لندن – التحرير:
وصف المكتب السياسي لـ “حزب الأمة القومي” قرار الإدارة الأميركية برفع بعض العقوبات عن السودان بـأنه يشكل ” خطوة مهمة في خارطة طريق استعادة العلاقات، وتطبيعها مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي” لكنه شدد على أن “هذه الخطوة ستظل محدودة الأثرمالم تعقبها خطوات أخرى، تزيل ما تبقى من عقوبات على البلاد”.
جاء هذا في بيان أصدره المكتب السياسي (يرأسه دكتور محمد المهدي حسن) عقب اجتماع عقده بأم درمان، بحضور رئيس الحزب الإمام الصادق المهدي، وقال البيان، الذي تلقت ” التحرير” نسخة منه اليوم، إن “المكتب السياسي رحب في اجتماع السبت 7 أكتوبر 2017 بتأكيد الإدارة الأميركية الجديدة على الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس باراك اوباما في يناير 2017م”.
وتناول بيان ” الأمة” العقوبات المفروضة على السودان، وأوضح أن “البلاد تكبلها منظومة عقوبات” في صدارتها “عقوبات مفروضة بأربعة أوامر تنفيذية من الرئيس الأميركي، هذه تم رفعها منذ يناير 2017م بأمر مؤقت، وتم التأكيد على رفعها الآن، ورفعها يسمح بالتحويلات والتعامل المصرفي، والتجارة بين أمريكا والسودان”.
وأشار البيان إلى “عقوبات مفروضة بثلاثة قوانين من الكونجرس الأميركي، رفعها ليس بيد الرئيس الأميركي و يتطلب موافقة الكونجرس، اضافة لقرار ضم السودان لقائمة الدول التي تدعم الإرهاب، هذه العقوبات أثرها كبير، لأن رفعها من الاشتراطات المهمة لإعفاء الديون، وبالتالي منح القروض التنموية الميسرة”.
وأضاف المكتب السياسي أن هناك “عقوبات مفروضة من الأمم المتحدة، بعشرات القرارات من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، وهذه تعيق كل أنواع التعاون مع المجتمع الدولي”.
وأكد أن ” منظومة العقوبات المذكورة، تؤثر سلباً على اقتصاد البلاد؛ ولكن الاقتصاد تكبله عدة مشاكل بأكثر مما تفعل منظومة العقوبات، أهم هذه المشاكل العجز الكبير في الإيراد السنوي ومن عائد الصادر، والعجز سببه انفلات الصرف لترهل الظل الإداري للدولة، والفساد غير المسبوق، وسياسة التمكين، وسببه شح الإيرادات لتدني الإنتاج للسوق المحلى وللصادر”.
وقال ” الأمة” إن “الحكومة تغطى عجز العملة المحلية بالطباعة بلا غطاء، ما يرفع التضخم ويزيد الأسعار، وتغطى جزءا من عجز العملة الصعبة البالغ 65% من السوق الموازي، مما يرفع التضخم والاسعار، والإجراءان يؤديان لتشويه الاقتصاد، ولتدهور الحالة المعيشية للمواطنين”.
ورأى المكتب السياسي لحزب الأمة أن “خطوة رفع عقوبات الأوامر التنفيذية جاءت نتيجة لالتزام الحكومة بالمسارات الخمسة، وهذه المسارات تتضمن جوانب ايجابية للبلاد، أهمها الالتزام بوقف العدائيات في مناطق النزاع في السودان، وانسياب المساعدات الإنسانية، والعمل على استقرار دولة جنوب السودان وتحسين الأمن الإقليمي”.
لكنه أعتبر أن “هذه الخطوة أثرها محدود جدا على اقتصاد البلاد، بالنظر لحلقات العقوبات الأشد، والتي مازالت تطوق اقتصاد البلاد، وبالنظر للمشاكل البنيوية الذاتية التي يعاني منها اقتصاد البلاد، ولكن قيمة الخطوة تكمن في أنها أنهت عقود من المكابرة، وفتحت الطريق أمام تطبيع علاقات البلاد الدولية.
