خلتها لأول وهلة إحدى تخريجات الـ Ai، خاصة في خضم النزال الثقيل بين النسر الأصلع الأمريكي والحوت الأزرق الصيني والتي يبدو أنها لن تضع أوزارها قريباً.
المفاجأة كانت افتتاح فنان العرب محمد عبده موسم الرياض برائعة رائد التجديد، واحد شعراء مدرسة الديوان العربية الشاعر إدريس محمد جماع، وهي ذات الكلمات التي تغنى بها سفير الأغنية السودانية سيد خليفة قبل نصف قرن، حيث كانت تلك الفترة تشهد حراكًا ثقافيًا وفنيًا في العالم العربي، وخرجت قصائد سمتها العمق العاطفي واللغة الفصيحة.
القصيدة التي جاءت كرد عفوي من الشاعر – بحسب الرواية التي شكك الكثير في صحتها- عندما نظر لفتاة جميلة وهو على سفر، فأغضبت النظرة مرافق الفتاة، هذه النظرة كانت ملهمته لشعر عميق، أبرز قوة اللحظة في تشكيل المشاعر التي خلدها الزمن في ديوانه الوحيد “لحظات باقية” وبدأت بتساؤل:
أعلى الجمال تغار منا … ماذا عليك إذا نظرنا
هي نظرة تنسي الوقار … وتسعد الروح المعنّى
ليعود مخاطباً ذات الجمال:
دنياي أنت وفرحتي … ومنى الفؤاد إذا تمنّى
أنت السماء بدت لنا … واستعصمت بالبعد عنا
وقيل إن البيت الأخير هو أجمل ما قيل من شعر في العربية على الإطلاق، لذا وصف العقاد إدريس جمًاع بالشاعر المجنون.
أعاد فنان العرب ألق القصيدة في موسم الرياض ليعزز التزاوج بين القصائد المغناة على السلمين الخماسي والسباعي بدوزنة يجتهد الكثيرين في الفترة الأخيرة على تنشيطها، خاصة من الجانب السعودي حيث المطربة زينة عماد، والمطرب السعوداني حمود ومعن وغيرهم.
وعلى الضفة الأخرى من البحر الأحمر برز الفنان الراحل محمد الأمين بالأغنية الخليجية الأشهر “ناعم العود”، وقدم المطر ب حيدر محمد عثمان أغنية “رهيب” لعبد المجيد عبد الله، وسبق أن تغنى مطربين كبار بالسلم السباعي، منذ أيام الفنان الخالد إبراهيم الكاشف، والعاقب محمد الحسن، وعبد الكريم الكابلي، والكثير من أغنيات الفنان عبد القادر سالم واللونية الكردفانية.
ولتقريب الفهم للفرق بين السلمين الموسيقيين الخماسي والسباعي، نجد أن الأخير هو الأغلب استخداما في العالم، بسلميه الكبير والصغير – حسب لغة آهل الموسيقى – ( Major and minor) وهو يتكون من الأصوات السبعة الرئيسة في الموسيقى (دو، رى، مى، فا، صول، لا، سى) أي انه يتكون من كل الأصوات الموسيقية أول الأصابع البيضاء جميعها على البيانو، أما السلم الخماسي فيتكون من خمس أصوات فقط، وتجدها على الأصابع السوداء في البيانو.
وبالعودة إلى قصيدة (أ على الجمال تغار منا) المغناة ففد اعتبرها البعض خطوة مباركة لتطويع الفنون لتجسير العلاقات بين الدول الشقيقة من الناحية ناحية الفنون والثقافة.
هلا رحمت متيما … عصفت به الأشواق وهنّا
وهفت به الذكري فطاف … مع الدجى مغنا فمغنا
هزته منك محاسن … غنى بها لما تغنّى
آنست فيك قداسة … ولمست إشراقا وفنّا
ونظرت في عينيك … آفاقا وأسرارا ومعنى
وسمعت سحريا يذوب … صداه في الأسماع لحنا
نلت السعادة في الهوى … ورشفتها دنّا فدنّا