ذكريات ولولي: والدي معلمي الأول وأحبُّ لقب «سفيرة الغناء النوبي»

ذكريات ولولي: والدي معلمي الأول وأحبُّ لقب «سفيرة الغناء النوبي»
ذكريات ولولي
  • 02 ديسمبر 2024
  • لا توجد تعليقات

حاورها في الرياض: أحمد عمر إدريس

الفنانة النوبية ابنة حلفا ذكريات صالح ولولي تؤكد بمسيرتها الفنية التي ينظر إليها المهتمون بالغناء النوبي بكل احترام أنَّ الموهية لا الوراثة هي التي دفعتها للساحة الفنية، فكونها ابنى الفنان الكبير صالح ولولي – رحمه الله- كان عاملاً مساعداً ليس إلا؛ لأن الفن لا يعترف بالواسطة. وارتباطها بوالدها واعتزازها به يدعوان للتقدير، وعشقها للنوبة قصة أخرى.

هذا حوار كثير الأسئلة، ولكنه كان سريعاً في محاولة لإلقاء الضوء على جوانب من شخصية ذكريات ومسيرتها الفنية، وهو استنطاق لفنانة تجيد الغناء، ولا تحب الثرثرة الإعلامية مثل أخريات.

كيف كانت نشأتك في البيئة النوبية؟ وما التأثير الثقافي الذي تركته فيك؟ِ

انا من مواليد الخرطوم «الكلاكلة القبة»، ولكن نشأت وترعرعت وسط اهلي النوبيين في حلفا الجديده قريه 13 «اشكيت»، والدي كان دائما يقول: «أنا أبو النوبيين»، وكان حريصاً على أن نجيد لغتنا النوبية،  وأن نتعلم كل ما يتصل بمجتمعنا من تراث، وثقافه نوبية، وهذا بالضبط ما حدث عندما ذهب بنا إلى حلفا الجديدة، وهذا القرار منه كان صائباً، وبالفعل نشأنا وسط النوبيين أهلي، وأجدنا لغتنا، وتشبعنا بكل موروثاتنا .

متى بدأتِ تشعرين بشغفك تجاه الغناء والفن؟

منذ نعومة أظافري كنت أجلس كثيراً بالقرب من والدي، وعندما يدندن بالعود كنت أصفق  وأغني معه، وكان كثير النظر إليَّ، وهو يبتسم لي، وإذا انسجمت معه وصفقت كان يقول متفائلاً «الأغنية دي حتنجح»، وإذا جلست صامتة ولم اتفاعل معه  كان يغيِّر اللحن، وهذا يدل على أنَّه كان يتأثر بردود أفعالي، ويقدر مدى استيعابي لألحانه وفنه، رحمة الله عليه.

همي أن يصل فننا النوبي للعالم

كيف أثّر والدك في مسيرتكِ الفنية؟ وما أكثر نصيحة تتذكرينها منه؟

أنا كنت لصيقة جداً بوالدي، وكان كل شيء بالنسبة إليَّ، الأخ والصديق، وأخيراً الوالد الحنون. أخذت منه إلهام الشعر، وكيفية صنع اللحن، وكيف أغني. ورثت منه وعنه كل شيء جميل، وشربت من معينه حتى أخذت منه الفن بكل لمساته وإبداعاته.

ما هو أول أغنية من والدك قمت بأدائها؟ وهل ما زلتِ تؤدينها حتى اليوم؟

أذكر أول أغنيه باسم «من كدودتوتا» بمعنى تلك الصغيرة. وادندنها وأغنيها حتى اليوم .. كيف كيف أسهمت الثقافة النوبية في تشكيل أسلوبك الغنائي؟

الفن أساساً تهذيب للنفس، وهذا الفن النوبي بمجمله فنٌّ راقٍ، ورساله سامية، استطعنا أن نعكسها في كل الدول بأسلوب غنائي رفيع، والأسلوب الذي اكتسبته من والدي، ورواد الغناء النوبي، أحاول من خلاله أن أوصل رسالتي الفنية النوبية.

ما الذكريات التي تربط بينك وبين والدك أثناء تعلمك الغناء؟

كل حياتي منذ طفولتي وكل ذكرياتي مع والدي، حتى تسميته لي باسم “ذكريات” يربطني بذكرياته.  بمناسبة اسمي والذي يربطني بذكرياته يقول: «ذكرياتنا الحلوة دايمات في شعوري بي حياتنا البهجة بيك لمحت سروري بهواها أسهر وبيها يزيد حبوري»، وهذه الكلمات من اسمي الذي يربطني به من ذكريات.

