الخرطوم- التحرير:
أحدثت اتهامات قناة “الإخبارية” السعودية لحزب الأمة القومي بأنه “حزب إخواني، ويدعم الجانب القطري على حساب الجانب السعودي”، أصداء واسعة في أوساط المجتمع السوداني، خصوصاً في الوسط السياسي.
(التحرير) استطلعت آراء عدد من قادة الرأي والسياسيين في السودان، من تيارات ومدارس فكرية عدة، حول تلك الاتهامات، وأجمع الذين تحدثوا في هذا الشأن على عدم صحة ما نقلته القناة السعودية، وأشاروا إلى أنها سعت إلى تشويه صورة حزب الأمة القومي بقيادة الإمام الصادق المهدي، ووصفوه بـ “الديمقراطي الذي يتبنى الإسلام الوسطي، ويرفض التطرف”، كما نوهوا بموقف المهدي الذي يسعى إلى نزع فتيل الأزمة الخليجية.
نبيل أديب: بحوث الأمام تؤكد تمسكه بالوسطية
قال القانوني والناشط في مجال حقوق الإنسان نبيل أديب: بحسب معرفتي بحزب الأمة القومي، وبرئيسه الإمام الصادق المهدي، فإن هذه الاتهامات التي تناقلتها وسائل الإعلام السعودية وتحديداً قناة الاخبارية ليس لديها أي أساس من الصحة، وذلك لأن الإمام الصادق لديه عدد كبير من البحوث المطبوعة تؤكد تمسكه بالوسطية، إضافة إلى أنه يقف ضد التطرف الإخواني؛ وموقفه من الإخوان المسلمين في السودان معروف منذ استيلاء الفصيل العسكري للجبهة الإسلامية القومية على السلطة في عام 1989م، وبعد ذلك كان الإمام الصادق المهدي مطلوباً القبض عليه، وتم ذلك الأمر فعلاً من قبل القوة التي استولت على السلطة؛ وقال أديب لـ (التحرير) : الإمام الصادق لم يظهر له أي حلف مع الإخوان المسلمين لا داخل السودان ولا خارجه .
وينوه أديب إلى أن ما تناقلته قناة الإخبارية ربما جاء نتيجة لتصريحات المهدي التي نصح من خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالوصول إلى تسوية مع “الإخوان” المسلمين في مصر، وأضاف” هو لم يفعل ذلك لأنه دخل في حلف مع الإخوان أو شئ من هذا القبيل، وإنما لأنه رأى أنه من الأفضل إدخال “الإخوان” في الحركة السياسية في مصر، بدلاً من اتجاههم إلى حمل السلاح، ولجوئهم إلى العنف”، ويشير أديب إلى أن هذه المسائل تقديرية، وتبين كيفية تعامل النظام المصري مع الإخوان المسلمين، واصفاً الاتهام بأنه سوء فهم كبير، فضلاً عن أن حزب الامة حزب كبير، ويؤمن بالوسطية، وعلى خلاف مع الإخوان المسلمين.
الأزمة في الخليج والمبادرة الكويتية
حول موقف حزب الامة الداعم للمبادرة الكويتية لرأب الصدع بين الفرقاء في منطقة الخليج، قال أديب: “ما من شخص بالمنطقة يرغب في تصعيد أزمة الخليج، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن حزب الأمة سعى إلى إيجاد تسوية سياسية لهذه الأزمة، التي أكد أن المستفيد الوحيد منها هي الدول الخارجية، وأن موقف حزب الأمة يقوم على محاولة نزع فتيل الأزمة، وليس لدعم الإخوان المسلمين .
محجوب محمد صالح: حزب الأمة لم يوال الاخوان المسلمين في تاريخه
تساءل الخبير الإعلامي، ناشر ورئيس تحرير صحيفة الأيام محجوب محمد صالح في مستهل افادته لـ (التحرير) عن هل هذه القناة معروفة لدى المشاهدين أم لا؟ مبيناً انها المرة الأولى التي يسمع فيها بوجود هذه القناة، وأكد محجوب خلو الخبر الذي أوردته القناة السعودية من أي قدر من المهنية والمسؤولية؛ لأنها لو تابعت فقط تاريخ حزب الأمة لما أوردت مثل ذلك الخبر، منوهاً إلى عدم تصديق المشاهدين لما جاء فيها من حديث واتهامات لحزب الأمة؛ لأن أساس الخبر الذي أوردته قائم على الخطأ والتخمين. ويرى محجوب أن الخبر يخدم أهداف ومصالح معينة؛ وأضاف معروف أن حزب الأمة لم يكن في يوم من الأيام يوالي الإخوان المسلمين، وأضاف: نعم هو حزب إسلامي، ويلتقي مع الأحزاب الإسلامية بما فيها الإخوان المسلمين في بعض القضايا، ولكنه يحمل موقفاً ضدهم، وهم بالقدر ذاته يحملون موقفاً ضده.
