الحمد لله الوالي الكريم، والصلاة على
الحبيب محمد وآله وصحبه مع التسليم.
أحبابي في الله وأخواني في الوطن
العزيز
الحج لـ(مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ
سَبِيلًا)[i]
من فرائض الإسلام. كان يمارس قبل الإسلام إحياء لسنة إبراهيم عليه السلام ثم خالطه
الشرك. الإسلام أبقى على الشعيرة الإبراهيمية وطهرها من الشرك. وصارت من أقوى رموز
التوحيد لله ووحدة الأمة المؤمنة به. ولكن في موسم الحج الحالي قيدت إجراءات الحج
مراعاة للجائحة الصحية، والضرورات تبيح المحظورات.
أما الأضحية فهي قربان يحاكي قصة
إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام. الأب امتثل لوحي: (يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ
أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ). والابن
امتثل للأمر: (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا
تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)[ii].
الصلاة يوم العيد ضحى وفي فلاة سنة،
وفي جماعة حاشدة لإظهار قوة وفتوة الإسلام ولكن في عامنا هذا قيدتنا ظروف الجائحة،
فعلينا بالتواصل والتراحم بالاتصالات لا بالزيارات تقديراً للظرف الصحي.
الأضحية ينبغي أن تخلو من العيوب، وأن
تذبح برفق، وأن يكتفي صاحبها بثلثها ويهدي لأحبابه ثلثها وأن يتصدق بثلتها وجلدها.
هذه السنة للمستطيع الذي يملك ضروريات الحياة وإن عجز فالسنة ألا يضحي بل يكتفي
بأضحية النبي صلى الله عليه وسلم عن أمته. والتيسير من مقاصد الشريعة: “يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا[iii]“.
أحبابي في الله واخواني في الوطن
العزيز.
إن رمزية قصص الأنبياء مهمة، ولكن
المعاني الكامنة فيها هي الأهم. وفي هذه القصص أركز على خمسة معاني:
أولاً: أن الرؤية الصادقة إلهام ولدى الأنبياء وحي.
ثانياً: أن غاية التضحية دليل على قوة الإيمان.
ثالثاً: أن للأديان الإبراهيمية الثلاثة أصلاً إيمانياً واحداً.
رابعاً: أن دين أهل القبلة واحد يتطلب الإخاء بينهم.
خامساً: أن الشعائر خاوية ما لم ترتبط بالمعاني، كما قال الإمام المهدي عليه
السلام: “إن للدين أغواراً وبواطن لا يصلح الظاهر منه إلا بإصلاح تلك البواطن”.
أقول:
إن عهد إبراهيم عليه السلام لم يكن
معه ومع إسحاق كما توهم اليهود بل بينه وبين ابنيه إسماعيل وإسحاق عليهم السلام.
نعم تفرقت بين أتباع هذا العهد السبل ولكنها تتفق على ثلاثة مبادئ وهي: التوحيد
لله، مكارم الأخلاق والمعاد.
الأصل في المسيحية توحيدي، لكن القديس
بولس أدخل عقيدة الأقانيم الثلاثة. أما السيد المسيح نفسه فقد كان موحداً بلا
شائبة.
ولكي نعمل من أجل ما يوحد الإيمانيين أصدرنا
في عام 1999م نداء الإيمانيين. هذا التضامن الملي لا يشمل الصليبية والصهيونية،
فهما يمثلان خطط عدوانية سياسية. كذلك أصدرنا في عام 1994م نداء المهتدين. وفي عام
2001م نداء حوار الحضارات.
أمتنا الان ممزقة ومتحاربة في تناقض
مع الإخاء الواجب.
الآن أقدمت جماعة من العدول معنا
هادفة لتحقيق الآتي:
أولاً: القضاء على تراشق أهل القبلة بين روافض ونواصب، والالتزام بقطعيات
الوحي، واعتبار ما عداها اختلافات مذهبية تلزم أصحابها لا غيرهم، اختلافات: (تِلْكَ
أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا
تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[iv].
والواجب الآن التعايش بين كافة مذاهب
أهل القبلة والتعامل مع بعضنا بالحسنى.
