14 يوليو، 20200
إشادة بلا حدود بالوزير المقتدر نصرالدين عبدالباري ومساعديه في الخروج بحزمة التعديلات التي أدخلها على عدد من القوانين، وكم كنت أتمنى لو أن وزارته قد أمسكت يدها عن إدخال التعديل الخاص بالسماح لغير المسلمين بالتعامل في الخمر وتعاطيه، ذلك أنه وحتى بفرض أحقية غير المسلمين في ذلك، فإن التوقيت لم يكن ملائماً لإجراء تعديل في مثل هذه المسائل الخلافية التي تؤدي إلى إنقسام المجتمع كما حدث الآن من وراء هذا التعديل الذي كان يحتاج أن يسبقه تمهيد وحوار فكري وفقهي ومجتمعي حول مواءمته وجدواه.
فإذا أخذنا ماورد في الاعتبار، ثم وضعنا حق غير المسلمين في التعامل مع الخمر وتعاطيه في أحد كفتي الميزان، وفي الكفة الأخرى وضعنا ما تقتضيه المصلحة العامة التي تقتضي توحيد أفئدة وإرادة المجتمع (في كامله) نحو بناء الدولة المدنية ومواجهة القضايا الكبرى كقضية وقف الحرب وقضايا السلام وجمع السلاح ومعالجة الاقتصاد وإزالة الأمراض التي خلفها النظام البائد في المجتمع الفساد الوظيفي والرشاوي… إلخ، فإن الراجح قطعاً كان يقتضي تجنب كل ما من شأنه قسم المجتمع وإنشطار الصفوف في هذه المرحلة.
كما أن تعاطي الخمر ليس من الحقوق الأساسية للإنسان غير المسلم، كما انهم لم يطالبوا به حتى تتم المسارعة بإحقاقه في هذه المرحلة والحكومة لا تزال تتلمس طريقها بصعوبة في فترة فيها ما يكفيها من خلافات لتفتح على نفسها أبواباً جديدة، وخاصة في مسألة قد تؤدي إلى إشعال التطرف، فهناك من يرى فيها خروجاً عن الدين ومن موجبات محاربة الدولة والخروج عليها.
في الجانب الآخر، غاب عن هذه التعديلات رفع القيد الذي وضع في القانون الذي يقضي بعدم جواز توقيع عقوبة السجن في الجرائم التي يرتكبها من بلغ سن السبعين، والإستعاضة عن ذلك بإيداع المجرم بالإصلاحية، كما حدث في الحكم الذي صدر على المخلوع عمر البشير، فقد كان المنتظر ان يتم تعديل هذا النص بأن يجعل من الممكن توقيع عقوبة السجن على المجرم دون حد أقصى للعمر، على أن يجعل للقاضي سلطة تقديرية في مراعاة حالة الشيخ الذي يكون طاعناً في السن ولا تحتمل حالته إرساله للسجن بالحكم عليه بإتخاذ تدابير أخرى يكون من بينها الإيداع بالاصلاحية أو الحجز المنزلي… إلخ.