الخرطوم – التحرير:
قال الأستاذ محجوب محمد صالح ناشر ورئيس تحرير صحيفة الأيام: “إن الحكومة تخطئ خطأ عظيماً لو ظنت أنها أنقذت الجنيه السوداني، ومكّنته من أن يسترد عافيته أمام العملات الأخرى لمجرد تحسّن موقفه نتيجة إجراءات أمنية وإدارية”، وأكد أن هذا تحسّن مؤقت ومفتعل، ولا يمس جوهر الأزمة الناتجة عن خلل هيكلي في الاقتصاد السوداني.
وأشار في مقاله الجمعة (32 فبراير) إلى أن الحكومة ستكتشف لاحقاً أنه حتى هذا التحسن المؤقت الذي حدث نتيجة لاعتقال تجار العملة، ومنع المصارف من تغذية حسابات العملاء بعملات أجنبية لا تأتي عبر النظام المصرفي، وتجفيف السيولة عبر تباطؤ المصارف في صرف شيكات عملائها؛ ستكون لها نتائج سالبة تؤثر في مصداقية المصارف، وستزيد على المدى المتوسط من إحجام المواطنين عن إيداع أموالهم في البنوك.
وأضاف: “ليس غريباً أن تلجأ الحكومة للحلول الإدارية والأمنية في محاولة لوقف تدهور العملة الوطنية؛ لأنها منذ البداية آثرت أن تتعامل مع (الأعراض) بدلاً من أن تتعامل مع أمراض الاقتصاد السوداني، وبالتالي أصبحت معالجاتها كلها ذات طبيعة أمنية (اعتقالات تجار العملة)، وطبيعة إدارية (حمل المصارف على تحجيم السيولة)، رغم أن كثيراً من الاقتصاديين – من بينهم منتمون للحزب الحاكم – نبّهوا إلى ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للخلل الاقتصادي”.
وأكد الأستاذ محجوب محمد صالح في مقاله أن مثل هذه السياسات يستحيل أن تنتج شرعية ملهمة للمنتجين حتى يرفعوا الإنتاج أو الإنتاجية، كما أن النظام يصبح غير مؤهل لتحقيق السلام والاستقرار بحلول منصفة للقضايا التي قادت في المكان الأول للنزاعات المحتدمة حالياً.
وقال: “إن المدخل لعلاج الأزمة الاقتصادية مدخل سياسي، ولا بدّ أن يتأسس الحل على وفاق قومي وحكومي وحكومة قومية شاملة التمثيل لكامل القوى السياسية، وتمتلك برنامجاً تنموياً متفقاً عليه، يبدأ تنفيذه في فترة انتقالية تشهد تصدياً جماعياً للمشاكل التي تواجه البلاد، فتحقق السلام والاستقرار أولاً، وتطبع الأوضاع مع المجتمع الدولي ثانياً، حتى يتم إطفاء الديون التي تثقل كاهل الاقتصاد السوداني”.
وأشار صالح إلى أن مثل هذا النظام هو الذي يستطيع أن يستنفر الشعب السوداني، ويحفزه لزيادة الإنتاج والإنتاجية والعمل الدوؤب، للخروج من عنق الزجاجة الذي دخل فيه الاقتصاد السوداني، ويتعامل مع جموع الشعب، بإعتبارهم مواطنين يساهمون في صناعة القرار الوطني، لا (رعايا) يؤمَرون فيطيعون.