ويؤكد الخبير الاعلامي أن الجميع متفقون على موقف حزب الأمة الداعم لجهود رأب الصدع بين القوى الخليجية المتصارعة بما فيها الحكومة السودانية التي دعمت المبادرة الكويتية، وكذلك القوى المعارضة التي قالت إنها مع تلك المبادرة، وذلك حتى لاينفجر الصراع الخليجي، ويتطور إلى أبعاد اكبر من ذلك، بسبب أن العالم العربي أصلاً يعاني التمزيق.
ساطع الحاج: يجب الإعتذار للإمام الصادق
يقول الأمين السياسي للحزب الناصري ساطع الحاج في حديثه لـ ( التحرير): إذا ما صح هذا الحديث عن قناة الاخبارية السعودية، فإنها بذلك تكون قد ظلمت الإمام الصادق المهدي ظلماً كبيراً، فالإمام يتبنى الإسلام الوسطي غير المتطرف، ويؤمن بالرأي والرأي الآخر، وهو ليس انتهازياً ، لافتاً إلى بعد رئيس حزب الأمة القومي عن حب السلطة وحب الثروة، أو السير بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة كما يحدث عند الإسلاميين في كثير من الدول، واصفاً الإمام الصادق بالرجل المبدئي والديمقراطي حتى النخاع ، فضلاً عن بنائه لحزب تقدمي، وهو حزب الأمة القومي، الذي لا يمكن عزله عن سياقه التاريخي الذي نشأ به، و رئيس الحزب الإمام الصادق استطاع أن يبني حزباً ديمقراطياً، يتبنى الإسلام الوسطي المعقول بدون أي تطرف، وأكد ساطع إنه ضد أي محاولة لإهانة الإمام الصادق المهدي او التقليل من شأنه، وطالب ساطع القناة السعودية التي هاجمت الصادق المهدي بمهاجمة الفكر الديني المتطرف والإعتذار للإمام.
موقف عاقل حول أزمة الخليج
وإزاء موقف حزب الامة القومي المساند لعملية إيجاد حلول عاجلة تسهم في حل الأزمة الخليجية، قال ساطع: “إن ذلك هو الموقف العاقل”، مؤكداً أن الأزمة الخليجية أزمة مفتعلة يحركها النظام الإمبريالي العالمي، من أجل تفتيت المنطقة؛ لافتاً في الوقت ذاته إلى أن الطريقة التي يعبث بها هذا المشروع بالمنطقة ليست بغريبة سواء كان في العراق أو سورية أو السودان، وهو يسعى إلى تأجيج الصراعات بالمنطقة العربية. لذلك لا بد من تفويت الفرصة على القائمين على أمر ذلك المشروع المدمر بإعمال العقل، وتجنب الفرقة والشتات، على نحو ما قال أيضاً حزب الأمة ورئيسه الإمام الصادق المهدي .
علي نايل: لا يستطيع أحد أن يصف حزب الأمة بأنه ” إخواني”
من ناحيته قطع القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل علي نايل بعدم وجود أية صلة بين حزب الأمة والإخوان المسلمين، وقال نايل: نحن اتحاديين ولكننا لصيقون بحزب الأمة القومي، ولم نشعر بذلك الأمر أبداً؛ وأكد نايل في حديثه لـ (التحرير) أن حزب الأمة لديه عداء مع الاسلاميين السياسيين الموجودين في السودان، ومواقفه معروفه، ولا يستطيع أحد أن يصف حزب الأمة بأنه حزب إخواني، أو أنه حزب يؤيد الإسلاميين السياسيين في أي مكان، وتابع لو كانت هذه الصفة موجودة بحزب الأمة لكان سعى إلى تأييد الإنقاذ (حكومة الرئيس عمر البشير) منذ قيامها .
وحول موقف حزب الأمة المؤيد لجهود الصلح بين محوري الأزمة الخليجية، يقول القيادي الاتحادي: “أعتقد أن أي إنسان عاقل يجب أن يدعم هذا الخط الذي قال به حزب الأمة؛ لأنه ليس من مصلحة العرب والمسلمين أن يكون هنالك خلاف مثل ذلك الذي يدور بين الفرقاء الخليجيين الآن”.