ماذا قال شيخ الأزهر وغوتيرش وقادة دول عن رحيل البابا فرنسيس.. نصير المظلومين والمُهمشين؟

رحل، اليوم، البابا فرنسيس، الذي كان صوتا قويا ومنصفا، إذ دعا وسعى إلى نشر قيم السلام والمحبة والعدالة، وناصر الفقراء والمظلومين والمهمشين ، وبرحيله فقَد دعمه أصحاب القضايا العادلة في فلسطين، وضحايا الحروب في لبنان ، والسودان واوكرانيا، وغيرها من مناطق التوتر والأزمات في العالم.
العالم الإسلامي فقد رجلا كان حريصا على تعزيز العلاقة مع المسلمين، وفقده المسيحيون، إذ كان “رائدا إصلاحيا سعى جاهدا لاصلاح الكنيسة الكاثوليكية ، وتميز برفضه للتطرف، ودعمه للحوار بين أصحاب الأديان والثقافات.
وكان الفاتيكان أعلن صباح اليوم 21 أبريل 2025 وفاة البابا ( 88 عاما) وهو أول ” حبر أعظم” من خارج أوروبا ، ومن أصول لاتينية، ، وجلس على كرسي الموقع الديني، المهم في العالم ، بعد انتخابه في العام 2013.
وركز في آخر ظهور له أمس، في كلمته الأخيرة، على قضايا عدة بينها السلام وحقوق الإنسان ، وقد دعا إلى وقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن الاسرائيليين، و”مساعدة الشعب الذي يتضور جوعا ويتوق إلى مستقبل يسوده السلام” وكان دعا غير مرة إلى وقف الحرب الاسرائيلية على غزة.
استقبال البابا في بيت لحم
وإذ قال “أنا قريب من آلام المسيحيين في فلسطين وإسرائيل، أكد ” أنني قريب من الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني” ورأى أن “تزايد مناخ معاداة السامية الذي ينتشر في أرجاء العالم يبعث على القلق الشديد”.
وأضاف “في الوقت عينه، يتوجّه فكري إلى شعب غزة، ولا سيما إلى الجماعة المسيحية فيها، حيث ما يزال النزاع الرهيب يولِّد الموت والدمار، ويسبب وضعا إنسانيا مروّعا ومشينا”.
وشهدت فترته خطوات عملية لتعزيز العلاقة مع المسلمين، وارتبط بعلاقات طيبة مع شيخ الازهر، الشيخ أحمد الطيب، وكان زار العراق والتقى المرجعية الشيعية ، و زار بيت لحم في فلسطين، وهي مهد المسيح ، ومن أبرز مواقفه دعوته إلى ضرورة إجراء تحقيق دولي بشأن العمليات العسكرية الاسرائيلية في غزة وهل ترقى إلى ” إبادة جماعية”؟.
وكان زار دولة الإمارات العربية المتحدة في أول زيارة من نوعها لدولة خليجية، و اسفرت عن توقيع “وثيقة الأخوة الانسانية” مع شيخ الأزهر أحمد الطيب، في أبو ظبي، في 4 فبراير 2019، ووصفت بانها تاريخية.
يُشار إلى أن الوثيقة هي إعلان مشتركً يحُض على السلام بين الناس في العالم، وتهدف إلى أن تكون دليلًا للأجيال القادمة لتعزيز ثقافة الاحترام المتبادل، والاعتراف بان البشر جميعًا أفراد أسرة إنسانيةٍ واحدة .
توقيع الوثيقة أكد عمق العلاقة والصداقة بين البابا و شيخ الأزهر ، وحرصهما على اشاعة ثقافة الحوار والتعاون بين الأديان.
وجاءت أبرز المواقف بعد رحيل البابا على لسان الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب، الذي نعى “أخاه في الإنسانية” مشيرا إلى ” رحلة حياة سخَّرها في العمل من أجل الإنسانية، ومناصرة قضايا الضعفاء، ودعم الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة.
وأضاف” أن البابا فرنسيس كان رمزًا إنسانيًّا من طراز رفيع، لم يدخر جهداً في خدمة رسالة الإنسانية، وقد تطوَّرت العلاقة بين الأزهر والفاتيكان في عهده؛ بدءاً من حضور قداسته لمؤتمر الأزهر العالمي للسلام عام 2017، مروراً بتوقيع وثيقة الأخوَّة الإنسانية التاريخية عام 2019، التي لم تكن لتخرج للعالم لولا النية الصادقة، رغم ما أحاط بها من تحدياتٍ وصعوباتٍ، إلى غير ذلك من اللقاءات والمشروعات المشتركة التي توسَّعت بشكلٍ ملحوظٍ خلال السنوات الماضية، وأسهمت في دفع عجلة الحوار الإسلامي-المسيحي”
وسارع عدد من قادة المنطقة و العالم إلى نعي البابا فور الإعلان عن وفاته ، وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن البابا كان ” شخصية استثنائية ، وكرس حياته لخدمة قيم السلام والعدالة” و” أنه ” ترك ارثا انسانيا عظيما سيظل محفورا في وجدان الانسانية”.
