الْإِمَامُ الصَّادِقُ الْمَهْدِيُّ قِيمَةٌ وَقَامَةٌ

الْإِمَامُ الصَّادِقُ الْمَهْدِيُّ قِيمَةٌ وَقَامَةٌ
  • 30 نوفمبر 2024
  • لا توجد تعليقات

بِقَلَمٍ : مُسَاعِدُ أَمِينِ النُّوِيرِي

حَدَّثَنَا تَأْرِيخُ الْإِنْسَانِيَّةِ عَنْ أَنَّ الْأَيَّامَ لَا تَصْنَعُ رِجَالَ عُظَمَاءَ ، وَلَكِنَّ الْعُظَمَاءَ هُمْ مَنْ يَصْنَعُونَ التَّارِيخَ، وَيُوَثِّقُونَهُ بِأَعْمَالِهِمْ , وَإِنْجَازَاتِهِمْ، وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْعُظَمَاءِ مَنْ صَاغَ مِنْ تُرَاثِ امَّتِهِ وَحَضَارَتِهَا تَارِيخًا عَظِيمًا، فَالْعُظَمَاءُ يُولَدُونَ مِنْ رَحِمِ التَّارِيخِ، وَيَشْغَلُونَهُ بِبَصَمَاتِهِمْ الْوَاضِحَةِ عَلَى صَفَحَاتِهِ .
بَعْضُ النَّاسِ تُقَاسُ أَعْمَارُهُمْ بِالسِّنِينَ, وَالْبَعْضُ يَقِيسُهَا بِالْأَيَّامِ, وَلَكِنَّ حَيَاةَ الْعُظَمَاءِ فِي كُلِّ جِيلٍ تُقَاسُ بِمَدَى مَا حَقَّقُوهُ لِأَجْيَالِهِمْ , خَاصَّهُ تِلْكَ الَّتِي يَصْعُبُ تَحْقِيقُهَا فِي مَدًى زَمَنِيٍّ قَصِيرٍ يُوَازِي عُمَرَ مَنْ صَنَعُوهَا,
هَكَذَا حَالَ الزُّعَمَاءُ وَالْقَادَةُ الْمُؤَسِّسِينَ الْفَاعِلِينَ وَمَنْ يُمْسِكُونَ بِزِمَامِ الِامْرِ تَجِدُهُمْ فِي اللَّحَظَاتِ الْحَرِجَةِ عِنْدَمَا تَتَطَلَّبُ الْمَوَاقِفُ الْحِكْمَةَ , وَالْكِيَاسَةَ وَالرَّأْيَ السَّدِيدَ , يَقُودُونَ الْمَسِيرَةَ , وَ يَسْتَكْمِلُونَ النَّهْضَةَ , وَيُسَطِّرُ التَّارِيخُ بَيْنَ صَفَحَاتِهِ الْخَالِدَةِ حَيَاةَ هَؤُلَاءِ , لِتَكُونَ نِبْرَاسًا لِلْأَجْيَالِ الْقَادِمَةِ ، وَالْعُظَمَاءِ فِي تَارِيخِ الْإِنْسَانِيَّةِ لَهُمْ مَآثِرُ خَالِدَةٌ تَشْهَدُ لَهُمْ بِهَا الْأَجْيَالُ ,جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ وَيُعْظُمُ أَثَرُهُمْ وَيُكَبِّرُ قَدْرُهُمْ حِينَ تَتَعَدَّى هَذِهِ الْمَأْثَرُ حُدُودَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ .
مِنْ هَؤُلَاءِ الْعُظَمَاءِ الَّذِينَ تَجَسَّدَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْمَعَانِي الْإِنْسَانِيَّةُ وَتِلْكَ الرُّوحُ الْوَطَنِيَّةُ الْإِمَامُ الرَّاحِلُ السَّيِّدُ الصَّادِقُ الْمَهْدِي , ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي نَحَتَ لِنَفْسِهِ مكانا نَاصِعًا وَمُشْرِقًا عَلَى صَفَحَاتِ النَّبْلِ, وَ الْعَطَاءِ, وَالْإِنْجَازِ , بَيْنَ عُظَمَاءِ التَّارِيخِ الَّذِينَ تَتَوَارَثُ الْأَجْيَالُ مَوَاقِفَهُمْ الْإِنْسَانِيَّةَ بِمَا قَدَّمُوهُ مِنْ إِسْهَامَاتٍ فِكْرِيَّةٍ, وَإِنْسَانِيَّةٍ ,وَمُجَابَهَةٍ لِأَنْظِمَةِ الْقَهْرِ وَالِاسْتِبْدَادِ .
