ضفاف شاردة..خَلِي رُوحَك رِياضية

(خَلِي رُوحك رِياضية).. بهذه العبارة العميقة جسدت الرياضة سلوكيات مُمارسيها (لاعبين- وإداريين- وجمهورًا)، فهي ترجمة واقعية لبسط قيم التسامح بين الأفراد والجماعات والكيانات، حيث يتعلم الجميع احترام الآخرين وقبول النتائج المختلفة وتبادل التهاني وجبر خاطر من لم يُحالفه الانتصار، وبذلك نبني جسورًا نعبر بها إلى قلوب الآخرين- بلا رهق أو تكلف.
ولأن ممارسة التنافس الرياضي من خلال الاتحادات المختلفة محفوفٌ بالاحتكاكات والانفعالات المتباينة داخل الملعب وخارجه؛ تتشكل لجنة انضباط حتى لا تخرج من السمو بالأخلاق التي تقف في أعلى سنام التنافس الشريف، بهذه المفاهيم والموجهات العامة لم يلجأ الخبراء للبحث عن طُرق وآليات لاستدامة الرياضة، بقدر ما سعوا لتطويرها وتعزيز دورها الرائد في تشبيك المجتمعات وغرس قيم المحبة بين الشعوب، حتى غدت سفارة ودبلوماسية تفعل ما لا تفعله المحافل السياسية.
هذه التفاصيل ليس ترفًا، أو تجملًا، بل هي نواة صلبة لتقوية النضج العاطفي والقدرة على التعامل مع تحديات الحياة المختلفة، ويبقى السؤال المهم؛ كيف يمكن الاستفادة من عظمة هذا الموروث الرياضي في الارتقاء بمجتمعاتنا المختلفة التي بدأت تتآكل من فرط تفشي إفرازات الاختلاف بين المكونات؟ هل يمكن أن يكون الرضا بالهزيمة الرياضية وتهنئة المنتصر والعمل في برامج واحدة أنموذجًا لإدارة الشأن العام؛ بدءًا من تنفيذ المشاريع التنموية انتهاءً بالتداول السلمي للسلطة مثلًا؟ هذه القيم الرياضية ترسخ ثقافة الاحترام المتبادل في العمل السياسي، مما يقلل من حدة التوتر ويعزز الحوار البناء لتحقيق المصلحة العامة.
والسؤال الذي يتقافز في ذهني مرارًا، ماذا سيحدث إذا طبقنا هذه الروح الرياضية في ممارستنا السياسية والمجتمعية؟ ليس بقبول النتائج فحسب، بل في صناعة واقع سياسي بروح رياضية كاملة الدسم، حتمًا وبكل تأكيد ما كانت بلادنا ستصل إلى هذه المرحلة من الحروب والاقتتال ونبذ الآخر والفجور في الخصومة مع المُختلف معه فكريًا، ويحدونا أمل كبير وطموح عالٍ في تبني الوسط الرياضي لمبادرات عملية في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، وإعداد مصفوفة مُحكمة لمحاربة ونبذ خطاب الكراهية والجهوية القبلية والمناطقية؛ وذلك بالتعاون مع المفكرين والسياسيين وحملة الأقلام الوطنيين.
صحيفة “آكشن إسبورت” – العدد الأول