ثانياً: العمل على وقف الاحتراب في اليمن، وفي سوريا، وفي ليبيا، وفي كل موقع
يقتتل مسلمون. سخرت منا السيدة ميركل أن دول آسيا: الصين والهند يؤمنون بمئات
الآلهة والملل ويتعايشون بسلام بينما المسلمون يؤمنون بإله واحد ورسول واحد وكتاب
واحد ويقتتلون في مئات المعارك القاتل والمقتول يصيحان الله أكبر.
ثالثاً: العمل على وقف الحرب الباردة بين دول مجلس التعاون الخليجي، فهم لحمة
دينية وثقافية واحدة.
أحبابي في الله واخواني في الوطن
العزيز
في سبيل هذه الأهداف فإن بعض الناس
يسخرون منا من باب: الأقربون أولى بالمعروف.
الحقيقة هي أن عالم اليوم متداخل
لدرجة قصوى، والقضايا العربية والأفريقية بل العالمية ذات أثر مباشر في حالنا ومآلنا.
وفي آخر محاضراتي في أبوظبي اجتهدت في
بيان القدوة المحمدية وأثرها في إحياء الأمة في الحاضر وكذلك بيان دورها في إسعاف
الإنسانية أن تجد معادلة مجدية بين حقائق الوحي ومعارف العلم الحديث.
ولكن بعض الناس يعتب علينا ذلك لأنهم
لا يرون أكثر من موطئ أقدامهم، وقديما قال أبو الطيب:
عَلى قَدرِ
أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ وَتَأتي
عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في
عَينِ الصَغيرِ صِغارُها وَتَصغُرُ في
عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
الحقيقة أن لكل القضايا التي نطرقها
مهما بدت بعيدة آثاراً كبيرة في حالنا ومآلنا. الحكمة تقول: الجدية تتطلب الإحاطة.
أحبابي في الله وأخواني في الوطن
العزيز.
أبارك لكم العيد متمنياً أن يعود
علينا جميعاً باليمن والبركات.
اللهم إن عفوك عن ذنوبنا، وتجاوزك عن
خطيانا، وسترك على قبيح أعمالنا، أطمعنا أن نسألك ما لا نستوجبه مما قصرنا فيه، ندعوك
آمنين، ونسألك مستأنسين، فإنك المحسن إلينا ونحن المسيئون إلى أنفسنا فيما بيننا
وبينك، تتودد إلينا بنعمك، ونتبغض إليك بالمعاصي، ولكن الثقة بك حملتنا على
الجراءة عليك، فعد بفضلك وإحسانك علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم آمين يا رب العالمين.
الخطبة الثانية
الله أكبر..
الله أكبر.. الله أكبر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول
الله وآله وصحبه ومن والاه.
أحبابي في الله واخواني في الوطن
العزيز
القراءة الصحيحة للتجربة السياسية
الحديثة في السودان خلاصتها أن البلاد شهدت ثلاثة نظم ديمقراطية مؤسسة على إرادة
الشعب السوداني حكمت 15% من الفترة منذ الاستقلال، لم تشهد أية واحدة اندلاع
انتفاضة شعبية ضدها، ولم تشهد أية واحدة اندلاع حرب أهلية ضدها. ولكن شهدت البلاد
ثلاثة نظم أوتوقراطية صادرت الإرادة الشعبية. نظم استغل فيها متآمرون حزبيون
سياسيون اختراقاً في القوات المسلحة، وحكموا البلاد دكتاتورياً فترة بلغت 85% من
عمر السودان المستقل، وأثناء حكوماتهم الجائرة اندلعت أربعة حروب أهلية في 1963-
1983- 2003- و2011م. وانطلقت ثلاث ثورات ربيعية في 1964- و1985- و2018م.
هذه الحقائق دليل ناصع على أمرين هما:
أن الشعب السوداني لا يمكن أن يستكين للنظم الدكتاتورية، والثاني: أن القوات
المسلحة التي اخترقت لإقامة النظم الديكتاتورية شدها ولاؤها الوطني للانحياز للشعب،
وفي الثورات الربيعية الثلاث انحازت للشعب وساهمت في تشييع الطغاة إلى مزبلة
التاريخ.
أحبابي في الله واخواني في الوطن
العزيز.
بعد ثورة ديسمبر 2018م تضافرت القوى
الثورية الشبابية والنسوية والسياسية والمدنية صانعة الحراك الشعبي، والقوى
النظامية فاعلة الحسم لتحقيق ما قالته الراجزة في وصف ثائر الدعوة المهدية في
الماضي: الأرضِ هزّزَها خجاها وركزها.