َعْجِزُ الْكَلِمَاتُ الَّتِي اسْتَعَرْنَاهَا مِنْ مَوَاعِينِ اللُّغَةِ وَمُفْرَدَاتِ الْعِبَارَاتِ عَنْ وَصْفِ مَآثِرِ الْحَبِيبِ الْإِمَامِ وَمُنَاقَبَةٍ ،فَدُونَ ذَلِكَ خَيَالٌ قَاصِرٌ، وَ حَرْفٌ عَاجِزٌ، وَلُغَةٌ نَحِيلَةٌ ، لَقَدْ كَانَ الرَّاحِلُ مِنْ أَطْهَرَ، وَأَعَفَّ , وَأَكْرَمَ الرِّجَالَ، وَدَعَ دُنْيَانًا الْفَانِيَةَ بَعْدَ سِيرَةٍ وَمَسِيرَةٍ عَطْرَةٍ وَزَاهِيَةٍ, حُكِمَ فِيهَا بِالْعَدْلِ , وَعَارَضَ بِالْإِخْلَاقِ ، لَمْ يُعْرَفْ الْفُجُورُ فِي الْخُصُومَةِ ، مُفَكِّرٌ لَهُ اجْتِهَادَاتُهُ وَإِسْهَامَاتُهُ الْفِكْرِيَّةُ َالَّتِي تَمَّ تَوْثِيقُهَا فِي كَمٍّ هَائِلٍ ضَمُّ عَدَدٍ مِنْ الْكُتُبِ وَالْكُتَيْبَاتِ وَأَوْرَاقِ الْعَمَلِ والأوراق العلمية وَمِنْ الْكُتُبِ عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ لَا الْحَصْرِ :
جِهَادٌ فِي سَبِيلِ الِاسْتِقْلَالِ
/مَسَالُهُ جَنُوبُ السُّودَانِ
/ الِاصْلَاحُ الزِّرَاعِيُّ
/ يَسَالُونَكَ عَنْ الْمَهْدِيَّةِ
/ الْمُصَالَحَةُ الْوَطَنِيُّ مِنْ الْأَلْفِ إِلَى الْيَاءِ
/ تَحَدِّيَاتُ التِّسْعِينَاتِ
الثَّوْرَاتُ الْإِسْلَامِيَّةُ
مُسْتَقْبَلُ الِاسْلَامِ فِي السُّودَانِ
السُّودَانِ الطَّرِيقُ الْمَسْدُودَ وَالْمُخْرِجَ الْمُمْكِنُ
ثَقَافُهُ الْعُنْفُ فِي السُّودَانِ
الصَّحْوَةُ الْإِسْلَامِيَّةُ وَمُسْتَقْبَلُ الدَّعْوَةِ
وَمِنْ الْمَقَالَاتِ أَصْحَابُ الْهَوَى وَهُوَ مَقَالٌ حَوْلَ الْحَرَكَاتِ الَّتِي تَرْفَعُ الشِّعَارَ الْإِسْلَامِيَّ مَعَ إِفْرَاغِ الدِّينِ مِنْ محتواه
الدِّينُ وَالْحَرَكَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ مَقَالٌ نُشِرَ بِجَرِيدَةِ الشَّرْقِ الْأَوْسَطِ عَامَ 82
مَحَنَهُ الْأُمُّهُ فِي الْيَمَنِ عَامَ 94
الْمَصَالِحَ الْاسْتِرَاتِيجِيَّةَ وَالْمَوَاقِفَ الْعَاطِفِيَّةَ جَرِيدَةَ الْبَيَانِ الْإِمَارَاتِيَّةَ
إِلَيَّ جَانِبَ الْعَدِيدِ مِنْ الْإِسْهَامَاتِ بَالِغَةِ الِانْجِلِيزِيَّةِ مِنْهَا :
Mahdism in Islam. : 1980, No publisher, basically a lecture cited in 19th April, 1980 in Kano University, Nigeria..
Social Change In Islam: 1980
The Economic System of Islam

إِلَيَّ جَانِبِ ذَلِكَ فَقَدْ كَانَ سِيَاسِيٌّ مِنْ الطِّرَازِ الْفَرِيدِ ، خَطِيبٌ مُفَوَّهٌ يَمْتَلِكُ نَاصِيَةَ الْبَيَانِ الَّذِي يسْلُبُ الْعُقُولَ وَالْوِجْدَانَ ،حَتَّى أَنَّ الْمُدَوِّنِينَ فِي مَبْنَى الْأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ بِنِيُويُورْكْ قَالُوا أَنَّ خِطَابَهُ فِي عَامِ 1986 كَانَ أَبْلَغَ خِطَابٍ بَعْدَ خِطَابِ ذُو الْفَقَارِ عَلِي بُوتُو رَئِيسِ وُزَرَاءِ الْبَاكِسْتَانَ السَّابِقِ .
لَقَدْ اتَاحَتْ لِي الْعَلَاقَةُ الْخَاصَّةُ الْمُرْتَبِطَةُ بِأُسْرَتِهِ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ عَقْدَيْنِ مِنْ الزَّمَانِ أَنْ أَكُونَ ضَيْفًاً أَوْ مُشَارِكًا فِي الْعَدِيدِ مِنْ الْمُنَاسَبَاتِ ، وَاللِّقَاءَاتِ، وَالْجَلَسَاتِ الَّتِي كَانَ يَرْعَاهَا أَوْ يَكُونُ ضَيْفًاً عَلَيْهَا الْإِمَامُ الرَّاحِلَ ، مِمَّا أَتَاحَ لِي مُعَرِّفُهُ هِدَّةَ الشَّخْصِيَّةِ عَنْ قُرْبٍ، فَتَرَكْتُ لِي وَلِغَيْرِي مِمَّنْ عَرَفُوهُ الْأَثَرَ الْبَاقِيَ عَنْ شَخْصِيَّةٍ عَظِيمَةٍ تَوَشَّحْتُ بِالْحِكْمَةِ وَالنَّظْرَةِ الثَّاقِبَةِ ،وَالْقَلْبِ الْعَطُوفِ، وَالْمَحَبَّةِ الْفَيَّاضَةِ ، وَالْعَلَاقَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ الْمَتِينَةِ مَعَ كُلِّ أَطْيَافِ الشَّعْبِ السُّودَانِيِّ وَمُكَوِّنَاتِهِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَالسِّيَاسِيَّةِ، فَقَدْ تَمَيَّزَ الرَّاحِلُ بِمَعْرِفِهِ النَّاسَ فِي أَنْسَابِهِمْ وَقَبَائِلِهِمْ , كَمَا كَانَ مُتَسَامِحًا مَعَ نَفْسَةٍ وَمَعَ الْاخِرِينَ، حَلِيمًا عَفِيفَ الْيَدِ وَاللِّسَانِ , تَرَاهُ مُبْتَسِمًاً رَغْمَ مَا وُجِدَ مِنْ صُنُوفِ الْأَذَى وَالِانْتِقَامِ وَالتَّجْرِيحِ ، لَقَدْ تَقَبَّلَ الرَّاحِلُ سِهَامَ الْأَعْدَاءِ وَالْخُصُومَ بِأَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ، وَصَبْرِ الْحُكَمَاءِ ، وَحُلْمِ النُّبَلَاءِ ، وَأَذْكُرُ قِصَّةً رَوَاهَا لِي أَحَدُ أَبْنَائِهِ فِي بِدَايَةِ عَهْدِ الْإِنْقَاذِ , أَنَّهُ فِي أَيَّامِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ وَجَدَ رَسْمًا لِشَخْصٍ وَالِدَةٍ عَلَى هَيْئَةٍ لَمْ تُعْجِبْهُ وَذَلِكَ عَلَى صَدْرِ احْدَيْ الصُّحُفِ السِّيَاسِيَّةِ فِي الْعَهْدِ الدِّيمُقْرَاطِيِّ السَّابِقِ , وَرَتَّبَ أَمْرًا مَعَ بَعْضِ مُعَاوِنِيهِ عَلَى مُعَاقَبَةِ الصَّحِيفَةِ وَلَكِنَّهُ فِي اللَّحَظَاتِ الْأَخِيرَةِ اخْبَرْ وَالِدَةً بِمَا يَوَدُّ الْقِيَامَ بَةٍ, وَمَا كَانَ مِنْ الْإِمَامِ إِلَّا أَنْ وَبَخَهُ وَزُجْرَةً وَقَالَ لَهُ (هَذِهِ هِيَ الدِّيمُقْرَاطِيَّةُ, وَهَذَا هُوَ ثَمَنُهَا عَلَيْكَ أَنْ تَتَحَمَّلَهَا مَعَنَا اوْ الِابْتِعَادِ ). نَعَمْ لَقَدْ وُجِّهَتْ لَهُ كُلُّ صنوف وَالْوَانُ الِاغْتِيَالُ الْأَدَبِيُّ وَالْمَعْنَوِيُّ, وَلَكِنَّةٍ قَابَلَ ذَلِكَ الْأَمْرَ بِرِحَابِ صَدْرٍ وَسِعَةِ صَبْرٍ وَكَأَنَّهُ يَتَمَثَّلُ بِقَوْلَةِ تَعَالَى (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظُ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). مِنَ الْخِصَالِ الَّتِي تَمَيَّزَ بِهَا الْإِمَامُ الرَّاحِلُ خَصْلُهُ الْوَفَاءُ ,وَ هِيَ خَصْلُهُ نَادِرُهُ فِي عَالَمِ السِّيَاسَةِ، مِيزَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى بِهَا وَجَعَلَهَا غَرِيزَةً فِي نَفْسِهِ ،وَفَاءً مَعَ الْجَمِيعِ الْوَطَنِ وَالْمُوَاطِنِ ، الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرُ، الْعُلَمَاءُ وَالْمَشَايِخُ، قَادَةُ الْقُوَى السِّيَاسِيَّةِ، مَعَ الِاعْلَامِيِّينَ وَالتَّرْبَوِيِّينَ،، مَعَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ، وَقَبْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ الْوَفَاءُ لِمَبَادِئِهِ إِخْلَاصًا وَمَحَبَّةً وَتَضْحِيَةً وَأَمَانَةً وَصِدْقٍ، وَحُبُّهُ لِوَطَنِهِ وَالْعَمَلِ عَلَى اسْتِقْرَارِهِ وَدَوَامِ سُؤْدُدِهِ وَعِزِّهِ وَأَمْنِهِ ، إِلَى جَانِبِ ذَلِكَ تَمَتُّعُهُ بِعَاطِفِهِ إِنْسَانِيَّةٌ صَادِقَةٍ فِي الْعَدِيدِ مِنْ الْمَوَاقِفِ وَ مِنْهَا الدُّمُوعُ الَّتِي انْهَمَرَتْ وَهُوَ يَزُورُ الرَّاحِلَ مُحَمَّدَ ابْرَاهِيمَ نَقْدَ سِكْرِتِيرِ الْحِزْبِ الشُّيُوعِيِّ فِي مَنْزِلِهِ، وَفَاءَ الْإِمَامِ لِمُجْتَمَعِهِ لَمْ يَقِفْ عِنْدَ حُدُودِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ ، فَكَانَ رَغْمَ انْشِغَالِهِ الدَّائِمِ مُتَوَاصِلًا بِالْوَفَاءِ مؤاسي لِلْكَثِيرِ مِنْ الْأُسَرِ فِي اتِّرَاحِهَا , وَمُهَنِّئًا لَهَا فِي أَفْرَاحِهَا، يَطْمَئِنُّ عَلَى الْمَرْضَى مُعَاوِدًا ومهاتف وَمُلَبِّيًا لِدَعَوَاتِ مُحِبِّيهِ، وَإِنْ نَسِيتُ فَلَا أَنْسَى تَشْرِيفَهُ الشَّخْصِيَّ لَنَا بِزَوَاجِ احِدًا شَقِيقَاتِي بِوِلَايَةِ الْجَزِيرَةِ فِي عَامِ 2017 حَيْثُ حَضَرَ خِصِّيصًا لِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ.
