أيها الجنوبيون اتحدوا واتركوا الحرب خلفكم

أيها الجنوبيون اتحدوا واتركوا الحرب خلفكم
  • 14 مارس 2025
  • لا توجد تعليقات

ياسر عرمان

(١)
يحزنني غاية الحزن ما يجري في أعالي النيل وفي منطقة الناصر بجنوب السودان، هو لا يتناسب مع النضالات الطويلة والتضحيات الكبيرة التي قدمها شعب جنوب السودان من أجل تقرير مصيره ومستقبله، وأدرك أن طريق الجنوبيين لم يكن سهلاً وأن هنالك مرارات خلفتها الحرب الأهلية ومصاعب مصاحبة لمستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي يطرح تحديات ضخمة على طريق البناء الوطني، والأخطاء التي ترتكبها النخب في هذا الطريق الشائك والمعقد، لكن ما يهمني هنا أنني أثق وأدعو لتقليب مخزون الحكمة العميق الذي يمتلكه شعب دولة جنوب السودان وقبائله في السمو فوق الجراحات، وكل تنازل يقدم لتفويت الفرصة والوقوف ضد إرجاع شعب جنوب السودان للحرب فهو تنازل لا شك أفضل من الحرب ألف مرة.

(٢)

كنت أود أن أكتب هذه الرسالة في وقت مبكر ولكن انتباهي توزع في الأيام القليلة الماضية بسبب ما حدث لي في مطار جومو كينياتا بنيروبي كينيا، ومع ذلك فإن الجنوب لم يغب عن ذهني وخاطري ففي حديثي مع ضباط الإنتربول الكيني مررت على جنوب السودان، فقد زرت كينيا للمرة الأولى في عام ١٩٨٨ وكنت عندها في ريعان الشباب ووهج البدايات عند خريف ماطر لا يتوقف في ذلك العام، كنا في شرق الإستوائية مع قائدنا وأخانا الكبير دكتور جون قرنق دي مابيور بالقرب من مدينة كبويتا وفي رئاسته المتحركة وقد طلب منا أن نذهب في مأمورية للحدود الكينية وكان المطر لا يتوقف صباحاً ومساءً وأخذنا حوالي يومين للوصول للحدود ولمدينة لوكي شوقيو، كنا مع الغائبين الحاضرين عزيزنا بيور أسود ولوقشو لوكني ومع الأعزاء القائد كوال مينانق وويياي دينق أجاك وقير شونق وآخرين وذهبنا فيما عدا الرفيق كوال بطائرة كينية خاصة أرسلها الرئيس أرب موي لقرنق وهبطت بنا في مطار ناكورو وأمضينا ليلتين في القصر الرئاسي بالمدينة وعدنا لشرق الإستوائية مرة أخرى بصحبة أخانا الكبير قرنق مبيور، وقلت لضابط الإنتربول إن جذور علاقتي مع كينيا ترجع لذاك العام ١٩٨٨.

(٣)

سعدت أيما سعادة بخطاب الرئيس سلفا كير الذي دعا بحزم للسلام ورفض الحرب، وبرد الدكتور رياك مشار نائب الرئيس، وأن أكبر خدمة تقدم لشعبي دولة جنوب السودان ودولة السودان هو تفادي الحرب وعدم السماح لمن يعملون في داخل جنوب السودان أو خارجه لإشعال الحرب، وأحزنني سقوط الضحايا وأدعو لهم بالرحمة وأن يكونوا زاداً لبناء وتطور الجنوب وأخص بالتعزية أسرة اللواء مجور داك والذي عرفته معرفة شخصية منذ سنوات حرب التحرير، والرحمة لكل من سقط في الأحداث الأخيرة وليكن السلام هو الهدية لتلك الأرواح التي ذهبت إلى بارئها والمجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام.

(٤)

حرب السودان الكارثية والمؤلمة والتي أزهقت الأرواح وشتت المجتمع وأدّت لانهيار الدولة وشربت من دم الشباب وشهدت انتهاكات واسعة ضد النساء والأطفال والشيوخ، ولأن الجنوبيين هم أهلنا وأقرب شعوب الأرض قاطبة لنا لا نريد لهم نفس المصير ونحن جميعاً في خاتمة المطاف سودانيين، وحرب السودان هي درس لكي لا يدخل الجنوب في هذا النفق المظلم ونحن نحتاج الجنوب في ظل مأساة السودان ، فدخول البلدين في حروب أهلية سيجلب المصائب في كل الأقليم، ولا أحد بإمكانه أن يعطي الجنوبيين دروساً في مأسي الحروب.
أيها الجنوبيون بالله تفادوا الحرب واتركوها خلفكم ولكم محبة من سويداء الفؤاد لا تغيب ولا تنطفي وأنتم دوماً في القلب والخاطر.
عاشت السودانوية مكاناً يسع الجميع
والمجد لأواصر المحبة بين السودانيين في دولتي السودان.

١٠ مارس ٢٠٢٥

الوسوم  ياسر-عرمان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*