لم يكن التركيز محكماً بالقدر المطلوب
ما أدى لاضطراب، ولكن مع طبيعة الشعب السوداني ومع توافر الحريات الأساسية فإنا
متفائلون أن السودان سوف يعبر إلى مرحلة تاريخية جديدة وسامية ومجيدة.
أحبابي في الله واخواني في الوطن
العزيز.
فيما يلي أبين لكم المشهد السياسي
السوداني: حاله ومآله:
ثورة ديسمبر 2018م حصيلة تراكم رفض
للانقلاب الغادر في 30 يونيو 1989م، تراكم عبر عدد من الانتفاضات المدنية، وخمسة
مواجهات مسلحة، وحملة فكرية جردت النظام من دعاويه الإسلاموية، وإخفاق في إدارة
الاقتصاد بلغ مداه، وغضبة جيل شبابي ونسائي ضيع النظام مستقبله، فهام كثيرون
مشردين، واتجه كثيرون نحو الاعتصامات والمظاهرات التي بلغت شأوها في الاعتصام أمام
القيادة العامة. اعتصام استضافته القيادة العامة ولم تبطش به كما يتوقع.
والمفاجأة الثانية أن اللجنة الأمنية
التي كونها الطاغية من القوات المسلحة والدعم السريع والشرطة وجهاز الأمن رفضت
الانصياع لأوامره وقررت خلعه.
أثناء الحراك الثوري دعونا في دار
الأمة لتوحيد كلمة نداء السودان وقوى الإجماع الوطني والمهنيين فأصدرنا إعلان
الحرية والتغيير وكونا تحالف الحرية والتغيير الذي دعمته كذلك لجان المقاومة
الشعبية.
الحراك الثوري انطلق منذ البداية من
الأقاليم، ثم تركز في العاصمة.
المفاجأة الحميدة الثالثة كانت توافق
قوى الحراك الثوري المدنية كما عبرت عنها قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري
(الذي تولى إدارة البلاد بعد خلع الطاغية) على وثيقة دستورية لإدارة فترة انتقالية
تحقق السلام والإصلاح الاقتصادي، وتنفذ مطالب الوثيقة الدستورية، وتهيئ البلاد
لانتخابات عامة حرة احتكاماً للشعب صاحب الولاية بعد نهاية الفترة الانتقالية التي
نرفض زيادتها يوماً واحداً.
في العام الأول للفترة الانتقالية
ظهرت عيوب أهمها:
- أعضاء في مجلس السيادة وصلاحياتهم إشرافية تجاوزوها على حساب السلطة
المدنية في ثلاثة ملفات: ملف السلام، والاقتصاد، والعلاقات الخارجية.
- السلطة المدنية اتخذت مواقف انفرادية في دعوة الأمم المتحدة لوصاية
على البلاد، وفي زيارة لكاودا مخلة كأنه يعترف بها دولة مستقلة، وناقش قضايا خارج
تفويض الحكم الانتقالي. وفي قبول مبدأ دفع تعويضات لمواطنين أمريكيين عن جرائم
ارتكبها النظام المخلوع. وبدا كأن السلطة المدنية خاضعة للوبيات شللية.
- قوى الحرية والتغيير كونت مجلساً قيادياً مختل التوازن ومسلوب الإرادة
لصالح أجهزة تنسيقية تغولت على قرار الجماعة، ومن أهم عيوب المرحلة أن قوى الحرية
والتغيير أقصت قوى سياسية تستحق المشاركة في المرحلة الانتقالية. كما أن هنالك قوى
تمثل مكونات تقليدية من السكان قبلية وصوفية حرمت المشاركة. ولكن العيب الأكبر هو
أن قوى الحرية والتغيير لم تستطع الانتقال من تكوين سياسي معارض إلى تكوين سياسي مشارك
في حكم البلاد.
- الفصائل الثورية التي دخلت مع السلطات الانتقالية دخلت بطريقة غير
منهجية، ومع أن بعضها كان جزءاً من نداء السودان، فقد غابت مشاركتها في الحاضنة
السياسية.
- ما اتفق عليه كأساس للسلام في جوبا حقق أسساً صحيحة للسلام وبنوداً لا
تحقق سلاماً.
