لماذا قيل أطفالنا فلذات اكبادنا
هنالك رواية مؤثرة جدا ، رغم أنها بالنسبة لي غير مصحوبة بمصدر موثوق ولكن، أحداثها توحي للقارئ قد تكون حقيقة.
يحكى أن رجلا كان يعيش في البراري بإبله.
فرزقه الله طفلا وتوفيت والدته أثناء الوضع. فحزن الرجل على زوجته ولكنه احتار كيف يغذي الرضيع حديث الولادة!! ففكر ان يرضعه من إحدي نياقه التي وضعت حديثا،
فارضع الطفل اليوم الأول والناقه تنظر إليه، واليوم الثاني كذلك. وفي اليوم الثالث أثناء الرضاعة ضمت الناقه ارجلها الخلفيه على عنق الطفل ففاضت روحه.
غضب الأب أشد الغضب بل استشاط، وجن جنونه فاحكم وثاق الناقه، فأتى بولدها أمامها (حوارها) فذبحه وسالت دمائه أمام ناظريها.. فأخذت الناقه في الهيجان والغضب وسالت دموعها. وبعد ساعة من النحر فك الرجل- الذي فقد صوابه وانهارت أعصابه – وثاق الناقه فقامت واقتربت من حوارها، فأخذت تشتم رائحته فإذا بها ترفع رأسها عاليا فتسقط مغشيا عليها ، فسارع الرجل بنحرها ثم فتح بطنها فوجد كبدها قد تفطر بل تفتت إربا إربا من هول المصيبه.
فإذا كان كبد الحيوان وقلبه قد تفتتا من الألم فكيف بنا نحن البشر؟؟!
فالكل يحب أولاده بالفطره.
أولادنا هم امتدادنا في هذا الوجود فلذا يجب علينا العنايه بهم والإهتمام بتربيتهم التربيه (الطيبة) والطفل كالشجرة التي تعتني بزراعتها منذ كونها بذرة، وسقيتها بالإيمان ورويتها بحب الرحمن وحصنت تربتها بالاستقامه ، ستكون بإذن الله شجرة معطاءة مهما حاولت رياح الفتن والاهواء اقتلاعها ستبقى صامده أصلها ثابت وفرعها في السماء.
لمالا لأنهم أمانة علينا.
هم سراج البيوت وانوارها، ورياحين الحياة وزينتها.
وثمار القلوب وبهجتها ونحن لهم السماء الظليله، والأرض الممهدة الذليله. . وهنا أحبتي لا أود أن أدخل في التربية وطرقها لأن الحديث فيها ذو شجون ، كما أنها تحتاج لوقت وجهد لمجلدات تنوء بمحتوياتها . ولا لعلم النفس التربوي والتعليمي قد يحتاج لمداد لا ينفد، وكلمات لا تنضب.. بل أود أن ادلف لأشياء نتعلمها نحن من الأطفال.
تعلمت من الأطفال بأن الحياة لا تستحق كل ذلك الهم والحزن والنزاع، فمجرد ما يصاب ذلك الطفل ببعض من الهم أو حزن لحرمانه من شئ ما، أو نزاع مع صاحبا له، ماهي إلا دقائق معدوده ويصاب بفقدان سريع للذاكره، ليعود كل
شئ مثلما كان وربما أفضل ليعلمني درسا بأن فقدان الذاكره بالتخلص من المشاعر السلبيه من الأشياء الضروريه جدا في هذه الحياة.
كما تعلمت منهم ان تسلل السعادة الي قلوبهم لا تحتاج إلى جهد ووقت كثير، فقطعه حلوى صغيره او لعبة متواضعه، كفيله ان تقوم بتلك المهمه السهله بالنسبه لهم، الصعبه لدى غيرهم الذين حملوا انفسهم أكثر من طاقتها، فمتى نسترد تلك القناعه الجميله التي صبغت في حياتنا الراحة والسكينه؟ !!
تعلمت منهم صحة هذه المقوله (ليس العيب ان تسقط وإنما العيب البقاء في مكان السقوط) فنجد ذلك الطفل عندما يتعلم المشي يسقط سقطه تلو الأخرى، وتجده مستمرا بالمحاوله غير آبه لتلك الاخفاقات، لأنه ادرك النجاح حليفه في النهايه بالفعل سيكون له ذلك. فرسالتي لكل من اخفق وسقط اضرب بكل ذلك عرض الحائط واستمر في المحاوله لتتأكد ما سعيت له بانتظارك.
كما تعلمت منهم من السهل ان يصبح الشخص متعدد المواهب فتجد الطفل مؤلف وممثل ومنتج ومخرج لمسرحيات قام بحياكتها بنسج خياله الطاهر، ليسقطها على هذا الواقع مناديا هكذا يجب أن يكون فهل من مستجيب لتلك النداءات؟
تعلمنا منهم ان كثرة المجاملات غير مجديه في تقييم الآخرين.
كما أن البراءة من الصفات التي تلازم مرحلتهم وان أفكارهم المجنونه التي ترفرف في عقولهم الصغيرة الكبيرة، أفكار مهما رأينا انها خياليه ستصبح واقعيه بعد زمن لأتعلم رفع سقف التوقعات في أفكاري مؤمنة إيمانا عميقا بأن الواقع سيصادقها بعد حين. فهم معلمون بارعون لو تعهدناهم بالرعاية والعناية…فهم أطفالنا اكبادنا تمشي على الأرض
أن هبت الريح على بعضهم
امتنعت عيني من الغمض.
أن الصدق والشفافية حاضره ليوفروا لنا معيار حقيقي في الحكم على الآخرين.
النوم لا يحتاج لجهد كبير ليزورهم وما ان يضع الطفل راسه على المخده حتى يدخل في نومة عميقه مطلقا الحياة بما فيها.. فالنطلق همومنا واوجاعنا قبل النوم لننعم بنوم مريح وهادئ.
مسقط
سلطنة عمان
18th August 2020