت ماليزيا”.
وقال المهدي موجهاً حديثه للبدوي: “وفيما يتعلّق بموقفك لعلك تعلم أن حزب الأمة القومي لم يقترح اسمك لأن مبدأنا كان تجنب المحاصصة. ولكن عندما تم تعيينك لم نعترض لأنك فعلاً مؤهل. والآن نحن ننظر للأمر من زاوية وطنية. ففي نهجنا حتى المحاصصات في الحكومات الائتلافية نقدم فيها المصلحة الوطنية، ونأتي بمستقلين كالمرحوم حمزة ميرغني وزيراً للمالية في حصة حزب الأمة في الستينات، والفريق عبد =الماجد حامد خليل وزيراً للدفاع في حصة حزب الأمة في الثمانينات. وأقول لك: إذا تأكد أن إدارة المالية سوف تكون ذات ولاية على المالية، وإذا كان النهج المعتمد هو احترام قواعد علم الاقتصاد والحوار التوافقي مع المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية، وإذا كان المبدأ السائد في مجلس الوزراء هو المسؤولية التضامنية فأنا من باب المصلحة الوطنية لا من باب التقدير لنفسك ولا من باب مصلحة حزبية سوف اترافع معك لمراجعة موقفك من الاستمرار في الاستقالة، أما بغياب تلك الأسس فسوف أوافقك على موقفك تماماً لأن التيار الحالم سوف يودي بالاقتصاد الوطني”.
وأكد رئيس حزب الأمة القومي “دعم مؤسسات الفترة الانتقالية دعماً يحقق جدواها، ويحميها من خزعبلات التيار الحالم. إن لنا شرعية تاريخية وشعبية وفكرية فإذا جارينا الحالمين نخون تلك الشرعيات”.
وقال للبدوي: “ورجائي لك أنه إذا لم تعد للوزارة بالأسس المطلوبة أرجو أن تبقى في السودان وأن تؤسس –مثلاً-think tank (مركز فكري) اقتصادي لاستيلاد الأفكار المطلوبة لإصلاح الاقتصاد في السودان، وتأهيله لجذب دول الخليج والأسرة الدولية إلى مشروع مارشال تنموي للسودان يفيده ويفيدهم، فالعالم؛ لا سيما بعد كورونا، سوف يواجه مجاعة في مناطق كثيرة، والسودان مؤهل للمساهمة في سد النقص الغذائي”.
وختم المهدي: “الحماسة الثورية مهمة جداً ولكن ينبغي مراعاة التوازن لأن: من لم يقف عند انتهاء قدره تقاصرت عنه طويلات الخطى وللمسؤولين في الفترة الانتقالية نقول باستمرار: صديقك من صدَقك لا من صدّقك.”.