كتاب “قمحة النار .. نساء في الحروب” الذي استعرته من مكتبة ميريلاندز بسدني هو ثمار تغطيات صحفية ميدانية للمؤلف جمال حسين علي لحروب أفغانستان والعراق والشيشان وكردستان، رصد فيه عن قرب جانباً من من معاناة اننساء جراء النزاعات والحروب.
أوضح المؤلف حقيقة أن النساء أكثر تضرراً من الرجال بتداعيات الحروب بفقدان الأب أو الأخ او الإبن أو الزوج وأنهن يتعرضن لصنوف من القهر والعنف والاغتصاب والسخرة.
يصف المؤلف أوضاع النساء بعد الحرب قائلاً : ستبقى حكايات النساء في محن الحروب أكثر إفراطاً كتمهل فراشات في حقول تحترق، وهن لا يمتلكن سوى جلودهن وحيرة أطفالهن، وقفار الشوارع المعتمة.
كُتب على النساء في كل مناطق الحروب في العالم مواجهة مصيرهن وحدهن، وهن يحاولن إضاءة نور الأمل في إمكانية استمرار الحياة رغم قسوة ما يتعرضن له.
لن أتناول أوضاع النساء في الحروب حسب التراتبية التي وضعها المؤلف، فقط أتوقف عند بعض الويلات المشتركة التي يتعرضن لها أثناء وعقب النزاعات والحروب.
أوضح المؤلف كيف أن بعض النساء تضطرهن الظروف للمتاجرة بأجسادهن، وكيف أنهن يجدن في بعض الأحيان الوسائل الميسرة لممارسة الدعارة المقننة عبر زيجات مؤقتة تنتهي بانتهاء فترة المتعة بصورة متكررة مع عدد من الأزواج.
من المشاهد الغريبة التي رصدها المؤلف بمعسكرات اللجوء أن بعض النساء سألنه : ماذا يثير اهتمامك هنا .. اللاجئون هم اللاجئون ؟!! ومع ذلك سمحن له بدخول معسكرهن.
يصف الأرض المحروقة قائلاً : ظهرت بمبان هرمة كانها لم تسكن منذ زمن بعيد، وعندما سألهم المؤلف لماذا لم يرحلن عن هذه الأرض المحروقة، قلن إن ذلك يرجع لقلة مواردهن المالية.
يعود المؤلف مرة أخرى ليوضح كيف أن ظروف الحصار جعلت بعض النساء يمارسن أعمالاً لا تليق بهن، ولا بأعمارهن أو بتحصيلهن الاكاديمي؛ لأنهن وجدن أنفسهن مضطرات للعمل لتوفير مستلزمات الحياة لأسرهن.
في مشهد درامي يقول المؤلف إن إحداهن طلبت منه تصوير أمها بعد أن فتحت له باب الصفيح، حيث وجد نفسه أمام إمرأة عجوز جسدت تجاعيدها كل مشاعر الحزن، وهي تشير إلى الأطفال، وتبكي دون أن تذرف دمعة.
يخلص جمال حسين على بعد معايشته لكل تلك الويلات التي تواجه النساء من تداعيات الحروب إلى أن الطريق للسلام يبدأ بنشر ثقافة المحبة والتعايش الإيجابي، ورعاية أوضاع النساء، وإعادة تأهيلهن، وتأمين الحياة الحرة الكريمة لهن ولأسرهن.