أوضح تصريح الناطق الرسمي أخيراً حيدر بدوي صادق أن كثيراً من المسؤولين يفتقدون اللياقة الذهنية، التي تتيح لهم ممارسة مهام وظائفهم، على النحو المأمول.
إن ما صرح به السفير بدوي حول تطبيع علاقات السودان مع إسرائيل فاق الدهشة التي أبدتها الوزارة حيال تصريحه، وقد تابعته وهو يدلي بتصريحه مزهواً بأسلوب يجافي الدبلوماسية والكياسة، إذ فاخر بأننا “لسنا أول دول تطبع، ولكننا الأهم حتى من مصر نفسها، مع مكانتها، وعلاقتنا مع اليهود قديمة، لقد ولدت اليهودية على شاطئ السودان في النوبة”.
وإذا افترضنا أنه مكلف بالتصريح حول التطبيع، فما الداعي
للمقارنة مع مصر، وما الداعي للإحالة إلى التاريخ.
ومضى بعيداً وتناول أهمية هذه العلاقة لإسرائيل
والسودان، حتى وصل إلى الاستثمار، وتبادل المنافع، وكشف عن اجتماع طارئ بين رئيس
مجلس الوزراء د.عبدالله حمدوك ووزير الخارجية السوداني المكلف عمر قمرالدين حول
تطورات الأوضاع في ملف السودان مع إسرائيل.
ووصف
الخطوة الإماراتية بأنها “جريئة وشجاعة، وفي المسار الصحيح لتحقيق السلام في
الشرق الاوسط والسلام العالمي، لأن السلام بين اسرائيل والبلدان العربية يساعد
العالم على تحقيق السلام الدولي”.
ولا يمكن أن يشك أحد في أن مثل هذا التصريح يمكن أن
يصدر من ناطق رسمي باسم وزارة سيادية كالخارجية ما لم يكن مأذوناً ومسموحاً له،
إلا أن الوزارة أعربت على لسانها وزيرها المكلف عمر قمرالدين عن دهشتها
و”فغرت فاهها”.
ولاحظوا أن الناطق الرسمي أفشى بسر تناول العلاقة مع إسرائيل في اجتماع بين رئيس الوزراء ووزير الخارجية في حين أكدت الخارجية في تصريح رسمي “أن أمر العلاقات مع إسرائيل لم تتم مناقشته في وزارة الخارجية بأي شكل كان، ولم يتم تكليف السفير حيدر بدوي للإدلاء بأي تصريحات بهذا الشأن”.
ويتردد أن الناطق الرسمي جرى إعفاؤه من منصبه، وأعتقد
أن الخطأ الذي ارتكبه يستحق أن يعود إلى حيث كان، لأنه بدا فاقداً اللياقة
الذهنية، والكياسة، واللباقة، وغيرها من الصفات التي يجب أن يتحلى الدبلوماسي،
فالحكاية “مش ناقصة”.
وتزامن هذا التصريح المدهش مع بيان أصدره وزير الطاقة
والتعدين السابق د.عادل علي إبراهيم عن طريق صناعة القرار في الحكومة الانتقالية،
مشيراً إلى نفوذ مستشاري رئيس الوزراء، وتدخلهم في القرارات التنفيذية، بل في
إجراء الصفقات.
أن تكون حكومة الثورة التي دعمناها ودافعنا عنها بكل ما نملك بمثل هذا التخبط شيء يدعو إلى الرثاء والإحباط، ويجعل مستقبل البلد على كف عفريت، في ظل عدم الاستقرار الذي تشهده مناطق كثيرة في البلاد.