يبدو أن ابن خلدون كان محقا فيما اورده في مقدمته الشهيرة:- ( الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها) ، ﻷن الواقع الذي نعيشه يؤكد ذلك. وقصص وحكايات التاريخ رصدت نماذجا من القهر بنوعيه ( قهر اﻷشراف وقهر اﻷراذل) وهذا التصنيف اﻷخير من عندي أنا وليس من عند ابن خلدون ، وربما يحتاج التصنيف الذي اضفته مذكرة تفسيرية تفض اﻹلتباس ، لنعرف الفرق بين قهر اﻷراذل وقهر اﻷشراف ، بل من هم اﻷراذل ومن هم اﻷشراف ؟ ومن ثم نتعرف علي أثر القهر عليهم ونتائجه؟ وما علاقة السودان والمواطن السوداني وحكوماته بذلك كله؟؟
أولا.. القهر معروف لديكم علي ماأعتقد وإذا فات عليكم تعريفه فهو بإختصار شديد (غياب كامل للعدل مع وجود باطش للظلم) وهذا ايضا إجتهادي الشخصي لتعريف القهر.
أما اﻷشراف هنا ليسوا المعروفين بشرف نسبهم وأنتمائهم لبيت النبوة فهؤلاء اهل الشرف السامي الرفيع ، ، وإنما اﻷشراف هنا بمعناها اﻷوسع هم صنف من البشر يمتازون بالعفة وعلو الهمة والشجاعة وعزة النفس، بينما اﻷراذل عكسهم تماما صنف من البشر ماتت في نفوسهم النخوة والعفة والشجاعة ومنهزمون بطبيعتهم.
ثانيا:- الفوضي وهي غياب القانون وهيبة السلطة وحتما إنتشار سوء الخلق ، وتكاثر الفساد بكل انواعه ، فساد اﻷفراد وفساد الحكومات وفساد المجتمعات والذي قد يتفاقم لمراحل خطرة تصل لفساد الشعب بأكمله.
قهر اﻷشراف تتخلق منه الثورات العظيمة أما قهر اﻷراذل يورث الذل والهوان وقطعان من العبيد المرهقين .
فإذا كان اهل السودان مشهورين بأنهم أشراف بعزة النفس وعلو الهمة والشجاعة ، فإن تقييم ثورتهم يأتي إيجابيا، ومحفزا للامل ومشجعا لصناعة مستقبل جديد للسودان. ولكن السؤال الذي ينتظر إجابة مقنعة كيف نسمح للثورة أن تتحول إلي فوضي ؟؟ فلايعقل ان تغيب هيبة الدولة وتتأخر سيادة القانون وينتظر عامة الناس أن تغمرهم ثقافة الثورة وفكرة التجديد وإن تنتشر في أوساطهم كأفراد ومجتمعات روح المبادرة والجرأة واﻹرادة الحقيقية للتغير وصناعة المستقبل.
نخشي اﻹ نكون قد تبدلت طباعنا فلم نعد أشرافا كما كنا، فسقطنا واقعيا في شرك التصنيف الثاني اعني قهر اﻷراذل لاسمح الله.