لندن – التحرير:
وصف القيادي بالحزب الشيوعي السوداني في المملكة المتحدة وايرلندا الدكتور محمد الحسن القدال “نظام الحكم الحالي في السودان (نظام الرئيس عمر البشير) بأنه فاشي” لكنه رأى أن “الحكم الحالي في السودان نتيجة تراكمات وأخطاء كثيرة، وأن هؤلاء (حكام اليوم) مُهًد لهم الطريق”.
وأضاف ” قبل التفكير في اسقاط النظام لابد من التفكير في قضايا عدة في صدارتها الهوية والأرض والصحة والتعليم، ودعا إلى مواجهة هذه القضايا بشجاعة.
وكان القدال يتحدث في ندوة، نظمها الحزب الشيوعي السوداني في العاصمة البريطانية مساء السبت (16 ديسمبر 2017) بعنوان “كيف انتهى السودان إلى دولة فاشلة”، وحضرها حشد من السودانيين من الجنسين، وشهدت نقاشاً شارك فيه عدد من الشخصيات، حول قضايا السودان.
وركزت محاور الندوة على ” تعريف الدولة الفاشلة بحسب المعايير الدولية، وتحليل برنامج حركة اللواء الأبيض والخلل الذي شابها، والقصور في برنامج مؤتمر الخريجيين وسطحية ذلك البرنامج، ونقد برامج الأحزاب التي حكمت السودان منذ الاستقلال وأساب هشاشة الدولة السودانية، والمخاطر الإقليمية التي تهدد وجود السودان كدولة ، والمخرج”.
واستهل الندوة بالحديث عن تعريف الدولة الفاشلة أو الهشة وقال إن ” دولتنا هشة وفاشلة وحرامية”، مشيراً إلى أن السودان تبوأ المركز الثالث في قائمة الدول الفاشلة في العام 2013، ثم تبوأ المركز الخامس في العام 2017 (في الصدارة دولة جنوب السودان و الصومال وافريقيا الوسطي واليمن والسودان)، ولفت إلى أن الموقع الخامس لا يعني تحسن الأوضاع في السودان ، وعزا ذلك إلى أن دولة جنوب السودان صارت أول دولة فاشلة، كما احتلت اليمن المركز الرابع.
وفيما أكد أن هناك تدهوراً عميقاً في الدولة السودانية، بسبب ” النظام الفاشي بقيادة الاخوان المسلمين”، رأى أن ” حكم الإخوان المسلمين للسودان طوال العقود الثلاثة الماضية هو تتويج لتراكمات سياسية أدت إلى أن تكون الدولة السودانية دولة هشة”.
وقال إن ” اسباغ صفة الدولة العميقة خطأ”، وتحدث في هذا السياق عن الأسباب التاريخية والسياسية التي أدت إلى هذه الهشاشة” مشيراً إلى ” اتفاقية (معاهدة) البقط” و لفت إلى ما وصفه بـ”الدور الذي لعبته في خنق الحضارة السودانية “، وأشار إلى أن ” الممالك النوبية وصلت حتى فلسطين، وأن الغزو الغربي لمصر أقام حاجزاً بين الممالك النوبية وأوروبا”.
وتحدث أيضاً عن نتائج ” غزو محمد علي باشا للسودان واستعماره”، ورأى أن ” مملكتي الفونج وسنار كانتا مملكتين اقطاعيتين، وأن الإقطاع يحمل في أحشائه أسباب فنائه، وقد فشلتا في تكوين أنظمة مركزية “، كما تحدث عن ” الاستعمار التركي المصري” و” الثورة المهدية”، التي رأى أن ” أسباب نجاحها هي أسباب سقوطها”، وقال إن ” الفكرة الدينية في قيام الثورة المهدية لها إيجابيات وسلبيات، كما تحدث عن ” حركة اللواء الأبيض ومؤتمر الخريجين”.
وتناول ” محاضر مؤتمر الخريجين 1939-1947″ التي تضمنت ” محاربة الأمية وارسال الطلبة السودانيين إلى المدارس المصرية وانشاء صندوق التعليم” كما تناولت ” الإصلاح الاجتماعي” وتضمن ذلك ” محاربة الخفاض والشلوخ ، وقصر أيام المأتم على ثلاثة أيام” وقضايا اجتماعية واقتصادية أخرى”، ووصف ” هذا البرنامج بأنه ” بائس ولا يتصدى للقضايا الأساسية مثل قضية التنمية وإدارة التنوع الاثني والثقافي”.
وأشار في سياق حديثه إلى أنه “عندما تسلمت حكومة إسماعيل الأزهري مقاليد الحكم ( الخمسينات) كان الشيوعيون يسيطرون على اللجنة المركزية لنقابة عمال السكك الحديد، ولجنة اتحاد نقابات عمال السودان، كما كان لهم نفوذ في نقابات أخرى”.