يَتَمَيَّزُ الْإِمَامُ الرَّاحِلُ بِالرَّحْمَةِ والحكمة، الرَّحْمَةُ بِمَا تَعْنِيهِ مِنْ وَشَائِجَ وَعَلَاقَاتٍ تَدْعَمُ تَرَابُطَ الْمُجْتَمَعِ ، وَالْحِكْمَةَ بِمَا تَفْتَضِيهِ ظُرُوفُ الْحَالِ وَهَذِهِ الْقِيَمُ هِيَ أَسَاسُ الْمُجْتَمَعَاتِ النَّاهِضَةِ الْمُتَمَاسِكَةِ، وَهِيَ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ الْكُبْرَى. إِنْ فَاجَعَهُ الرَّحِيلُ أَصَابَتْنِي بِصَدَمِهِ وَأَلَمٍ كَبِيرَيْنِ، وَلَسْتُ الْوَحِيدَ فِي تِلْكَ الصَّدْمَةِ وَ ذَلِكَ الْأَلَمِ ،فَكُلُّ مَنْ عَرَفَهُ وَعَرَفَ فَضْلَهُ نَالَ نَصِيبَهُ الْوَافِرَ مِنْ ذَلِكَ الْوَجَعِ، وَلِأَنَّ الْفَقْدَ جَلَلٌ وَالْمُصِيبَةَ عَظِيمُهُ فَإِنَّ خَارِطَةَ الْأَلَمِ اتَّسَعَتْ لِتَشْمَلَ السُّودَانِيِّينَ مِنْ غَيْرِ الْأَنْصَارِ ، وَكَذَلِكَ اوْطَانِ الْعَرَبِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَمُحِبِّي السَّلَامِ فِي الْعَالَمِ اجْمَعْ .
كَتَبَ الصَّحَفِيُّ السُّودَانِيُّ عَادِلُ الْبَازِ الْآتِي ( لقد كُنْتُ بَحْرًا مِنْ التَّسَامُحِ وَطَلَاقِهِ الْأَفْكَارَ ذَهَبَتُ رَاضِيًاً مَرْضِيًّاً تَارِكًاً زَيْفَ السِّيَاسَةِ وَجِيفَ السِّيَاسِيِّينَ تَتَصَارَعُ عَلَى جَثِّهِ الْوَطَنِ ، فِي زَمَانٍ مَضَى كُنْتُ يَا سَيِّدِي تُنَافِسُ التُّرَابِي وَتَحَاوَرَ عَبْدُ الْخَالِقِ وَتَصَارَعَ مُحَمَّدُ أَحْمَدَ الْمَحْجُوبِ وَمُبَارَكِ زَرُّوقٍ وَتَحَاوُرَ مَنْصُورُ خَالِدٍ الْآنَ يَا سَيِّدِي أَنْظُرْ حَوْلَكَ مَنْ هُوَ الْمُفَكِّرُ وَالسِّيَاسِيُّ الَّذِي يُطَاوِلُكَ ؟ السَّاحَةُ يَا سَيِّدِي فَاضَتْ بِالْهَوَامِّ وَالْغُثَاءِ الْفِكْرِيِّ ،الَّذِينَ اشْهَرُوا كُلَّ اسْلَحَتِهِمْ الصَّدْئَةَ لِمُهَاجَمَتِكَ وَالسُّخْرِيَةِ مِنْكَ
أَرَادُوا أَنْ يَجْعَلُوكَ هُذُوا وَمَا هَزَّ دُوحُكَ
مِنْ قَزَمٍ يُطَاوِلُهُ فَلَمْ تَقْصُرْ وَلَمْ يَطُلْ
. سَيِّدِي الْإِمَامِ كَانَ لَابُدَّ أَنْ تَرْحَلَ الْآنَ هَذَا لَيْسَ زَمَانَكَ هَذَا زَمَانُ السُّقُوطِ الثَّقَافِيِّ زَمَانُ الْقُونَاتِ، وَالرَّاسِطَاتِ ، وَالْوَاقِفَاتِ قِنًّا ).
وَقَالَ الْكَاتِبُ الْمَسْرَحِيُّ وَالدِّرَامِيُّ السُّودَانِيُّ مُحَمَّدُ شَرِيفٍ عَلَى (شِفَاهِ اللَّهِ) مَا يَلِي(تَتَمَيَّزُ لُغَةُ الْمُخَاطَبَةِ لِلْإِمَامِ الصادق المهدي بِالْهُدُوءِ وَالْعُمْقِ وَالشَّجَنِ النَّبِيلِ الَّذِي يُلَامِسُ الْوِجْدَانَ وَتَمْتَازُ مُفْرَدَاتُهُ بِعُمْقِهَا وَوُضُوحِهَا لِأَنَّهَا مَغْمُوسَةٌ فِي طِينٍ وَتُرَابِ أَرْضِ الْوَطَنِ وَلِهَذَا تَحْتَشِدُ بِالْمَعَانِي وَالْمَضَامِينِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ تُرَاثِ الشَّعْبِ وَمَوْرُوثَاتِهِ ).
وَقَالَتْ الْكَاتِبَةُ الصَّحَفِيَّةُ الْمِصْرِيَّةُ أَسْمَاءُ الْحُسَيْنِي ( لَيْسَ مِنْ السَّهْلِ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُنْعِيَ شَخْصًاً عَزِيزًاً فَمَا بَالُكُمْ أَنْ يَكُونَ هَذَا الشَّخْصُ هُوَ الصَّادِقَ الْمَهْدِي رَئِيسَ حِزْبِ الْأُمَّةِ وَ إِمَامُ الْأَنْصَارِ لَقَدْ أَسْهَمَ فِي تَوْسِيعٍ إِدْرَاكِيٍّ لِهَذَا الْبَلَدِ الْكَبِيرِ بِكُلِّ تَعَدُّدِهِ وَتَنَوُّعِهِ) .
