سيرت لجان المقاومة اليوم الاثنين مليونية جرد الحساب إلى مجلس الوزراء وامانات الحكومات الولائية لتحقيق عدد من المطالب من بينها السلام وتعيين المجلس التشريعي ومحاكمة رموز الإنقاذ وقتلة الشهداء، المليونيات اسلوب شرعي للجان المقاومة التي لم يتم تمثيلها في المجلس المركزي لقحت ولا تم تمثيلها في مجلس الوزراء ولا في المجلس السيادي، وبالتالي طبيعي أن يكون صوتها هو الشارع، وأن تستخدم هذا الشارع وسيلة للضغط من اجل تحقيق أهدافها.
في هذه المليونية بالتحديد أعلنت لجان المقاومة عن انحراف ( شركاء الحكم ) عن مسار الثورة وبالتالي هدف مليونيتها هو الضغط على شركاء الحكم في مجلس السيادة ومجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير لاستعدال هذا الوضع، ولكن ما أن أعلنت لجان المقاومة عن مليونيتها حتى ظهرت الأحزاب السياسية ( المستهبلة ) وأعلنت تبنيها للمليونية ودعت جماهيرها للمشاركة فيها!! هذه الأحزاب شريكة في الحكم، ومستهدفة بالاساس بهذه المليونية وبعد ذلك تتسلق الجماهير وتعلن مشاركتها في المليونية وتصدر البيانات وتدبج اللافتات وتشخبط الشعارات على الجدران!!! فهل هذه أحزاب محترمة؟!! هل هناك انتهازية وانعدام أخلاق سياسي أكثر من ذلك؟؟ اذا لا تريدون الشراكة في الحكم فاخرجوا، أعلنوا انسحابكم من قحت واسحبوا ممثليكم من الحكومة وانضموا للشارع، لكن ان تكونوا شركاء في الحكم وكلما أعلنت لجان المقاومة عن مليونية ( تنطوا فوق راسها ) هذا استهبال سياسي ولعب على الجماهير واستغفال للجان المقاومة واستهزاء بها، وهي ممارسات تقدم صورة سيئة جدا عن الحزب السياسي وتصوره مجرد كيان متهافت يذهب مع الريح أينما سارت.
المطلوب في ظل الثورة ان تقدم الأحزاب السياسية صورة مشرقة عن الاتزان والثبات على المبدأ ، مطلوب ان يكون الحزب السياسي ذو توجه معلن وواضح للكافة، ان كان جزءا في قوى الحرية والتغيير فهو جزء من الحكومة نجاحها نجاحه وفشلها فشله، وإن كان خارج قوى الحرية والتغيير عليه ان يحدد للناس والجماهير موقفه من الحكم هل هو من الداعمين ام المعارضين، سياسة اللعب على الحبلين والضحك على الذقون لا تجدي، لنرتقي سياسيا نريد ان يسود في بلادنا نموذج الحزب السياسي الواضح المتزن الذي يعلم أين يقف ولماذا يقف هذا الموقف وكيف يجعل من هذا الموقف قصة نجاح للوطن وليس فشل.
صورة أخرى للاستهبال السياسي الذي تمارسه بعض الأحزاب السياسية هو سياسة ( الدخول بصرفتين ) فهي موجودة كأحزاب داخل الحكومة وموجودة خارجها في شكل منظمات ضغط وقوى مدنية!! وهي صورة اخرى من صور الاستهبال والابتزاز والسلوك السياسي السقيم الذي لا يشبه السودانيين الواضحين وضوح الشمس في صحراء أفريقيا ولا يشبه الثورة ولا شهداءها، وهو الذي يجعل الحكومة تصادم نفسها وتطحن بين صراعها الجماهير بما فيهم لجان المقاومة، وما بمبان اليوم الا دلالة على ذلك، فركوب بعض أحزاب الحكومة ظهر الجماهير لتستفرد عضلاتها بأن معها الجماهير، سيجعل الطرف الآخر يركب ظهرها هي والجماهير .
اذا لم تختف من ساحة الثورة الأحزاب السياسية المستهبلة والأحزاب ذات اللونين، فإن البلاد لن تشهد تحولا ديمقراطيا حقيقيا، وستظل البلاد محتقنة بإستمرار، وستكفر الجماهير بالأحزاب السياسية وممارساتها غير الأخلاقية وتفقد فيها الثقة بالكامل، وسيقود هذا السيناريو الشعب عاجلا ام اجلا الى التصفيق مجددا لعسكري جديد.
sondy25@gmail.com