وأشار المكتب السياسي إلى أن “التقدم للأمام مع الولايات المتحدة لرفع باقي حلقات العقوبات القائمة، سيشمل قضايا هامة للبلاد أهمها السلام المستدام في السودان وحقوق الإنسان والحريات والتحول الديمقراطي” وأكد أن “الإدارة الأمريكية تتمتع بهامش حركة واسع فيما يخص عقوبات الأوامر التنفيذية؛ ولكن بالنسبة للكونجرس الأمريكي فالأمر مختلف لأنه يتأثر بعدة عوامل تتحرك في فضاء السياسة الأمريكية، ومن هذه العوامل لوبيات الضغط، والمنظمات الحقوقية، وقرارات المحاكم الأمريكية، والقرارات الأممية ضد السودان”
ولفت البيان إلى أن “الرصيد السالب لحكومة السودان في القرارات الماضية سيُفعل هذه العوامل ويقوى أثرها في إضفاء صعوبة على خطوات التقدم، وأيضاً هناك الغرامات التي فرضتها المحاكم الأميركية على السودان؛ منها غرامة محكمة ضحايا تفجير المدمرة الأمريكية “كول” بمبلغ 300 مليون دولار، وغرامة محكمة ضحايا تفجير السفارة الأمريكية بنيروبى ودار السلام بمبلغ 7.5بليون دولار، وهذه مبالغ ضخمة، فالرصيد المحجوز في البنوك الأميركية فقط 30 مليون دولار”.
وأكد البيان أن “الخطوة المذكورة ( رفع بعض العقوبات) فتحت باب فرصة للبلاد للتقدم في ملف العلاقات الخارجية والسياسات الداخلية”. ودعا ” الأمة “النظام إلى الجدية في الاستفادة منها، ليس فقط بالتفاهم الثنائي مع أميركا، ولكن بالتوافق الداخلي مع معارضيه الذين يجمعهم تحالف “نداء السودان”، ولا يكتفى بتوزيع المناصب والاتاوات على حوارييه، في حواره الذي أعلن بنهايته مؤخراً”.
ورأى المكتب السياسي أن “هذا مهم جدا لأن التوافق مع المعارضين يحقق السلام والاصلاح السياسي والاقتصادي ويحسن بيئة الحكم، وهذه كلها مطلوبة للتقدم مع أميركا”.
وشدد على أن “أمريكا لا تستطيع التطبيع الكامل مع حكومة السودان بدون الاصلاحات المذكورة، مثال على ذلك ما حدث في 2005م، في يناير تم توقيع اتفاق السلام الشامل برعاية وتحكيم أميركي، وتلقت حكومة السودان وعوداً برفع العقوبات والإزالة من قائمة الإرهاب وإعفاء الديون، لكن “اللوبيات” والمنظمات نشطت في استنكار الدور الأميركي المذكور، في ظل المعاناة الإنسانية الشديدة، التي توقعها حكومة السودان على أهل دارفور، و هذا نسف الوعود الأميركية، وجعل الإدارة الأميركية تتبنى استصدار القرار 1593 تحت الفصل السابع، والذي أحال انتهاكات دارفور للمحكمة الجنائية الدولية في مارس 2005م”.
وفيما خلص بيان ” الأمة القومي إلى القول بأننا “نكرر ترحيبنا بالخطوة الأميركية، قال “نذكر بأن السياسات الخاطئة أضاعت على البلاد والعباد عقدين فيما لا طائل من ورائه، والآن يجب التركيز بشكل كبير على التوافق الداخلي وقضايا السلام وحقوق الإنسان والحريات والتحول الديمقراطي، لوضع أساس متين يؤهل البلاد للتخلص من كل العقوبات المفروضة الأميركية والأممية، ولتطبيع العلاقات مع كل الأسرة الدولية”