كان جنيد السوري زميلنا في جريدة الاقتصادية بالرياض مسنا، وسطيا، فاضلا، يؤم جمع العاملين في الصلوات.
حين يأتي أولاده بسيارتهم لأخذه للبيت يدخلون مكتبنا فيبوسون يده بتوقير عجيب.
عندما استفسرت قال:
هذا من تقاليدنا الممتدة أجيالا. ويضيف أنه عند دخوله البيت تصطف الأسرة كلها ويقبلون يده بدءا بزوجته، مرورا بأبنائه وبناته، وانتهاء بزوجات أولاده وحفدته!
كان مهموما بوضعهم الشائك بسوريا، فهو في معضلة .. إن ذهب زائرا وهو المشتاق، الغائب سنوات مديدة يعتقل ويستجوب بدقة وتفصيل تحت الوعيد والتنكيل، ثم الحبس، الذي قد يمتد حتى يموت في الأسر.
جرؤ مرة وبعث بزوجته وهي مجرد ربة بيت فلم تسلم من الأذى والتحقيق أياما عصيبة حتى عن زوارهم وأحاديثهم معهم .. الخ.
حكى جنيد مرة أن الأسد الأب اتصل مرة بالضابط المسؤول في مرفق مهم ليلا يسأل وعندما ذكر اسمه قال الأسد:
نعم والدك كذا ووالدتك وزوجتك وأولادك وجدك .. الخ حتى ذهل الضابط واستدرك أن كل شخص مرصود تماما.
لم يكن النظام السوري نظام حكم عاديا، بل كان اخطبوطا، شرسا، حديديا تمدد حكمه وطال.
خلاله مات زميلنا المحترم الجنيد منفيا دون ذنب خلاف خطه الإسلامي غير المتشدد مثل ألوف غيره .. ليته حضر اليوم الذي لكم تمناه.
أعتقد أن أبناء دلقو يذكرون حضوره مع زملاء جلسة الترحم على والدي بالجمعية وتلاوته الخاشعة ودعواته الرطيبة.
ورحل بشار مرغما لأن الليل مهما طال فلا بد من فجر يلوح، فشمخ قاسيون وصفق بردى.
لكن حين يرحل الحاكم القوي ترتخي حبال الضبط والربط وتلوح الفوضى وكلنا شهود كيف نهب الرعاع القصور وهي ملك عام.
في خضم التغيير المدوي يتربص الأعداء بالبلاد فها هي هضبة الجولان الاستراتيجية سقف سوريا، الذي شكل منصة ترقب لإسرائيل يسارع رئيس وزرائها الانتهازي نتنياهو ووزير دفاعها فيبسطان نفوذها عليه باحتلال مباغت وسط الهرج والمرج.
ثم ماذا بعد؟
لايزال المسلسل السرمدي في حلقاته الأولى.
دعواتنا بأن ينعم الشعب السوري بسلام مستدام مستحق يستوعب كل الشعب دون استثناء، بقيادة الرئيس البشير وصحبه وعلينا استلهام العبر والإبر.