ذكريات: والدي صالح ولولي هو كل ذكرياتي

كيف تتعاملين مع فكرة فقدان والدك، بخاصة أنَّه كان معلمك الأول؟

حزنت وتألمتُ جداً جداً لفقدانه، وصُدمت كأن أهل الأرض جميعهم ماتوا، وكأن الدنيا أصبحت خاوية وخالية من البشر، وكتبت في رثائه: «اااه يادونيا يامرجااا امان وين الا داميني» ولها بقية بالنوبية، والترجمة: «آه يا دنيا يا كاذبة، ما فيكِ أمان، والحياة فيها كذبة كبيرة، وأنتِ يا دنيا لا تسوي شيء، وها أنا أفارق والدي، وكم كان هذا الفراق أحر من النار» هذه ترجمة بعض من كلمات رثائه.. ألف رحمه ونور تنزل عليه، وأعجز عن التعبير عما يعتمل في داخلي من حزن مقيم لفراقه، ولكن لا نقول إلا ما يرضي الله.

ما الذي يجعل الفن النوبي فريدًا بالنسبة إليكِ؟ وكيف تسعينا لنشره؟

الفن النوبي فريد في نوعه. ولأنني أغني بلغتي النوبية، أحاول أن يرافق ذلك كل ما يتعلق بتراثنا النوبي، وفلكلورنا الشعبي، ومن ذلك الحرص على لبس الجرجار، وهذا ثوبنا المميز، كما أحاول أن يرافق الغناء رقصاتنا الفلكلورية والطار، وهذه اللوحة الفنية المتكاملة تعبر عن تراثنا، ومن خلال ذلك كله أحاول نشر ثقافتنا وفننا في جميع بقاع الارض.

هل هناك تحدِّيات واجهتكِ؛ بوصفك فنانة نوبية اقتحمت المجال الفني؟

في عاداتنا النوبية صعب أن تغني الفتاة، ولكن اجتزت هذه المرحلة الصعبة بمساندة والدي، ودائماً كان يقول لي: أنتِ ابنة فنان فلا تكترثين لما يقال، والحمد لله استطعت أن أواجه التحديات، واستمر ليومنا هذا.

هل يعني ذلك أنَّ والدكَ كان يشجعك على امتهان الغناء؟ وكيف تعتقدين أنَّه كان سيراكِ الآن؟

نعم هو من شجعني، وهو من كان يساندني في امتهان الغناء، واستطاع أن يغرس في دواخلي هذا الفن العريق، وأنا امتداد له، ولو كان الآن معنا لكان أكثر سعادة لما أنجزته فنيَّاً.

من هم المغنون أو الفنانون الذين تأثرتِ بهم بخلاف والدك خلال مسيرتك الفنية؟

انا تأثرت فنيَّاً بوالدي “الهرم النوبي صالح ولولي، واُشبعتُ منه، وشربتُ من معينه كما ذكرت وكفى.

ما الأغاني أو الألحان التي تهديها دائمًا لذكرى والدك؟

 أنا دائماً أغني من كلمات والدي، وهو دائماً في ذاكرتي ووجداني ودواخلي، وكل أغانيه وألحانه تجسد ذكرياته، ولها وقعها ومكانتها في دواخلي.

كيف توفقين بين الحفاظ على التراث النوبي وتجديد أسلوبك ليواكب العصر؟

 الفن النوبي قابل للتحديث. في الماضي كنا نستخدم الطار، واليوم نغني بجميع الآلات، ونستطيع أن تواكب العصر بكل مستجداته.

ما الرسالة التي تحاولين إيصالها من خلال فنكِ؟

أريد أن يرى كل العالم إرثنا الثقافي والفني النوبي العريق، كلماتنا وألحاننا وفلكلورنا، هذه اللوحة النوبية الجميلة، التي تخصنا نحن النوبيين، ينبغي أن تصل للعالم، لإبهار بكل ما تشتمل عليه حضارتنا النوبية من جمال وأصالة.

كيف تتمنين أن يُذكر اسمك في عالم الموسيقى والفن النوبي؟

يلقبونني بي «سفيرة الغناء النوبي»، أتمنى أن أكون خير سفيرة، وأن أستطيع أن أُوصل فننا النوبي لجميع العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*