وقال إن “وزير العدل الشيخ علي عبد الرحمن صرح في أكتوبر 1954 بان الحكومة ستقدم للبرلمان مشروع قانون لمحاربة الشيوعية، توطئة لعرضه على البرلمان، لأن الشيوعيين استغلوا فرصة عدم وجود هذا القانون للقيام بنشاط تخريبي واسع”.
وأضاف القدال أن “اتجاه الحكومة لإصدار قانون لمحاربة الشيوعية قوبل بمعارضة من كثير من الأحزاب والهيئات والشخصيات العامة ، وقد تم التعبير عن هذا الموقف في وثيقة وقع عليها حزب الأمة، الحزب الجمهوري، الجبهة المعادية للاستعمار، اتحاد نقابات عمال السودان، اتحاد مزارعي مشروع الجزيرة، الجماعة الإسلامية، وجماعة الفكر السوداني، ووقع عليها من عدد من الشخصيات العامة ، بينهم محمد أحمد محجوب، وحسين الهندي”.
وتحدث عن تاريخ الحركة الوطنية في السودان، وانتقد في اطار حديثه ما ذكره بروفيسور محمد عمر بشير في كتاب ( تاريخ الحركة الوطنية في السودان 1900- 1969، وقال إنه قسم السكان إلى أربع مجموعات رئيسية هي النوبيون والبجا والمتزنجون والعرب، وأشار إلى إن المؤلف قال “توجد مجموعات أخرى من الأجناس أقل أهمية مثل الفور والنوباويين والأنقسنا”.
وأضاف القدال أن ” الأستاذ الطيب صالح نفى في ندوة بنقابة الأطباء أن يكون في السودان تفرقة عنصرية”، كما تحدث القدال في الندوة عن علي عبد اللطيف وثورة 1924.
وبشأن مستقبل السودان شدد على أهمية التركيز على قضايا أساسية تتمثل في ” الهوية والأرض والتنمية المتوازنة والبنية التحتية والتعليم والصحة وفصل الدين عن الدولة”.
وكان لافتاً قوله إن “مجموع من كانوا يعملون في الدولة والقطاع الخاص عشية الاستقلال أي العمل بأجر يبلغ 150 ألف شخص من مجموع نحو 10 ملايين سوداني”، وأضاف “أن اللغة العربية عشية استقلال السودان كانت هي لغة 38 في المئة من السكان”، مشيرا إلى لغات الدناقلة والسكوت والمحس والكنوز ( الخ).
وانتقد في سياق حديثه الحزب الشيوعي، وقال ” إذا كنا نريد من جماهير الشعب السوداني انتخاب الحزب الشيوعي ديمقراطياً لتولي السلطة، فلماذا أهملنا العمل وسط أغلبية جماهير الشعب وحصرنا حزبنا في المدن”.
ودار نقاش أثناء الندوة، وتباينت الرؤى، وطُرحت آراء مؤيدة ومعارضة لبعض الرؤى التي طرحها القدال، ورأت بعض الشخصيات التي تحدثت في الندوة أنه ” لا توجد دولة في السودان” و” كلام القدال عن أن ما جرى سابقاٌ في السودان هو نتيجة تراكمات هو تبرئة للنظام من أفعاله” و” أن العلاقة بين الأحزاب يسودها التآمر وعدم الثقة” و” لا يوجد شيء اسمع فصل الدين عن السياسة”، و” أن أغلب السودانيين في الخرطوم ضد النظام لكن لا توجد قيادة” و” العصيان المدني والاضراب المفتوح هو الطريق لاسقاط النظام”، وأن ما جاء في كتاب بروفيسور محمد عمر بشير لا يقلل من مجموعات سودانية لأنه كان يتحدث عن نسبة وعدد مجموعات سكانية، وبينها أهل دارفور.
وفي تعليقه على المداخلات والأسئلة قال القدال ” أنا مع فصل الدين عن الدولة”، وأن ” النظام (نظام البشير) يجب أن يزول اليوم قبل الغد بانتفاضة محمية” و” ” أن أهل دارفور هم غالبية أهل السودان بالأمس واليوم”، و” نحن ( الحزب الشيوعي) حزب صغير، لكن كانت لنا أدوار مهمة، وكما قال عبد الخالق محجوب نعمل لخلق الوعي من أجل التغيير”، وخلص إلى أن ” النظام ( في السودان) ضد الإنسانية وحقوق الانسان وفاشي” .
وكانت عبير مصطفى محمد صالح أدارت الندوة.