رغم أن كتاب الدكتور فرنسيس دينق”صراع الرؤى نزاع الهويات في السودان” الذي ترجمه للعربية الدكتور عوض حسن كان حول جذور وتداعيات الصراع بين شمال السودان وجنوبه إلا أنه يكتسب أهميته لشموله البحثي الذي ينطبق على الصراع الماثل في السودان حتى بعد انفصال جنوب السودان وقيام دولته المستقلة.
الكتاب يعد عرضاً للطريق الذي سلكه السودانيون حتى وصلوا لوضعهم الحالي متخندقين في نزاع مزمن منذ فجر الاستقلال، ويطرح أيضاً التساؤل المطروح حالياً حول إمكانية إتخاذ هوية مشتركة تجمع التنوع المكون للنسيج المجتمعي السوداني.
تناول الكتاب بالبحث والتحليل أسباب تفاقم النزاعات منذ حكم الاستعمار البريطاني الذي تسببت سياساته في رسم الإختلاف، وفشلت الحكومات الوطنية خاصة الأنظمة العسكرية الديكتاتورية في معالجة أسباب الإختلاف، بل ساهم بعضها في تعميقه وبالأخص الأنظمة التي سعت لفرض هيمنة احادية مسيطرة ومهمشة لمكونات الهوية السودانية الأخرى.
ثمن الكتاب المساعي التي بذلت لتحقيق السلام والتعايش الإيجابي بين مكونات النسيج المجتمعي السوداني مثل إتفاقية أديس أببا 1972م التي وضعت حداً للنزاعات لفترة عقد من الزمان وأشار إلى حالات نقض العهود وعدم الالتزام بدفع استحقاقات السلام والعدالة والكرامة الانسانية للسودانيين جميعاً.
أوضح الكتاب كيف أن الحكومات الوطنية ورثت الانقسام الذي غرسته السياسة البريطانية والذي تطور وبلور إتجاهاً مسيحياً وغريياً ظل عقبة أمام الاندماج القومي السوداني.
لن أدخل في التفاصل المهمة الي أوردها الكتاب في فصولة عبر يليلة من الدرسات ولبحوث والاستطلاعات والاراء حول أزمة الهوية السودانية، وأنتقل بكم مباشرة إلى خواتيم الكتاب الذي وضع فيه الدكتور فرانسيس دينق برنامج عمل لمعالجة اثار الدمار وحجم الكارثة والمعاناة الانسانية التي ألحقتها الحرب بالسودان.
صحيح أنه أنه كان يتحدث عن الحرب في الجنوب لكن كانه يتحدث عن عن الحرب العبثية الانية وهو يبشر بالوحدة لهدف سام ونبيل ويدعو القيادات السودانية للسمو فوق الشقاق الحزبي والاتفاق على رؤية قومية تربط كل أهل السودان بالوطن بغض النظر عن معتقداتهم وأصولهم العرقية من أجل بلورة مصير مشترك لتحقيق السلام العادل يحافظ على وحدة السودان ويقدم نموذجاً مصغراً لأفريقيا و يكون حلقة وصل نشطة بينها وبين الشرق الأوسط.