وَذَكَرَتْ بَعْثَهُ الْأُمَمُ الْمُتَّحِدَةُ لِدَعْمِ الْفَتْرَةِ الِانْتِقَالِيَّةِ فِي السُّودَانِ مَا يَلِي( الْإِمَامُ الصَّادِقُ الْمَهْدِي ظَلَّ وَطَنِيًّاً مَدَى حَيَاتِهِ وَدَاعِمًا لِلدِّيمُقْرَاطِيَّةِ)
وَقَالَ الْكَاتِبُ اللِّيبِيُّ ابْرَاهِيمُ مُحَمَّدِ الْهِنْغَارِي ( خِرِّيجُ اكْسِفُورْدْ الَّذِي قَدَّرَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مِنْ السُّطُورِ الْقَلِيلَةِ فِي الصَّفَحَاتِ الْمُضِيئَةِ مِنْ كِتَابِ التَّارِيخِ السِّيَاسِيِّ السُّودَانِيِّ الْحَدِيثِ الَّذِي شَوَّهَهُ ثُلُّهُ مِنْ عَسَاكِرِ السُّودَانِ).
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ يَاسِرُ عَرْمَانَ مَا يَلِي: (بِإِمْكَانِكَ أَنْ تَتَّهِمَ الْإِمَامَ بِكُلِّ شَيْءٍ وَأَنْ تُسِيءَ إِلَيْهِ حَتَّى بِعِبَارَاتٍ بَذِيئَةٍ ، وَ لَكِنَّ شَيْئًاً وَاحِدًاً لَمْ يَتَنَازَلْ عَنْهُ الْإِمَامُ فِي مَوَاسِمِ الْقُوهِ وَجَوْلَاتِ الْحَقِّ فَفِي وَجْهِ الْقُوهِ الْغَاشِمَةِ أَحْتَفِظُ بِالْحَقِّ حَتَّى انْحَنَى ظَهْرُهُ مِنْ ثِقَلِ السَّنَوَاتِ ، وَقَدْ نَاوَرَ الْإِمَامُ الصَّادِقُ الْمَهْدِي بِطُرُقٍ رَضِينَاهَا وَبِأُخْرَى لَمْ نَرْضَى عَنْهَا وَلَكِنَّهُ وَاللَّهِ لَمْ يَتَنَازَلْ عَنِ الْحَقِّ طَوَالَ رِحْلَتِهِ مَعَ شَعْبِنَا الْمُضِيئَةِ وَالشَّائِكَةِ )
وَقَالَ د . فَرَانْسِيسْ دِينْقْ ( لَقَدْ أَكْرَمَ الشَّعْبُ السُّودَانِيُّ بِأَغْلَبِيهِ سَاحِقَهُ وَ بِطَرِيقِهِ لَائِقَةً إِحْيَاءِ ذِكْرَى الْإِمَامِ الصَّادِقِ الْمَهْدِيِّ . لَقَدْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ خُصُومُهُ السِّيَاسِيِّينَ أَسْمَاءَ مُهِينِهِ وَرَغْمَ ذَلِكَ اظْهَرَ بِاسْتِمْرَارِ صِفَاتِ قِيَادِيِّهِ وَفِكْرِيهِ وَسِيَاسِيَّةٍ وَاجْتِمَاعِيَّةٍ وَإِنْسَانِيَّةٍ لَا يُمْكِنُ لَاحِدٍ إِنْكَارُهَا)
وَ كَتَبَ عُمَرُ الدَّقِيرِ رَئِيسُ حِزْبِ الْمُؤْتَمَرِ السُّودَانِيِّ مَا يَلِي( هَكَذَا أَزَاحَ الْإِمَامُ الصَّادِقُ رَهَقَ الدُّنْيَا عَنْ كَتِفَيْهِ، مَضَى إِلَى جِوَارِ رَبِّهِ وَمَضَى مُسْتَقِرًّاً فِي ذَاكِرِهِ شَعْبُهُ حِكَايَةَ إِنْسَانٍ كَتَبَ بِسِيرَتِهِ بَعْضٌ مِنْ صَفَحَاتِ تَارِيخِنَا الْمُعَاصِرِ بِحُضُورٍ سَاطِعٍ فِي كُلِّ فَضَاءَاتِ الْمَشْهَدِ الْوَطَنِيِّ)
كَتَبَ الدُّكْتُورُ عِيسَاوِي يَقُولُ (الصَّادِقُ الْمَهْدِي يُودِعُ دُنْيَانًا الْفَانِيَةَ بَعْدَ مَسِيرِهِ عِطْرًا وَمَشْرِقُهُ كَتَبَهَا بِحِبْرِ الصَّبْرِ عَلَى دَفْتَرِ الْمَتَارِيسِ الَّتِي وَضَعَهَا خُصُومُهُ فِي دَرْبِهِ, سِيَاسِيٌّ مُنْذُ بَوَاكِيرَ صِبَاهُ يَحْكُمُ بِالْعَدْلِ وَالصِّدْقِ وَيُعَارِضُ بِالْحِكْمَةِ وَالتَّرَوِّي ).