ورأى الرئيس اللبناني جوزيف عون أن رحيله “خسارة للبشرية جمعاء ، فقد كان صوتا للعدالة والسلام ونصيرا للفقراء والمهمشين وداعية للحوار بين الأديان والثقافات”، أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس ” فقال “فقدنا صديقا مخلصا لشعبنا وحقوقه المشروعة”.
ونعاه البيت الأبيض ونشر صورة لقائه مع الرئيس دونالد ترامب، وقال وزير الخارجية ماركو روبيو “في يوم الاثنين من عيد الفصح، تلقينا أنا وجانيت نبأ وفاة البابا فرنسيس ببالغ الحزن والأسى. نحن ننضم إلى الكاثوليك في جميع أنحاء العالم للصلاة من أجل راحة روح الحبر الأعظم، ومن أجل هذه الفترة الانتقالية للكنيسة الكاثوليكية. فليرقد بسلام”.
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون شدد على أن البابا ” كان يقف دوما إلى جانب الضعفاء” ، ووصفه الرئيس الاسرائيلي اسحق هرتسوغ بأنه ” كان مُحقا بشأن تعزيز العلاقات مع العالم اليهودي” .
و قدمت الخارجية الايرانية ” تعازينا لكل مسيحي العالم”، وتوجه المستشار الألماني أولاف شولتز بـ” تعازيه للمؤمنين في جميع أنحاء العالم”.
ماذا قال غوتيرش عن البابا فرنسيس؟
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش “قداسة البابا فرنسيس” بأنه “رسول الأمل والتواضع والإنسانية”، وكان “صوتا ساميا من أجل السلام والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية”.
وأضاف في بيان أن إرث البابا فرنسيس متمثل في “الإيمان والخدمة والتعاطف مع الجميع، وخاصة أولئك الذين تُركوا على هامش الحياة أو حوصروا برعب الصراع”.
وقال إن البابا كان “رجل إيمان لجميع الأديان”، وأنه عمل مع أناس من جميع المعتقدات والخلفيات لإضاءة الطريق إلى الأمام، وأن الأمم المتحدة “استلهمت بشكل كبير من التزامه بأهداف ومُثل منظمتنا”، وأنه نقل هذه الرسالة في اجتماعاته مع البابا فرنسيس.
كما ذكر زيارة البابا التاريخية لمقر الأمم المتحدة عام 2015، ولفت انه تحدث عن “أسرة بشرية موحدة”، وأشاد بإدراكه بأن “حماية بيتنا المشترك هي، في جوهرها، مهمة ومسؤولية أخلاقية عميقة تقع على عاتق كل شخص”.
واقتبس الأمين العام كلمات البابا فرنسيس: “إن مستقبل البشرية ليس حصريا في أيدي السياسيين والقادة العظماء والشركات الكبرى بل هو، قبل كل شيء، في أيدي أولئك الأشخاص الذين يتعرفون على الآخر باعتباره ‘أنت’ وأنفسهم كجزء من ‘نحن”
وخلص غوتيرش في بيانه إلى التعبير عن أمله في أن “يتبع عالمنا المنقسم والمتنافر مثاله في الوحدة والتفاهم المتبادل”، وقدم خالص التعازي للكاثوليك و جميع الذين استلهموا من الحياة الاستثنائية ومثال البابا فرنسيس.
رحيل البابا فرنسيس يشكل تحديا للكنيسة الكاثوليكية التي ستنتخب البابا الجديد، ويثير تساؤلات عدة، فهل سيكون البابا الجدبدمن أميركا “ترامبيا” اي على طريقة نهج الرئيس الأميركي ترامب كما قال بعض المعلقين، أم من أوروبا، أو من موقع آخر في العالم؟.
وهل سيكون البابا الجديد ملتزما بالنهج الاصلاحي للكنيسة الكاثوليكية الذي اتبعه البابا الراحل؟ وهل سيواصل نهج الحوار مع أصحاب الأديان، وحريصا على شر ثقافة التسامح في العالم؟ وملتزما بـ ” وثيقة الأخوة الانسانية” التي وقعها البابا الراحل وشيخ الأزهر؟، وهل تتصدر هموم المضهدين والمظلومين في فلسطين والسودان والعالم أولوية لدى البابا الجديد؟
الأسئلة كثيرة..
العالم ينتظر ليعرف ملامح نهج البابا الجدبد..