الأحد - 15 شوال 1446 هـ , 13 ابريل 2025 م

الأمم المتحدة تحذر من التداعيات الإنسانية في دارفور وسط تصاعد العنف ونزوح آلاف المدنيين

ما وراء زيارة مدير المخابرات المصرية إلى السودان؟

ما وراء زيارة مدير المخابرات المصرية إلى السودان؟
مكاوي الملك


في توقيت حرج وتحولات إقليمية متسارعة، جاءت زيارة مدير المخابرات العامة المصرية، اللواء حسن رشاد، إلى مدينة بورتسودان، لتفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية تتجاوز المجاملات الدبلوماسية والتصريحات الإعلامية. لم تكن الزيارة بروتوكولية أو دبلوماسية كما صوّرتها وسائل الإعلام

‏وفقاً لما تم الإعلان عنه في وسائل الإعلام ، سلّم رشاد رسالة شفوية من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أكد فيها دعم مصر الثابت للسودان ووحدته في مواجهة التحديات. إلا أن ما لم يُذكر في الإعلام، أخطر بكثير مما قيل أمام الكاميرات.

‏ففي الوقت الذي تواصل فيه مليشيا الدعم السريع المدعومة إماراتياً وإسرائيلياً الهروب من هزائمها في وسط السودان، بدأت بالتحشيد في الصحراء الكبرى ، مستهدفة الحدود الليبية-السودانية-المصرية، في محاولة للضغط ايضاً على مصر من الخلف، تنفيذاً لأجندة إسرائيلية تريد تفجير خاصرة مصر الجنوبية، وتشتيت جهودها عن ملف غزة.

‏الحرب في السودان لم تعد شأناً داخلياً

‏المعركة التي تخوضها القوات المسلحة السودانية اليوم ضد مليشيا حميدتي وداعميها في الإمارات ليست معركة سيادة سودانية فقط، بل هي جزء من مشروع إقليمي يستهدف أمن مصر القومي أيضاً. فالإمارات، بتحريض وتنسيق وتخطيط مباشر من إسرائيل، ترسل شحنات المرتزقة بطائراتها من نيالا إلى ليبيا يومياً ومن الامارات فنيين ومهندسين الأنظمة والمسيرات إلى ليبيا ، وتجهّز الجبهة الغربية السودانية لتكون منصة ضغط جديدة على القاهرة وبورتسودان.

‏الضغط الإسرائيلي على مصر… عبر السودان

‏في الوقت الذي ترفض فيه مصر أي محاولة لفرض التهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء، تضغط إسرائيل عليها من الخلف، عبر بوابة السودان. خطة مدروسة: تنقل المعركة من غزة إلى الجنوب، عبر تسليح مليشيات الدعم السريع وتوجيهها لفتح جبهة جديدة تبدأ من دارفور وتمر عبر الحدود الليبية والتشادية، وصولاً إلى التخوم الجنوبية الغربية لمصر.

‏مصر تدرك هذا السيناريو جيداً. وقد دفعت مؤخرا بمنظومات دفاع جوي متقدمة من نوع S-300 إلى حدود غزة وبدأت استعدادات فعلية ، لكنها بدأت أيضاً في تعزيز وجودها العسكري والاستخباراتي في الجنوب. لماذا؟ لأنها تعرف تماماً أن إسرائيل لا تحارب بجيوشها ، بل بمرتزقتها، ومليشياتها ، وأذرعها المالية والعسكرية في المنطقة.

‏زيارة رشاد: ما لم يُعلن

‏لهذا السبب، جاءت زيارة اللواء حسن رشاد إلى السودان. الهدف الأساسي منها لم يكن المجاملة ولا التنسيق التقليدي، بل تشكيل غرفة عمليات مشتركة، وتأمين المناطق الحدودية الحساسة، وتوسيع التعاون في مجالات الاستطلاع الجوي، والمراقبة الصحراوية، وتبادل المعلومات الاستخباراتية في ظل تصاعد المخاطر.

‏مصر تعلم أن المليشيا المدعومة من الإمارات تُدار بأجندة إسرائيلية واضحة، والهدف هو ضرب خاصرة مصر من الجنوب، واستغلال انشغالها بملف غزة لإرباكها في الصحراء. فالمساحة الجغرافية المفتوحة، وغياب العوائق الطبيعية، تجعلان من الحدود الجنوبية الغربية مسرحاً مثالياً للعمليات السيبرانية، وزرع الخلايا التخريبية، وتهريب السلاح، وتنفيذ عمليات تهدف إلى إضعاف الدولة المصرية.

‏الخلاصة: معركة بوجهين

‏مصر لا تتحرك في السودان بدافع التضامن فقط ، بل لحماية أمنها القومي من تهديدات لم تعد خفية. فالسودان، رغم جراحه، يخوض اليوم معركة بالنيابة عن المنطقة كلها. والمعركة واحدة: ضد مليشيا ممولة ومدربة، تنفذ أجندة خارجية، تسعى لضرب استقرار دولتين في وقت واحد.

‏زيارة مدير المخابرات المصرية هي رسالة واضحة: مصر لن تسمح بتطويقها من الجنوب، والسودان لن يواجه هذا العدوان وحيداً.

‏عذراً، بخصوص التحركات الدولية والإجراءات المرتقبة، سنوضحها في مقال أو منشور لاحق.


‏⁧‫

لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

حجز اسمكم المستعار سيحفظ لكم شخصيتكم الاعتبارية ويمنع الآخرين من انتحاله في التعليقات
دخول سجل اسمك المستعار
حجز اسمكم المستعار سيحفظ لكم شخصيتكم الاعتبارية ويمنع الآخرين من انتحاله في التعليقات
التعليق كزائر سجل اسمك المستعار نسيت كلمة المرور
حجز اسمكم المستعار سيحفظ لكم شخصيتكم الاعتبارية ويمنع الآخرين من انتحاله في التعليقات
التعليق كزائر سجل اسمك المستعار نسيت كلمة المرور