وَكَتَبَ الدُّكْتُورُ احْمَدُ مُحَمَّدِ ادْمَ اسْتِشَارِيُّ الْجِرَاحَةِ الْعَامَّةِ الَاتِيِّ (يَخْتَلِفُ النَّاسُ مَعَكَ فِي رُؤْيَتِكَ السِّيَاسِيَّةِ وَ لَكِنَّكَ كُنْتَ دَوْمًا حَكِيمًاً وَ أَمِينًاً وَصَادِقًا وَ عَفِيفًا تَخْتَلِفُ فَلَا تَفْجُرْ فِي خُصُومِهِ تَخْتَلِفُ فَلَا تَغْلُوا فِي ارَائِكَ تَخْتَلِفُ دَوْمًا وَ دَوْمًا تَكُونُ وَسَطِيًّا فِي رُؤْيَتِكَ وَمَا خُيِّرْتُ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَخْتَرْتَ اسْهُلْهُ، ارَائُكَ حَمَلْتَ عَلَيْكَ سِهَامَ أَعْدَائِكَ وَأَصْدِقَائِكَ، وَبَلَّغَكَ مِنْهُمْ مَا بَلَغَكَ مِنْ إِسَاءَاتٍ لَكَ وَلَأَسَرَتُكَ فَلَمْ تَنْتَصِرْ لِنَفْسِكَ بَلِ الْتَزَمْتَ الْخَلْقَ النَّبِيلَ مَعَ مَنْ نَاصَبَكَ الْعَدَاءَ قَبْلَ الْوَلَاءِ )
وَقَالَ أَحَدُهُمْ ( يَسْتَمِدُّ الْإِمَامُ قُوتَهُ مِنْ وَطِينَتِهِ الَّتِي لَمْ تَتَزَحْزَحْ لِيَحُلَّ مَحَلُّهَا وَلَاءٌ ضَيِّقٌ لِطَائِفَتِهِ فَقَطْ ،بَلْ تَخَطِّي انْشِغَالِهِ الْفِكْرِيِّ وَتَحْلِيلِهُ الْفَلْسَفِيِّ هُمُومَ الْبَلَدِ إِلَى الِاهْتِمَامِ بِالشَّأْنِ الْإِنْسَانِيِّ الْأَوْسَعِ بِتَلَوُّنِ الْبَشَرِ وَاخْتِلَافِ عَقَائِدِهِمْ وَالْغَوْصِ فِي تَعْقِيدَاتِ قَضَايَاهُمْ الْمُتَنَوِّعَةِ مِنْ مُنْطَلَقَاتِهَا التَّارِيخِيَّةِ، وَالْمِنَاحَةِ فِي بَسْطَتِهَا الْجُغْرَافِيَّةِ وَتَدَاخُلَاتِهَا وَ تَبَايُنَاتِهَا الدِّيمُوغْرَافِيَّةِ ،حَتَّى أَصْبَحَ الصَّادِقُ الْمَهْدِي كِتَابٌ تَقْرَأُ فِي صَفَحَاتِهِ مَا شِئْتَ مِنْ مَتَّعِهِ الْمَعَارِفُ الْفِكْرِيَّةُ ،وَتَجِدُ بَيْنَ دُفَّتَيْهِ الْمَصْقُولَتَيْنِ بِالتَّهْذِيبِ وَالْكِيَاسَةِ كُلُّ فُصُولِ الْمَدَارِسِ الْفِكْرِيَّةِ، وَتَتَنَسَّمُ نَفَحَاتُ الثَّقَافَةِ الدِّينِيَّةِ الَّتِي تُرَطِّبُ الذهْنَ بِالْوَسَطِيَّةِ وَالِاعْتِدَالِ)
. وَقَالَ الْعَالِمُ الْمِصْرِيُّ احْمَدُ زُوِيلٍ( لَقَدْ انْبَهَرْتُ بِالسَّيِّدِ الصَّادِقِ الْمَهْدِي، انْهَ شَخْصَيْهِ مُثَقَّفُهُ بِشَكْلٍ نَادِرٍ فَقَدْ كُنْتُ اسْمَعْهُ وَكَأَنَّنِي اسْتَمَعَ إِلَى كِبَارِ سَاسَةِ وَفَلَاسِفَةِ الْغَرْبِ)
وَقَالَ الْإِعْلَامِيُّ الْمِصْرِيُّ احْمَدُ السُّلَيْمَانِي( إِنَّ مِنْ بُؤْسِ السِّيَاسَةِ فِي الْعَالَمِ الْعَرَبِيِّ في مُعْظَمَ الْعُقُودِ الْأَخِيرَةِ سَطَوْهُ ذَلِكَ التَّحَالُفَ الرَّدِيءَ مِنْ عَدِيمِي الْمَوْهِبَةِ وَطَرْدِ الْعُمْلَةِ الرَّدِيئَةِ لِلْعَمَلِ الْجَيِّدَةِ وَلَيْسَ أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَنَّ شَخْصًاً مَحْدُودَ الذَّكَاءِ مِثْلَ عُمَرَ الْبَشِيرِ يَحْكُمُ بِلَادَهُ ثَلَاثِينَ عَامًاً بَيْنَمَا يَقْضِي الصَّادِقُ الْمَهْدِي الْعُقُودَ الثَّلَاثَةَ مَا بَيْنَ السِّجْنِ وَالْمَنْفِيِّ )
وَقَالَ الْكَاتِبُ الْعُمَانِيُّ مَحْمُودُ بْنُ سَالِمٍ السِّيَابِي ( الصَّادِقُ الْمَهْدِي آخِرَ الرِّمَاحِ الْعَوَالِي مُنْذُ أَنْ ظَهَرَ فِي خَمْسِينِيَّاتِ الْقَرْنِ الْمَاضِي بَيْنَ النِّيلِ الْأَبْيَضِ وَالْأَزْرَقِ إِثْرَ انْقِلَابِ عَبُّودٍ ،وَلَكِنَّهُ يَبْقَى ذَلِكَ الرَّجُلُ الْعَصْرِيَّ الَّذِي يَهْوِي الْبُولُو، وَكُرِهَ الْقَدَمُ، وَيَلْعَبُ التِّنْسَ ،وَيُحَاضِرُ فِي جَامِعَاتِ الْغَرْبِ وَ يَعْشَقُ رِوَايَاتِ الَادْبِ الْعَالَمِيِّ وَ بِرَحِيلِهِ يَخْسَرُ السُّودَانُ رَافِعَهُ تَارِيخَيْهِ يَحْتَاجُهَا فِي حَرْبِهِ لِلْأَمْرَاضِ السِّيَاسِيَّةِ وَسَدِّ النَّهْضَةِ وَتَوَحُّشِ كُرُونَا )
لَقَدْ رَحَلَ الْإِمَامُ فِي وَقْتٍ حَرَجٍ وَظُرُوفٍ عَصِيبَةٍ وَبِلَادُنَا فِي أَوْضَاعٍ مُتَقَلِّبِهِ وَ لَحَظَاتِ تَارِيخَيْهِ حَاسِمُهُ تَجْعَلُنَا فِي أَمْسِ الْحَاجِهِ إِلَى رَجُلِ دُوَلِهِ فَذّ مِثْلَهُ ،وَحَكِيمٍ مُسْتَنِيرٌ ،وَقَائِدٍ يَتَمَتَّعُ بِالْحِكْمَةِ وَالْحَصَافَةِ وَالشَّجَاعَةِ .