- سياسة البلاد الاقتصادية وقعت في أخطاء وانقسامات في الرؤية بصورة
مخلة. هذا تراكم مع سياسات
النظام المباد التمكينية، وتدمير بنيات البلاد الإنتاجية ليحيل حياة الناس جحيما
لا يطاق,
[i] آل عمران، الآية 97
[ii] الصافات، الآية 102
[iii] رواه
البخاري ومسلم وأبو داؤد
[iv] البقرة، الآية 141
لذلك قدم حزبنا نقداً موضوعياً لأداء الفترة الانتقالية واعتبرها بالمقاييس الموضوعية فاشلة. واقترح عقداً اجتماعياً جديداً كأساس لأجندة وطنية تبحث عن طريق مؤتمر قومي أساسي يقدم إصلاحاً راديكالياً، أهم معالمه:
- تطوير الوثيقة الدستورية إلى دستور انتقالي يعالج فجواتها.
- تطوير تحالف قوى الحرية والتغيير إلى جبهة بدستور يحدد هياكلها
وصلاحياتها ويوسع المشاركة فيها لمستحقي المشاركة.
- ج) بيان أسس السلام العادل الشامل المنشودة.
- د) اقتراح نموذج اقتصادي جديد للبلاد.
حزبنا عرض مشروع العقد الاجتماعي
الجديد على كافة القوى السياسية المشاركة في الفترة الانتقالية ومكونات الحكم
الانتقالي (رئيس مجلس السيادة ونائبه ورئيس مجلس الوزراء). القوى السياسية تجاوبت
معه من حيث المبدأ واتفق على تكوين لجنة تحضيرية للتحضير لدعوة المؤتمر الأساسي
الذي سوف يبحث العقد الاجتماعي الجديد ويقرر بشأنه.
وقررت عناصر سياسية ذات وزن في الحرية
والتغيير تكوين لجنة لتقديم توصيات بشأن ما ينبغي عمله من عمل مشترك في الفترة
الراهنة إلى حين عقد المؤتمر الأساسي المنشود.
- ولكن قبل أداء تلك اللجنة
مهمتها أصيب المشهد السياسي بأحداث مزلزلة أهمها:
- رئيس الوزراء حل مجلس الوزراء بصورة انفرادية سوف تأتي بمجلس لا يقل
سوءاً عن المجلس المنصرف، لأن الإقالة والتكوين الجديد لم يكونا نتيجة تقويم
وتشاور.
- تقرر أن يؤدي ولاة جدد القسم بصورة مختلف عليها تماماً:
- عين ولاة قبل تشريع قانون يبين صلاحياتهم، وقيل سوف يصدر مرسوم دستوري
بذلك. هذا غير قانوني، والمطلوب هو: إصدار قانون للولاة يحدد صلاحياتهم ويضبط
علاقتهم بالأجهزة الأخرى في الولاية، قدمنا اقتراحاً به.
- قدمنا مبادئ واضحة في مذكرة لرئيس الوزراء وهي:
- o إصدار قانون للولاة يحدد صلاحياتهم ويضبط
علاقاتهم بمستويات الحكم الأخرى في الولاية.
- أن يكون الوالي في الولايات المأزومة، بسبب الانقسامات الإثنية
والتهميش، مجمعاً عليه من كافة القوى السياسية والمكونات القبلية في الولاية.
- أن يكون والي الخرطوم ذا كفاءة عالية وأن يكون مجمعاً عليه، لوضع
الولاية الاستثنائي.
- أن الولاة لأي ولاية يجب أن تتوافر فيهم الكفاءة والنزاهة والعدالة
وتأييد جماهير الولاية.
وافق رئيس
الوزراء على بحثها مع وفدنا لصحة ما قدمت من مبادئ ضرورية لنجاح الولاة في مهامهم.
ولكن تم التعيين دون البحث المتفق عليه. وكل الدلائل تشير إلى أن هذا التعيين
منافٍ للمبادئ الصحيحة المقدمة، وأن هؤلاء الولاة زج بهم في تجربة فاشلة.
- ج. عيوب تجربة الفترة الانتقالية وقعت برداً
وسلاماً على قوى الردة ذات السند الإخواني، ما سوف ينكب البلاد بتكتل إسلاموي
يبرره فشل تجربة الحكم الانتقالي، ويحظى بسند خارجي قوي.