وَ فِي الْمَنْظُورِ الَّذِي رُبَّمَا لَمْ يُكْتَبْ هُوَ أَنَّ الْأَشْيَاءَ تُعْرَفُ بِأَثَارِهَا ، وَهَذِهِ الْمَلْحَمَةُ الْوَطَنِيَّةُ الرَّائِعَةُ الَّتِي أَدْهَشَتْ الْعَالَمَ أَجْمَعَ فِي وَدَاعِ الرَّاحِلِ رَغْمَ سُوءِ الِاوْضَاعِ الِاقْتِصَادِيَّةِ وَصُعُوبَةِ التَّنَقُّلِ وَالْجَائِحَةِ الَّتِي حَصَدَتْ أَرْوَاحَ الْعِبَادِ وَشَلَّتْ حَرَكَةَ الْبِلَادِ إِضَافَةً إِلَى مُنَاشَدَاتِ الْكِيَانِ لِجُمُوعِ الشَّعْبِ السُّودَانِيِّ بِالْبَقَاءِ وَتَقَبَلِ الْعَزَاءَ كُلٌّ فِي مَكَانِهِ الْتِزَامًا بِالضَّوَابِطِ وَالِاشْتِرَاطَاتِ الصِّحِّيَّةِ، إِلَّا أَنَّ الْجَمِيعَ أَصَرَّ عَلَى وَدَاعِ الرَّاحِلِ، وَ هَذَا الْأَمْرُ إِنْ دَلَّ عَلَى شَيْءٍ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى قِيَمِ شَعْبِنَا الْأَصِيلَةِ وَعَلَى آثَارٍ لِمَبَادِئَ عُلْيَا وَنَبِيلِهِ لا تُوجَدُ إِلَّا فِي الشَّعْبِ السُّودَانِيِّ . كَانَ الْوَدَاعُ بِحَجْمِ الْخَسَارَةِ وَالْفَقْدِ وَفِي لَحَظَاتِ شَدِيدِهِ الصُّعُوبَةُ وَالتَّأَثُّرُ إِذْ يَغِيبُ الْمَوْتُ ابنا وَفِيًّا لِبِلَادِهِ وَرَائِدًا وَطَنِيًّاً عَمِلَ جَنْبًا إِلَى جَنْبٍ مَعَ الرَّعِيلِ الْأَوَّلِ مِنْ قِيَادَاتِ الْحَرَكَةِ الْوَطَنِيَّةِ السُّودَانِيَّةِ الْأَزْهَرِيِّ وَالْمَحْجُوبِ وَ زُرُّوقٍ وَغَيْرِهِمْ ،وَ قَبْلَ ذَلِكَ مَعَ جَدِّهِ الْإِمَامِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَيْثُ تَعَلَّمَ الرَّاحِلُ وَاقِعًا وَحَيَّاهُ وَتَجَرَّبَهُ فِي مَدَرِّسِهِ الْقَائِدُ الْمُؤَسِّسُ وَنَهْلَ مِنْ حِكْمَتِهِ وَخِبْرَتِهِ وَأَمِنَ بِالْعَطَاءِ وَالْبَذْلِ بِلَا حُدُودٍ.
لَقَدْ كَانَ الْمَشْهَدُ حَزِينًا وَالْمَوْقِفُ مَهِيبًا وَالْوُجُوهُ يَكْسُوهَا الْحُزْنُ الْعَمِيقُ، وَلَكِنْ بِرَغْمِ الْآلَامِ الَّتِي لَمْ تَبْرَحْ جَسَدَ الْكِيَانِ بِهَذَا الْفَقْدِ إِلَّا أَنَّ الْعَزَائِمَ كَانَتْ تَنْهَضُ احْتِكَامًا لِمُؤَسَّسَاتِ الْكِيَانِ وَالْحِزْبِ الَّتِي ارْسَاهَا الْإِمَامُ الرَّاحِلُ ،فَقَدْ وَاجَهَ حَامِلُ مَبَادِئِ التَّعْلِيمِ الْعَالِي فِي أَكْسِفُورْدْ تَحَدِّيَ الْحَدَاثَةِ وَتَرْسِيخَ مَبْدَا الشُّورَى دَاخِلَ أُسْرَتِهِ وَعَلَى مُسْتَوَى الْكِيَانِ، وَحِرَصَ عَلَى رِعَايَةِ وَدَفْعِ عَمَلَيْهِ التَّحْدِيثَ وَ التَّنْمِيَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ ، وَالثَّقَافِيَّةِ ،وَالسِّيَاسِيَّةِ دَاخِلَ الْمُؤَسَّسَاتِ ،وَكَانَ فِي اشْدِّ اللَّحَظَاتِ صُعُوبَةٌ وَاسْتِثْنَائِيَّةٌ مُتَمَسِّكًا بِضَرُورَةِ تَفْعِيلِ مَبْدَا الشُّورَى مُتَحَمِّلًا تَجَاذُبَاتِهِ وَإِفْرَازَاتِهِ الْمُعَقَّدَةَ مِمَّا رَسَخَ لِلتَّجْرِبَةِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ دَاخِلَ الْمُؤَسَّسَاتِ وَاعْطَاهَا زَخْمًا وَقَوَّهُ .
لَقَدْ كَانَ مَشْهَدُ الْجُمُوعِ الَّتِي أَتَتْ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَتَقَدَّمُهَا قَادَهُ الْبِلَادُ ،وَزُعَمَاءُ الْعَشَائِرِ، وَ قِيَادَاتِ الْقُوَى السِّيَاسِيَّةِ ،وَرِجَالِ الطُّرُقِ الصُّوفِيَّةِ ، وَأَعْضَاءِ السِّلْكِ الدِّبْلُومَاسِيِّ ،وَجُمُوعِ الْأَنْصَارِ ،وَجَمْعِ غَفِيرٌ مِنْ الْمُوَاطِنِينَ ،مَشْهَدًاً يُجَسِّدُ الْكَثِيرَ مِنْ الدَّلَالَاتِ الَّتِي تُشِيرُ فِي جَوْهَرِهَا إِلَى مَا يُمَثِّلُهُ الرَّاحِلُ مِنْ قِيَمِهِ وَقَامَةٍ تَرَكَتْ بَصَمَاتِ خَالِدِهِ عَبْرَ مَسِيرِهِ حَافِلِهِ بِالْعَطَاءِ وَالْبَلَاءِ ،لَقَدْ عَكَسَ الْمَشْهَدُ الْجَلِيلُ حَجْمَ وَثِقَلَ الْحُزْنِ الْعَظِيمِ أَمَامَ مُصَابٍ جَلَلٍ وَفَقْدٍ عَظِيمٍ وَهِيَ لَحَظَاتٌ لَا تُعْرَفُ فِيهَا اللُّغَةُ طَرِيقًا إِلَىوَفَقَدٌ عَظِيمٌ وَهِيَ لَحَظَاتٌ لَا تُعْرَفُ فِيهَا اللُّغَةُ طَرِيقًا إِلَى التَّعْبِيرِ ،وَتُصْبِحُ حَقِيقُهُ الرَّحِيلَ وَالْفَقْدَ اكْثَرَ حُزْنًا وَإِيلَامًا . لَقَدْ تَعَطَّلَتِ الْحُرُوفُ تَحْتَ وَطَاهُ الْحُزْنُ وَالصَّمْتَ الثَّقِيلَيْنِ، وَدَمِعَتْ الْأَعْيُنُ وَهِيَ تَرَى تَرَجُّلَ فَارِسٍ مِنْ فُرْسَانِ الْحُرِّيَّةِ وَالْكَلِمَةِ وَرَمْزًا مِنْ الرُّمُوزِ الْوَطَنِيَّةِ بَعْدَ حَيَاهُ حَافِلِهِ وَعَامِرِهِ بِالْجِهَادِ وَالِاجْتِهَادِ وَالْمُثَابَرَةِ بِزْلِّ خِلَالَهَا فَكْرِهَ وَوَقْتُهُ وَمَالُهُ مِنْ أَجْلِ وَطَنٍ لَمْ يَغِبْ عَنْ نَاظِرِهِ أَوْ خَاطِرِهِ لِحَظِّهِ . لَقَدْ كَانَ الْوَدَاعُ مَشْحُونًا بِمَشَاعِرِ عَمِيقِهِ مِنْ الْأَسَئِ وَالْحُزْنِ مُلَّا وِجْدَانَ السُّودَانِيِّينَ، كَمَا كَانَ لَحَظَاتٍ لِلِاحْتِسَابِ وَالصَّبْرِ، وَإِيمَانٍ تَامٌّ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدْرِهِ، وَالدُّعَاءِ إِلَى الْمَوْلَى عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَتَغَمَّدَ فَقَيَّدَ الْوَطَنِ الْكَبِيرِ بِوَاسِعِ رَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ وَرِضْوَانِهِ ،وَأَنْ يُدْخِلَهُ فَسِيحَ جَنَّاتِهِ . وَرَغْمَ فَدَاحِهِ الْمُصِيبَةَ إِلَّا أَنَّ الْإِيمَانَ التَّامَّ بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْرِهِ أَقْوَى سِلَاحٍ فِي مَعْرِكِهِ الْحَيَاهُ الطَّوِيلَةُ، وَهُوَ خَيْرُ سِلَاحٍ لِمَنْ جَعَلَهُ رَفِيقَهُ الدَّائِمَ وَصَاحِبَهُ الْمُلَازِمُ.
لَقَدْ رَحَلَ الْإِمَامُ وَهَذِهِ حَقِيقُهُ يَجِبُ أَنْ نَعْرِفَهَا وَأَنْ نَعْتَرِفَ بِهَا ،رَحَلَ بِجَسَدِهِ وَلَكِنْ لَمْ تَرْحَلْ سَجَايَاهُ الْفَاضِلَةُ ،وَ سَتَبْقَى ذِكْرَاهُ بِفِكْرِهِ وَمَبَادِئِهِ وَحِكْمَتِهِ وَرَأْفَتِهِ .
وَفِي لَحَظَاتِ الْوَدَاعِ تَمْتَزِجُ الدُّمُوعُ وَالْعَبَرَاتُ، يَحْدُوهَا الْحَنِينُ وَ يَسُوقُهَا الْأَمَلُ، وَالِامَامُ لَمْ يَرْحَلْ لِأَنَّ افْكَارَهُ سَتَظَلُّ وَعْيًا بِالذَّاتِ ،،وَدُرُوسًا وَنِبْرَاسًا لِلْأَجْيَالِ الْقَادِمَةِ لَا كَمَوَادِّ جَافِهِ وَمَعْلُومَاتِ صُلْبِهِ وَلَكِنَّ كَتَارِيخِ ( تَارِيخٍ يُؤَرِّخُ وَتَارِيخٍ يَصْنَعُ) تَمْتَزِجُ فِيهِ الْحَقَائِقُ بِالْوَقَائِعِ، وَ يَتَوَحَّدُ فِيهِ الْمَاضِي بِالْحَاضِرِ وَالْمُسْتَقْبَلِ.

Email: tahtadoun@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*