- تجمع المهنيين الذي قام بدور مهم في الثورة، وكان ينبغي أن يطور موقفه
إلى حزب سياسي إن شاء ما يوفر هيكلاً للمشاركة والمساءلة الديمقراطية، أو إن شاء يطور
دوره في اتجاه نقابي على الأساس الديمقراطي المعروف: النقابة للجميع ولكل حزبه,
ولكن الذي حدث فعلاً هو أن التجمع انقسم إلى ثلاث فئات استأثرت العناصر الشيوعية
بإحداها، واتخذت خطوة جديدة بإبرام تحالف مع الحركة الشعبية-شمال بقيادة السيد عبد
العزيز الحلو. هكذا تكون تكتل علمانوي يحظى بدعم خارجي تقدمه القوى اليمينية
الأمريكية الإنجيلية، فهؤلاء يدعمون تقرير المصير مستهدفين تقسيم السودان. هذا
التكتل العلمانوي من شأنه بما يعلن من سياسات أن يمد التكتل الإسلاموي بمزيد من
مبررات الوجود والإقدام.
- هكذا مع ظهور إخفاق المرحلة الانتقالية يقدم لتشكيل مصير البلاد
اتجاهان متناقضان أحدهما يسعى لسودان الردة الظلامية والآخر يسعى لسودان الاستلاب
وتفكيك المصير الوطني. وقديماً قال ابن مسعود إن الشيطان يفتن بأحد أمرين: الإفراط
والتفريط. وكلا الأجندتين تتناقضان مع شروط بناء الوطن، وتحظيان بدعم خارجي.
- القوى الوطنية الديمقراطية ساعية لتحقيق السلام العادل الشامل ولتحقيق
المساواة في المواطنية، وضبط التوجه الإسلامي والعربي والأفريقي بصورة توفق بين
التأصيل والتحديث، ونحن على رأسها، وسوف نعمل على تكوين قوى الوسط السياسي الذي
سوف يجمع قوى بناء الوطن وخلاصه من براثن الإسلاموية والعلمانوية.
- 2)
القوات المسلحة بكافة مكوناتها والدعم السريع
قوى وطنية جعلتها وطنيتها ترفض دموية المخلوع وتنحاز للشعب. وهي الآن مطالبة
بالانحياز لأجندة بناء الوطن وحمايته من الانجراف نحو الردة الإسلاموية والاستلاب
العلمانوي.
- القوات المسلحة مطالبة بتجاوز الشكل الثنائي وتكوين هيئة أركان موحدة
مستعدة لدمج القوات المقبلة على السلام بالصورة التي تقررها الترتيبات الأمنية في
مشروع الدمج والتسريح.
- خلاص الوطن يتطلب اتحاد قوى الأجندة الوطنية، وهي المتوقع أن تحظى
بالدعم الانتخابي وتأييد الأسرة الدولية الحريصة على الحكم المدني الديمقراطي في
السودان، ويرجى أن تدعمها القوى الإقليمية العربية والإفريقية.
مستقبل الحكم الراشد في السودان سوف
يحمي بناء الوطن فيه التكتل الوطني المتصدي بالمصلحة الوطنية لأجندتي الإسلاموية
والعلمانوية المدمرتين لشروط بناء الوطن.
أمامكم أتعهد أن نحمي مشارع الحق وأن
نتصدى لتآمر الباطل، قال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ
بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)[1].
أيها الأحباب،
اعفوا عني فأنا عافٍ عمن أساء إلي،
فالله أمر: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ
بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)[2].
اللهم ارفع عن بلادنا وأمتنا وعن
العالمين البلاء والغلاء وضيق العيش، واجعل الخير في زرعنا وضرعنا وبارك خريفنا
هذا، ووفق اللهم أهل السودان إلى تمام السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي
الكامل. اللهم تقبل الشهداء واشف المصابين وأحسن عزاء أهلهم والوطن في أحداث عنف شملت
مناطق عديدة ينبغي وقفها فوراً ومساءلة الجناة.
اللهم ارحمنا وارحم آباءنا وأمهاتنا،
وخذ بيد سوداننا أرض جدودنا ومنبت رزقنا فقد عانى أهله الويلات وتشتتوا في الملاجئ
ومعسكرات النزوح، ووالي أهله بوعدك: (وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَىٰ
آمَنَّا بِهِ ۖ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا)[3].
الهوامش
[1] هود،
الآية 117
[2] الأعراف الآية 199.
[3] الجن
الآية 13